Sunday 6th February, 2000 G No. 9992جريدة الجزيرة الأحد 30 ,شوال 1420 العدد 9992



منطق
الاحتفاء بالتراث في زمن الثقافة
د, عبدالله بن عبدالرحمن آل وزرة

هناك فئة من مثقفي هذا العصر ممن ينتسب في الاصل الى ثقافتنا, انسلخوا من واقعهم وأصولهم، فهم يأنفون من اعلان الانتساب الينا ثقافيا، بل ويرفضون الاحتفاء بالتراث ويطالبون بفصله نهائيا عن مفهوم الثقافة، وربما ذهب بعضهم الى أبعد من ذلك برفضهم الاحتفال بالتراث وانكار نسبته الى الثقافة، وذلك لزعمهم بارتباط بعض عناصر تراثنا المجيد بفترات الظلمة والتشرذم, فمثلا هذه الفئة ترفض أن تذكر الصحراء أو الجمل والحصان في عالمها المتغرب فكرا ووجدانا، ثم تجدهم وقد انتصروا لفكر بعيد كل البعد عن الانسانية والمنطقية لأنه ببساطة لا يتفاعل مع وجدان الناس,, اقصد عامة الناس,,!
أقول لهؤلاء ولمن ذهب مذهبهم: ان الجمل والحصان وبيت الشعر وسائر عناصر ثقافتنا الأصيلة التي نحتفي بها كل عام في الجنادرية، وفي مناطق بلادنا المختلفة، هي من صميم الثقافة التي أسست بفتح الهمزة بل وصنعت ذلكم الهيلمان الذي تعيشون فيه,والتراث الذي نحتفي به هذه الأيام جزء لا يتجزأ من ثقافتنا الانسانية التي تفاعلت مع انسان هذه الأرض وتفاعل معها، وأصبحت جزءاً من تاريخه الذي يعتز به، ثم هي جزء من الثقافة التي فازت باللقب العالمي لهذا العام وستبقى بإذن الله في قمة هرم الحضارة الانسانية الى الأبد, والاحتفال بالتراث هو من صميم الاحتفاء بالثقافة التي نشأت وترعرت كما نشأ وترعرع تراثنا في أحضان مبادىء دينية ربانية خالدة وخالية من المعتقدات الفاسدة، وتعاملت مع عقل انساني خلا من الزركشات البراقة أو متاهات الفلسفة الملحدة أو التشتت الفكري عبر مدارس ضائعة ولا عقلانية.
إن الجنادرية التي صنع منها رجال هذه البلاد وقادتها, رمزا للفكر وللثقافة ليس فقط في بلادنا بل وفي منطقتنا العربية عموما، لجديرة بظروفها الزمانية والمكانية ان تصبح رمزا لثقافة انسان تجاوز كل الظروف فصنع من تراثه البسيط في ظاهره، المركب في حقيقته، مجدا يشرف كل من ينتسب إليه,, وأي مجد هذا؟؟
إن ظاهرة الاحتفال سنويا بالتاريخ وبالتراث وبالآثار هي في الحقيقة من أعظم مظاهر التعبير عن الاعتزاز بالانتماء والفخر بنجاح التجربة، وتجاوز الزمن الصعب الى عالم اليوم المعقد في كل مناحيه, فها نحن اليوم ندخل في عصر العولمة بكل جدارة ونحن في ثقة من مقدراتنا المادية والمعنوية، مؤمنين بالله ومتوكلين عليه، وفي هذا العصر المليء بالتحديات سنضرب مثلا رائعا في اثبات الذات وفرض واقعنا على الآخرين بكل ثقة وجدارة, ولن نكون كبعض الأمم التي ذابت في عوالم أمم أخرى بتخاذل من قياداتها ورجالات فكرها ومثقفيها.
أقول لرافضي الاحتفاء بالتراث بشكل خاص ولاحتفالات الجنادرية بشكل عام اننا في هذه البلاد المباركة نعتز أشد الاعتزاز بانتمائنا الى هذا الدين العالمي والى هذه الأرض المقدسة، ونعتز كذلك بتاريخنا وبتراث أجدادنا، ولن نكون مثل أمم كثيرة نراها من حولنا تجردت من تاريخها ومن تراثها بل لقد وصل الأمر في أحيان كثيرة الى ضياع لغاتها الأصلية بعد ان اعتمدت لغات المستعمرين لغات رسمية في تلك البلاد، لا لشيء إلا نتيجة الانسياق وراء رغبات المنحرفين من مفكريها ومثقفيها من الذين صنعهم المستعمرون وأعادوا زرعهم في واقع شعوبهم، أو ممن انبهر بثقافات الغرب فاندمج فيها بشكل كامل من غير أن يكون له أية وقفات يستعيد خلالها تاريخ أمته أو يستقرىء فيها تراث اجداده.
awazrah*yahoo.com

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved