Sunday 6th February, 2000 G No. 9992جريدة الجزيرة الأحد 30 ,شوال 1420 العدد 9992



شدو
في رشاد الإرشاد!
د,فارس الغزي

بادىء ذي بدء، أجد أنه لزاما علي الاشارة إلى أن موضوع الارشاد الطلابي موضوع قد تطرق إليه الكثير من الكتاب والكاتبات الأكفاء، مما يفرض علي القول انني لا أدعي جديدا هنا: فقط اعادة تذكير وصياغة, أمر آخر، يتعلق بعدم تحرجي البتة من القول بأنني أعتقد جازما بأن وزارة المعارف المعنية بتلك المقالة لم تحظ في السابق بمثل ما حظيت به في عهدها الحاضر من تفعيل لدورها المجتمعي وتأصيل لمفهومي التربية والتعليم، راجيا هنا، ألا يفسر كلامي بأنه محاباة لوزيرها الذي في الحقيقة لا أعرفه، على الرغم من اعجابي بعلمه وعمله الوزاري، ويكفينا منه عدم توانيه في استقطاب من يرى فيه الكفاءة لدفع عجلة التعليم لدينا إلى الأمام,, إنها فقط كلمة حق في قولها تأسٍ بمبدأ: قولوا للمحسن أحسنت ,,, ومع ذلك، إليه أقول اننا يامعالي الوزير نسمع بين الفينة والأخرى عن مؤتمرات خاصة بالارشاد الطلابي كنهها البحث عن سبل تفعيله وتلافي نواقصه, في المقابل، دائما ما نسمع من أنين أرض الواقع! ما يجعلنا نشك في فاعلية تلك المؤتمرات التنظيرية وعجزها عن استشفاف الواقع والانبثاق منه بطريقة أكثر واقعية وايجابية, أقول قولي هذا لثقتي أن معاليكم يدرك ما للعملية التربوية من أهمية للعملية التعليمية، وهي علاقة وثيقة تجعل منهما وجهين لعملة واحدة، بل وتؤكد أن في نجاح أحدهما نجاحاً للآخر والعكس صحيح وعلى غرار دايا لكتيكية! مثلنا الشعبي القائل: لولا هذي ، ماجت هذي! : وهو مثل لو أردنا تفكيكه عكسيا! وقلناماجت هذي، لولا هذي! لخرجنا بنفس النتيجة!.
يتفق الجميع على أن من المهام الأولى للارشاد الطلابي ما يتمثل في منع المشاكل قبل وقوعها prevention، وليس التعامل مع ذيولها بعد وقوعها فقط وبطريقة هدفها التخفيف من آثارها mitigation.
ولذا أرى أنه من الواجب على المرشدين إشراك صاحب الشأن، ألا وهو الطالب، في عملية ارشاده, بمعنى آخر: حري بهم دفعه لاستقراء حيثيات قول من قال: السعيد من اتعظ بغيره والتعيس من اتعظ بنفسه وذلك عن طريق تنويره - سوي أكان أم غير سوي - وتحذيره بطريقة غير مباشرة من مغبات الاتعاظ بالنفس مما، بالتالي، يعطيه الفرصة لشحذ آليات تفكيره وجعله قادراً على التفكير بنفسه لنفسه, يتم هذا، مثلا، عن طريق عرض حالات لمشاكل سابقة واعطائه الفرصة لسبر أغوار تلك المشاكل وما ترتب عليها من عواقب وعقوبات، ومن ثم استعراض أفضل السبل الناجعة في رأيه هو لتلافي حدوث مثل تلك المشاكل في المستقبل، هذا المنهج، لن يؤتي أكله، بالطبع، ما لم نتلافى ما هو سائد في مدارسنا من منهج نسميه مجازا بالارشاد :,,, حيث انه ارشاد يعتمد غالبا على التعامل الفوقي وبطريقة تسلطية حبلى بالوعيد والويل والثبور وهي طريقة ليست سوى امتداد سلبي لسلبيات التنشئة الاجتماعية في المنزل والمتمثلة بتسلط الأب، وإن كان تسلط الأب في المنزل على الأقل يخفف من وقعه حضور الأم الحاضنة نفسيا! .
ومن هذا المنطلق، ألا يحق لنا تقمص نفسية الطالب الذي يجد في شخصية وسلوك مرشده الطلابي استمرارية، بل وعضوية، مع الجهة العقابية في المدرسة وفي المنزل على حد سواء؟!,, ما هي النتائج المرجوة والتبعات الناجمة عن عملية توظيف مرشد لا يرى فيه الطالب سوىمدعٍ عام يعمل جاهدا على ابراء ساحة المدرسة والصاق التهمة بالطالب أمام قاضي المدرسةالمدير؟! .
بالمناسبة، لماذا تبدو مهنة الارشاد الطلابي مهنة من لا مهنة له، وخصوصا اولئك الذين هم على أعتاب التقاعد؟! هل كبر السن شرط من شروط الكفاءة لتلك المهنة؟! ومن هو أكثر دراية بنفسية الطالب,, كبير السن صاحب الحلول التقليدية البعيدة عن الواقع الجديد أم الشاب اليافع الملتصق بهذا الواقع والمليء مقدرة نفسية على تقمص الأدوار وفهم الحيثيات والدوافع، وبالتالي التعامل مع الطالب صاحب المشكلة بروية تنبثق من قدرة نفسية على امتصاص الصدمة الأولى! لسلوك هذا الطالب غير السوي؟! أخيرا، بما أننا نتفق على أن العملية الارشادية جزء من العملية التعليمية فلماذا إذن يحال المرشد الطلابي على التقاعد تدريسيا! وبالتالي زيادة عزلته عن الواقع المعاش للطالب، والذي في معايشته والتعامل المباشر معه تفنيد وأيما تفنيد لمثاليات تزيد مثالية خلف جدران المكاتب؟!,,, لماذا لا يوكل إلى هذا المرشد مادة من المواد ولتكن مادة تحت مسمى ارشاد، أو على الأقل تربية وطنية! وذلك حتى يتسنى له الالمام عن قرب بالمشاكل والظواهر المستجدة في عالم الطالب المستجد دوما,,؟!,, لك من الشكر، معالي الوزير، ما يعادل انجازاتك الرائعة.
للتواصل ص, ب 4206 رمز 11491 الرياض

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved