Monday 7th February, 2000 G No. 9993جريدة الجزيرة الأثنين 1 ,ذو القعدة 1420 العدد 9993



الرئة الثالثة
النظام لا يحمي المغفلين!
عبدالرحمن بن محمد السدحان

كتبتُ مرةً عن المشعوذ النيجيري الذي ضبطته أجهزةُ الأمن في مدينة الرياض قبل نحو عام متلبّساً بجرم الدجل، يوهمُ به ضحاياه أنه يداوي العليل، ويغني الفقيرَ، بل ويقرّب بين الجنّ والإنس نسَباً!
***
رغم هذا الحدث,, وعشراتٍ من أمثاله، لا نفتأُ نسمع ونقرأ بين حين وحين عن مزيد من (حكايات) الدجل,, ومثلها حالات النصب والتحايل والابتزاز يقف على أحد طرفيها:
* مواطن غافل (أو مغفل) أو متغافل
* ويقف على الطرف الآخر، محتال,, إما من أهل هذه البلاد، وهم قلة، وإما وافد قذفته الريحُ إلى هذا الموقع أو ذاك من بلادنا مترامية الأطراف، وأكثرهم جاءُوا ويجيئون تحت ستار العُمرة أو الحج أو الزيارة، ثم لحاجة في نفس يعقوب، (يتخلّف) أحدُهم، فلا يعود إلى حيث جاء، مؤثِراً البقاءَ في هذه المدينة أو تلك القرية من بلادنا، ليمارسَ الدّجلَ,, مستثمراً سذاجة السُّذج، وغفلة الغافلين أو المغفلين من الناس، ويستخدم أكثر من حيلة، تارةً يعتمرُ لباسَ الدِّين,, وما هو في الدِّين من شيء، وأخرى يمارس شعوذةً تشبهُ السحر,, وما هو بالسحر، ولكنه فتنة النفس التي لا تفرّق بين الليل والنهار ولا الشمس والقمر، فتذهب ضحية الغُلوّ في الطيبة حيناً، وسوء التفكير والتقدير أغلب الأحيان,, وهذا ما عنَاه ربُّ العالمين حين خلع على النفس البشرية صفةَ (الأمّارة بالسوء)!
***
والعجب العُجاب أنه بعد أن يصبح ما كان سِراً علناً، يتحدث عنه الناس,, أو يقرأون ليعلمَ به مَن لم يعلم، ويصحو مَن كان غافلاً عنه أو جاهلاً، ويعتبرُ من شاء العِبرة، نجدُ أناساً آخرين يقتحمُون الهُوّة ذاتها، أو يقفون على شَفاها، وكأنهم لم يعلمُوا عن شيء شيئاً,, أو لم يتعلمّوا شيئاً، وتعود الألسنُ تلوكُ الأحاديثَ,, والأقلامُ تروي الأحداثَ,, والصحفُ تدوِّن النوائب!
***
كَم من مرة سمعنا أو قرأنا عن محتالين، في بلادنا وخارجها، استغلّوا سذاجة بعض النساء والرجال بادّعائهم القدرة على (استثمار) الأموال بعوائدَ وفوائدَ تتحدّى الخيال،,, وبعض أولئك الأدعياء يلبسُون مسوحَ الدين، ليُوهمُوا ضحاياهم بمصداقيتهم، ثم يأتي يوم,, يفيقُ فيه المغفلون من سُبَات الثقة، فلا يجدون ربحاً ولا رأس مال، ويتوارى,, المستثمر (العبقري),, فارّاً بجلده وبأموال الأبرياء خارج الحُدود، وتبدأ بعد ذلك ملحَمةُ شقائهم ومعاناةُ أجهزة الأمن، و(الإنتربول) خاصة، في ملاحقة المستثمر النصَّاب من بلد إلى آخر حتى يقع في شِباك العدالة!
ونعود نسأل مجدّداً:
هل تعلّم الناسُ من موقف كهذا؟ أشكّ في ذلك بدليل تجدّد الحالاتِ سنة بعد أخرى!
***
وتعليقاً على هذه المواقف المؤسفة والمخجلة معاً أقول:
1 ان النظام لا يحمي المغفلين، وهي مقولة صالحة في أكثر من زمان ومناسبة ومكان، فليس من العقل ولا العدل أن (يمكِّن) صاحبُ مال أو وليُّ حرزٍ نصاباً أو محتالاً ممّا في حوزته، طيبة وغباءً، أو ان يستسلم لمقولات كذاب أو دجال أشر، يزعم انه يجلب نفعاً أو يدفَع ضُراً، فإذا وقع أحدُهم في الفخّ،,, راح يندب حظه ويعتب ويلومُ، وهو أوُلى باللوم والعتب,, بل وبالعقاب!
***
2 أعجبُ عَجباً ممّن يدّعون انهم مسلمون مؤمنون، ورغم ذلك يملي لهم الشيطانُ أن إنساناً يستطيع تحقيق أحلامهم، طمعاً في مال، أو أملا في شفاء!
كيف يصدِّقون أن رجلاً من الإنس، لا حول له ولا قوة ولا سلطان، يستطيع ان يأتي بخوارقَ تجرحُ الإيمان، وتحرجُ الخيال، وتتحدّى المستحيل!
***
3 أخيراً ، انه لمُؤلمٌ بل مفجعٌ حقاً، أن تُستثمرَ المواسمُ الروحية في هذا البلد الأمين، حَجّاً أو عمرة، من لدن بعض ضعاف الإيمان والعقل والضمير، لبلوغ أغراض أو تحقيق منافع بأساليب ينكرها الدين الحنيف، وترفضها فطرة العقل السليم.
لكن الأكثر إيلاماً من ذلك كلِّه,, أن يستجيب لهذه الممارسات المشبوهة والمحرّمَة معاً أفراد يفترض أن لديهم من قوة الإيمان وحصَافة العقل ما يقيهم شرَّ الدجل والعبث والفسوق، أياً كان غرضُه أو وسيلته أو فاعله!
ولله في خلقه وما يفعلون شؤون!

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

الجنادرية 15

أيام في أرض دولة فلسطين المحررة

منوعـات

لقاء

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved