Thursday 10th February, 2000 G No. 9996جريدة الجزيرة الخميس 4 ,ذو القعدة 1420 العدد 9996



عفواً,, هذا ما لدي,,!
د, فهد حمد المغلوث

من تجربة واحدة فقط او موقف واحد احياناً ومهما كانت نوايانا حسنة ومهما كان تصرفنا خارجا عن إرادتنا نكتشف فجأة ومن دون مقدمات حتى ولو من خبر بسيط نكتشف اننا خسرنا كل شيء وخسرنا أنفسنا قبل ان نخسر الاخرين وليت هؤلاء الاخرين اناس عاديون، اذن لهان الامر علينا! ولكنهم أشخاص غير عاديين في كل شيء وهذا مكمن سعادتنا بهم وحزننا عليهم في آن واحد!
تشعر أن ما بنيته بنفسك طوال مدة هذه التجربة الحلوة ينهار امام عينيك في لحظات دون أن تستطيع ايقاف سقوطه المتداعي، كما تشعر بألم الصدمة وكأنك تقف تحت شلال كبير يتساقط من جبال عالية وانت لا تملك سوى ان تشعر بتلك الضربات القوية الموجعة تتساقط على راسك وتنادي على من ينتشلك فلا تسمع سوى هدير الشلال المتساقط على الصخور اما صوتك فيضيع وسط اجواء اصوات الشلال المندفع بقوة وبصخب!
ومثل هذه التجارب والمواقف حينما تحدث لنا احيانا فانها ومن دون مبالغة تقلبنا رأسا على عقب وتجعلنا في حالة من الذهول والشرود وعدم التصديق لما يحدث لنا لاننا منذ دقائق قليلة كنا في موقف ولا اروع! وكل هذا بالطبع مصحوب بالالم والمرارة ويزداد هذا الالم بداخلنا حينما نشعر مجرد شعور أو نتهم اننا سبب هذه الخسارة التي تعرضنا لها وضياع ما بابين ايدينا بل اغلى ما في ايدينا.
وبغض النظر عما اذا كنت اخطأت بالفعل ام لا في حق غيرك يظل الشعور بالخطأ او الذنب مهما كانت بساطته او نوعه يظل شعورا قاسيا على النفس وبالذات شعورك انك خسرت انسانا جاهدت كي تحصل عليه وتصل اليه وتكسبه انسانا كنت تعتقد لاخر لحظة انه كل شيء بالنسبة لك او انك في طريقك لخسارته لا لشيء سوى انك شعرت بانك اسأت اليه او اخطأت في حقه او لشعوره هو بانك كنت تتلاعب به وتستغل مشاعره او عواطفه او لا تعامله او تراعيه بالقدر الذي يراعيك به هو.
أليست هكذا هي الحياة؟! اليس من المؤسف والمؤلم الا نعرف قيمتنا ومكانتنا عند من نحب الا عندما نتسبب في احداث الالم الموجع بداخلهم وعندما نخسرهم الى غير رجعة؟ وعندما نعض اصابع الندم؟
أليسوا حينما يبحثون عنا باشتياق ولهفة في كل مكان وفي كل وقت حتى وهم في ظروف صعبة لا يعلمها الا الله أليس هذا مبررا كافيا لان تزداد مساحتهم الخضراء في قلوبنا ويزداد دلالهم علينا؟!
أليسوا حينما يعتبون علينا ويلوموننا على اشياء لا ينبغي ان تصدر منا أليس ذلك معناه اننا لسنا بالشيء العادي بالنسبة لهم بل شيء كبير وصورة حلوة مشرقة ينبغي ان نحافظ عليها ونعتني بها ولا نفرط فيها بسهولة؟!
بل أليسوا حينما يباهون بنا غيرهم ويدافعون عنا بلسانهم وقلوبهم في غيابنا أليس معنى هذا اننا صفحة بيضاء في نظرهم وهكذا ينبغي ان نكون او نسعى ان نكون؟!
أبعد هذا كله نستخسر الاعتذار لهم ونستكثره عليهم؟ فيالها من انانية! ويالها من مكابرة
بالله ما أكثر ما نسببه لانفسنا من تعاسة وتعب وقلق بسبب عنادنا المستمر ومكابرتنا الزائدة لانفسنا في حين ان هذاالاعتذار او الاعتراف بالخطأ لاينزل من قيمنا ولا يحط من قدرنا بل على العكس من ذلك نكبر كثيرا في اعين من يحبوننا لان الاعتراف بالحق والذنب ايضا فضيلة ولكن ماذا نقول سوى (الله المستعان).
با الله! الا يكفي هذا الاعتراف بالخطأ تجاه من اخطأنا بحقهم واسأنا اليهم الا يكفيه انه يجعل القلوب صافية متسامحة لاتحمل حقدا ولا غلا؟
الا يكفيه انه يجعل القلوب كافية لان تتسع لحب الجميع؟
الا يكفيه انه يجعل القلوب في حالة من الراحة النفسية الدائمة والشعور بالرضا؟
الا يكفيه انه يجعلك تنام قرير العين لا تفكر بهموم بعد ذكر الله سبحانه وتعالى؟
أحيانا ما يمنع الانسان منا الا يعتذر او يعترف بخطئه كونه سوف يسأل عن نوع الخطأ والدخول في تفاصيله مما سيحرجه وبالتالي يغض النظر عنه ولكن هذا غير صحيح فانت كإنسان لست ملزما بالدخول في تفاصيل محرجة ولكن يكفيك ان تقول انا اخطأت أو أنا اعتذر وهذا كاف جدا لان تضيق هوة الخلاف ويشعر الطرف الآخر انك احترمته وقدرت مشاعره ذلك ان تقدير المشاعر ليس بمراعاتها فقط ولكن ان تشعرها بان هناك بقية منها مازالت موضع احترام وتقدير بعد ان تسيء اليها او تخدشها ولكن المهم الا يتكرر هذا الوضع والا فليس هناك قيمة لهذا الاعتذار بل سوف لن تكون انت ذا مصداقية مع كل من هم حولك وبالذات من يهمك امرهم وتسعى الى كسب ودهم وصداقتهم.
ولا ننسى اننا حينما نخطىء احيانا فلا يعني هذا اننا نتعمد الخطأ وان كان هذا واردا وبالتالي نستصعب الاعتراف به والاعتذار عنه كونه كبيرا، أبداً ولكن ما يخفف وطأة هذا الشعور بالذنب كوننا اخطأنا رغما عنا! نعم فأحيانا نجد انفسنا نسيء الى غيرنا دون ان ندري بل الاكثر من ذلك، قد نريد التقرب منهم فنجد انفسنا نبتعد عنهم! ربما لان وسيلتنا غير صحيحة او ربما لان الوقت غير مناسب او ربما وربما من يدري!
وانت في ظل هذه الظروف والمواقف تتساءل: ترى هل انا حساس اكثر من اللازم؟! هل انا اعطي الامور اكثر مما تستحق؟ هل انا على حق وغيري على خطأ ام العكس؟ هل انا اناني لدرجة انني لا اتقبل سوى ما اريده واسأل عنه؟ ما الذي حدث لي؟!
وانت في حقيقة الامر لا تلام خصوصا حينما تعاكسك الدنيا وتقف في وجهك الظروف الصعبة التي تسرق منك حتى الابتسامة البسيطة وما اقوله واتحدث عنه قد يفسر باشياء كثيرة ولكنه ربما يكون لسان حال الكثيرين ممن يحسون بهذه المشاعر ولكنهم لا يستطيعون ان يقدموا على خطوة جريئة من هذا القبيل لتصحيح ما هو خطأ في حق انفسهم قبل ان يكون في حق الاخرين.
صدقوني حينما وصلت الى هذه القناعة لم املك سوى ان اتناول اقرب قلم بجانبي واخط هذه الكلمات التي يعلم الله انها صادقة وخارجة من القلب اعتبرها لك ان شئت ولم لا ان كانت تريحك، المهم ان تشعر ان اعتذارك دليل انسانيتك وان اعترافك بالخطأ يزيد مكانتك عند من يحبك هذا ان كان يحبك بالفعل, فتذكر هذا جيداً ومع ذلك أعتذر عن كل اساءة او ألم سببتها حتى من دون قصد فهل تقبل اعتذاري؟
همسة
يا إلهي!
لا ادري ماذا افعل,.
لا اعرف ماذا أقول,.
أريد ان ابرز تصرفي لك,.
أن أبرهن حسن نواياي معك,.
***
أعرف انني ربما اسأت اليك,.
دون قصد,.
ربما أخطأت في حقك,.
دون عمد,.
ربما تلاعبت بعواطفك,.
كما تظن,.
وان كان هذا غير صحيح,.
***
أعرف ما تفكر به,.
أعرف ذلك,, ولا أتجاهله,.
أقر به,, لا أنكره,.
ولكنني لا أملك,.
سوى ان اعتذر,.
لا أملك,,.
سوى أن أطلب اخوتك,.
سوى ان اطلب صداقتك,.
فإن لم يكن من اجلي,.
فمن اجل هذا الحب الصادق,.
الذي أكنه لك,.
من اجل هذا القلب الكبير,.
الذي اكبره فيك,.
***
أعرف انك قد تقول:
بأن مشاعري ليست أرففا,.
أنقلها من مكان الى آخر,.
وقتما تريد,.
وكيفما تريد,.
ولكن,, ماذا افعل,.
وقد اقررت بذنبي,.
ماذا أقول,.
وقد اعترفت بخطئي,.
قل لي أنت!
يكفي ان تعلم,.
ان تجربتي معك,.
قد هزتني بعمق!
قد اربكت حواسي,,!
قد ارعشت فرائصي!
قد ايقظتني من سباتي!
قد ازالت الغشاوة من عيني!
قد نبهتني الىمن اتعامل!
***
أعرف تماماً,.
أن تسامحك لي,.
قد يكون على حساب قلبك,.
على حساب مشاعرك,.
***
أعرف ذلك,, صدقني,.
ولكن,, ارجوك,.
كن صاحب فضل علي,.
وتقبل اعتذاري,.
ارفع رأسك الى,.
ضم يديك في يديّ,.
ضع عينيك في عيني,.
وقل: سامحتك,.
من قلبك وليس بلسانك,.
***
لا تتركني لنفسي,.
وانت من عرفني بنفسي,.
كن عونا لي على الخير,.
كما عودتني منك,.
اجعلني اشعر بنفسي,.
بعد ان كدت افقدها,.
ساعدني,.
ان اكون ذلك الانسان,.
الذي مازلت تفتخر به,.
قد يكون هذا الكلام,.
صعبا على الآخرين قوله,.
قد يعتبرونه ضعفا مني,.
عيبا لايجب ان يكون,.
***
ولكن,, صدقني,.
لو رأوا من غيرهم,.
ما رأيت انا منك,.
لما توانو الحظة واحدة,.
عن قوله!
بل عن تكراره والمطالبة به,.
***
الا يكفي انك الهدى,.
الذي أضأت طريقي للصواب,.
بعد الله سبحانه,,.
ألا يكفي انك الانسان,.
الذي علمني
ماذا يعني ان تكون الدموع صادقة,.
***
أعرف ما تعانيه الآن,.
أعرف ما تقاسيه من أحزان,.
ولكن,, كن أفضل مني,.
وقل لي:
سامحتك من كل قلبي,.
أسمعني إياها منك,.
أشعرني بقناعتك بها,.
وثق انك لن تخسر,.
لن تخسر ابداً,.
***
إنني انتظرك,.
فلا تبخل علي بها,.
قد تكون كلمة,.
مجرد كلمة في نظرك,.
ولكنها بالنسبة لي,.
ليست كذلك,.
بل أكثر من ذلك,.
أكثر بكثير,.
***
انني اكرر رجائي,.
دعنا نفتح صفحة جديدة,.
بيضاء ناصعة,.
ودعنا نتفق,.
على ان يكون عنوانها:
هكذا يكون التسامح,.
هكذا يكون التصالح,.
هكذا يكون الحب,.
ودعنا نكتب على أول سطر فيها:
لا علاقة دون صراحة,.
ولا حب من دون احترام,.
ولا حياة دون احساس,.
***
صدقني لا املك,.
سوى ما ذكرته,.
فهذا كل ما لدي,.
فهل تقبله مني؟

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved