Thursday 10th February, 2000 G No. 9996جريدة الجزيرة الخميس 4 ,ذو القعدة 1420 العدد 9996



الناقدة د, فوزية بريون
كثير من الإبداع الأدبي باهت وضعيف وواهي السبك

غابت عنك ربما حقيقة هامة هي ان الحركة الادبية والنقدية ليست الا رافدا من روافد الحركة الثقافية العامة لمجتمع ما, والثقافة اشمل من الادب والنقد لأنها تتضمن جميع العناصر الاجتماعية والفكرية والحضارية التي تميز مجتمع ما عن غيره وحيث ان الأدب ظاهرة اجتماعية وليست طبيعية فقد احتفظ بخاصية قابليته لعشرات التفسيرات مما اضطر النقد الى الافادة من مختلف الحقول المعرفية، حتى صارت الظاهرة الادبية والنقدية في عصرنا الحاضر تمثل شبكة من الخصائص اللغوية والفلسفية والاجتماعية والجمالية.
وإذا وافقتني على ان مجتمعنا العربي يعيش أزمة ثقافية وحضارية مزمنة تعطل اثناءها المشروع الحضاري، بل انحرف وانحدر في اكثر من مفترق طريق، سهل عليك فهم الوضع الراهن الذي تعيشه الحركة الأدبية والنقدية عندنا, فالبرود والملل ، حسب تعبيرك، اللذان اصابا النقاد يمثلان عرضا من اعراض ما تعانيه ثقافتنا، خاصة وان هذه الثقافة صارت مشرعة النوافذ شئنا أم أبينا لرياح العولمة الكاسحة.
ويبدو لي ان نقدنا العربي قد فشل في ان يطرح على الأدب تساؤلات جوهرية او ان يحاوره حوارا جدليا محفزا ومن جهة اخرى فان ما يسمى بالابداع الأدبي في كثير من الاحيان عبارة عن جوقة كبيرة يختلط فيها الاصيل بالمزيف وصاحب الموهبة بمدعيها وتغيب عن ساحته المعاناة العظيمة والآلام الرائعة، فيأتي باهتا، ضعيف النبض واهي السبك، لا يسلم الى لذة او انبهار.
ان لنقدنا العربي همومه ونقائضه هو الآخر فهو لم ينجح في ان يكون امتدادا لتراثه، ولم يستطع ان يستوعب التيارات والنظريات الغربية التي يصر على استخدامها وكأنها اداة من أدوات الحضارة الغربية كالسيارة والطائرة، ناسيا ان تلك التيارات والنظريات انما تكونت في سياق تاريخي وحضاري مختلف وهي وان اسلمتنا مفرداتها وتقنياتها فسوف لن تسلمنا روحها وهذا ما جعل نقدنا عاجزا عن ان يكون رؤاه الخاصة المستمدة من واقعه ومن سياقه التاريخي والحضاري.
وليس هذا وذاك الا عرضا من اعراض دائنا الحقيقي المزمن، أزمة فكرنا وثقافتنا!

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved