Monday 14th February, 2000 G No. 10000الطبعة الاولى الأثنين 8 ,ذو القعدة 1420 العدد 10000



تعقيبا على الخنيفر
ذلك الماضي هو تاريخنا

عزيزتي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بدءا أشكر جريدتنا الجزيرة وكتابها الذين ابدعوا خاصة في الآونة الاخيرة بطرح الموضوعات القيمة والمقالات المفيدة والكتابات الرائعة بعيدا عن زخرف القول الخالي من المضمون.
ثم آمل بنشر مقالي هذا حول رسم الكاريكاتير في العدد 9980 الثلاثاء 18/10/1420ه فأرجو من الاستاذ الخنيفر ان يتقبل ملاحظتي هذه وان يتسع صدره لما اقول فقد وجدتها فرصة مناسبة للحديث حول هذا الموضوع والتوسع فيه قليلا لعل ان يكون في ذلك فائدة للجميع ان شاء الله.
اظهر الرسم، الطفلة وهي تشاهد احد برامج الفضائيات العربية وقد كتب على الصحن الفضائي عبارة امجاد ياعرب امجاد بينما المذيع يقول: كنا اعظم الناس وكنا اشجع الناس وكنا اذكى الناس وتعلق الطفلة على هذا القول, في نفسها ب:هرج في الماضي نقصان في العقل .
وتعليقي حول الموضوع اقول:
من المؤكد ان الرسام اراد بذلك القول ان الواجب ان نجعل حاضرنا ومستقبلنا كماضينا عزا وشرفا لا ان نتغنى به وننام.
والا فذلك الماضي هو تاريخنا وهو عزنا ومجدنا وكياننا فكيف يكون الكلام عنه نقصا في العقل؟!!
ان تاريخنا الاسلامي لهو اعظم تاريخ وافضل تاريخ وخير تاريخ.
ليس لانه تاريخنا فنمجده وكل يمجد تاريخه ويراه الاعظم والافضل لا ,, ولكن لانه تاريخ الحق, التاريخ الذي يختلف عما سواه ، فلم يقم على الباطل والضلال ولم يخلف لنا اصناما واحجارا نفخر بها كما يفخر السفهاء بتاريخ اسس على شفا جرف هار ينهار بهم في نار جهنم.
انه التاريخ الاسلامي العظيم الذي اسس على تقوى من الله وصنّاعه خير البشر وافضلهم واكرمهم محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه واتباعهم.
ذلك التاريخ الذي عانق السماء عزا وبلغ رجاله وابطاله من منازل المجد والشرف والرفعة مالم ولن يبلغه غيرهم في التاريخ قديما وحديثا فلم تكن رجولتهم شكلا ومظهرا ولا بطولتهم عدوانا وتسلطا وظلما كما لم تكن علومهم قاصرة محدودة بأمور الدنيا فقط.
حق لنا ان نعتز وان نعتدونفخر بهذا التاريخ المجيد وان نعظمه, لذا فالقول بأن الكلام في الماضي نقص في العقل قول خاطىء وضال ولا يليق فهو يجعلنا نلغي ذلك التاريخ وننساه، ويزيد ضعاف النفوس بعدا عنه فنجهل احداثه وابطاله ورجاله وتلك مصيبة تضاف الى مصائبنا في هذا الزمن, الا يكفي جهل ابناء الامة بهذا التاريخ مع المامهم بكل صغيرة وكبيرة عمن لا يستحق من عرب وعجم وافتخارهم بتلك الثقافة ؟!
الا يكفي استبدالهم ابطال الحق ونجوم الهدى ب ابطال ونجوم الشاشات واللهو؟!! ان كثيرا من ابناء الامة لا يستطيع ترتيب اسماء الخلفاء الراشدين حسب خلافتهم هذا ان لم يجهلهم تماما!!
ولو سئل عن العشرة المبشرين بالجنة لاستعصت الاجابة عليه! بل لو سئل عن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم متى واين لربما لم يعرف!! على انه لو سئل عمن نال شرف الحصول على جائزة نوبل مثلا لاجاب وان لم يجب لرأيت الخجل باديا عليه لجهله بهذا الامر!!
خذ مثلا على هذا الجهل: احد مذيعي احدى المسابقات التلفزيونية ردد كثيرا وبكل ثقة اسم عمرو بن العاص يقوله عمر بن العاص !!,, ولو انه نطق نابليون نابلن مثلا لتواري القوم خجلا من هذا الجهل بهذه الشخصية ولربما قدموا الاعتذار!!
نسينا تاريخنا حين هجرناه، وتخلينا عنه فعبثت فيه اقلام المستشرقين حين جاؤوا الى بلاد الاسلام لدراسته ليس حبا له ولا لاصحابه ولكن للاستفادة منه وليأخذوا من كنوزه العظيمة ويستفيدوا.
تخلينا عن ذلك التاريخ فأصابنا الوهن والخور والانهزامية والتبعية التي كان من مظاهرها:
1 الاستشهاد بأسماء من غير التاريخ الاسلامي كأبطال للتاريخ من مثل: نابليون وهتلر وامثالهما!! وكأن تاريخنا خلا من الرجال والابطال الفاتحين!!!
اين البطل الذي لم يهزم قط؟! واين من دك حصون الجاهلية والضلال في فارس والروم؟! ومن غزا الهند الصين، ومن وصل اقصى غرب افريقيا فاتحا مجاهدا فلم يرده الا البحر فوقف امامه قائلا: لو كنت اعلم ان خلف هذا البحر ارضا لخضته مجاهدا في سبيل الله!! بل اين من نصر المسلمين وكسر شوكة المعتدي حين سمع وامعتصماه ؟! واين من طهر بيت المقدس من رجس الصليبيين؟! اين؟! واين؟! اسماء كثيرة شموس مشرقة ونجوم لامعة في سجل الشرف والعز والمجد في سماء اعظم تاريخ!!
اين نحن من الاستشهاد بتلك الاسماء؟ اتراها زاغت عنهم الابصار؟! ام عميت البصائر؟! ام ان ثقتنا تزعزت بهم حين انعدمت بنفوسنا؟!!
2 ومن تلك المظاهر ايضا اعتماد التاريخ الميلادي بدلا من التاريخ الهجري الذي يزيد من توثيق صلتنا بديننا حيث يرتبط به كثير من عباداتنا كالصيام والحج والاعياد كما يزيد من ارتباطنا بتاريخنا ومعرفة وقائعه واحداثه ولو انا اعتمدنا التاريخ الهجري مع اضافة الميلادي لكان الامر عاديا ولكن ان نلغي التاريخ الهجري تماما فتلك والله مصيبة!! ومثل ذلك جعل التاريخ الميلادي مقياسا لحضارات الامم والشعوب جمعاء حين نقول: انسان القرن العشرين، او ونحن على اعتاب القرن الحادي والعشرين وكأنه ليس لنا تاريخ كان الاولى ان نجعله هو المقياس لانه تاريخ الدين العالمي الذي جاء للبشرية كافة وبه اكتملت انسانية الانسان وحضارته، افلا نكف عن هذا الترديد الابله؟!
3 من تلك المظاهر.
يوم ان جمع الاوربيون والغرب مع ظلمات الكفر وجهله جهلا آخر بكافة العلوم سموا تلك الحقبة من تاريخهم بالعصور المظلمة تلك العصور كانت من ازهى عصور المسلمين ومن اكثرها اشراقا حيث كان الاوروبيون وغيرها يأتون الى بلاد المسلمين طلبا للعلم والمعرفة، وبتبعية عمياء وببغاوية حمقاء نجد من ابناء المسلمين وكتّابهم ومثقفيهم من يردد هذه العبارة على تلك العصور ملغيا بذلك كل اعتبار لتاريخنا!! لقد جهلنا تاريخنا واعرضنا عنه فأدى ذلك الى ان نسب كثير من اكتشافات وعلوم المسلمين لغيرهم مثل اكتشاف الدورة الدموية الصغرى، ومثل الجاذبية التي تنسب لنيوتن بينما كتب المسلمون قد ذكرت ذلك قبل نيوتن بعدة قرون حيث سموهاالقوة الطبيعية ومثل علم التعمية أو التشفير وغير ذلك من العلوم في الطب والفلك والكيمياء والرياضيات.
ولقد انبهر الكثير من ابناء المسلمين ب حضارة قوم يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون فعميت عيونهم عما في هذه الحضارة والمدنية من زيف وضياع للمثل والقيم والمبادىء:

هذى حضارتهم والشر يملؤها
ماتت على صرحها الاخلاق والشيم
كان من اثر هذا الانبهار التنكر لهذا التاريخ وحضارته التي عنيت بحياة الانسان في الدنيا والآخرة, فعجباً لحالنا!!
اذاً فالكلام في الماضي ليس نقصا في العقل بل العكس هو الصحيح الا عندما يكون فيما لا نفع فيه او مما نهى عنه الشرع كما في لو التي تفتح عمل الشيطان ووسوسته.
او عندما يكون في تمجيد ماض لقوم ضالين ممن غضب الله عليهم فأهلكهم واعتباره تاريخا مجيدا عظيما وتعظيم اصحابه والانتساب اليهم فذلك انسلاخ من تاريخ الاسلام! اما الكلام عنهم للعظة والعبرة فقد ورد كثيرا في القرآن الكريم ونحن في هذه البلاد الطاهرة لا نفخر الا بتاريخ الاسلام ولا نمجد غيره وتاريخنا الحديث قام على اساسه، حفظ الله بلادنا وولاتها وشعبها واعز الاسلام ونصر المسلمين انه على كل شيء قدير:
محاولة:

إذا ما الجاهلون رضوا بفخر
باصنام من الماضي السحيق
او انتسبوا لأقوام عصاة
وضاعوا في متاهات الطريق
فخرنا نحن بالاسلام دوما
وارض الوحي والبيت العتيق
ولم نفخر بعاد او ثمود
ومن يفعل فذو سفه عميق
فمن ارض الجزيرة شع نور
على الاكوان اخاذ البريق
ومنها قد مضى لله جند
لتحرير العباد من الرقيق
فعمرو قد مضى منها وخالد
وطارق حين نادى بالمضيق
وسعد وابن نافع والمثنى
رجال الحق في يسر وضيق
هم الابطال والتاريخ يشهد
بناة العز والمجد العريق
فلو بهمُ تأسينا لفزنا
وذللنا صعوبات الطريق
ولكنا تشبهنا بقوم
تخلوا عن هدى المجد الحقيقي
اشكر عزيزتي الجزيرة على اتاحة الفرصة لي كما اشكر الاستاذ الخنيفر والجميع وعذرا للاطالة, والحمد الله رب العالمين الذي اليه تصير الامور.
يحيى بن محمد الغفيلي
الرس

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

الجنادرية 15

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved