Thursday 17th February,2000 G No.10003الطبعة الاولى الخميس 11 ,ذو القعدة 1420 العدد 10003



لما هو آتٍ
لكِ وحدكِ
د, خيرية إبراهيم السقاف

- 11 -
تسألينني إن كنتِ النور حقاً,,,؟
أتجهلين ذاتكِ؟ وكيف، وأنتِ أنتِ من يُضيء الذرَّات فيَّ، وفي الكون، تماماً بمثل ماتضيئين سِوار الدائرة حول سِنة القلم فوق الورقة,,, والليل,,, وآه يغذُّ في التوغل، بمثل ماتغذين في التوغل,,, أنتِ داخل النفس داخلها، وأنتِ صاحبة المروق صاحبته، وأنتِ,,, الذرَّة,,, والذرَّة,,, والذرَّة,,.
بذرة تتسلل في زوايا الأرض، ومساربها,,, وأرضُكِ,,, هي(الفضاء) كلُّ (الفضاء)، سقفه، بسيطته، وجنبيه، هذا الكيان الذي يتحرّك,,, وله شفتان لاتنطقان إلا اسمكِ,,, فيخرج نورُكِ يعمُّ الأرجاء خارجي,,, كي يمنحها الثراء الذي منحتني,,, ألم أقل من قبل إنك المدى,,, والصدى، وإنك النور والبذور، وإنكِ الحياة والممات، وإنكِ السعادة والشَّقاء، وإنكِ القول والفعل؟
وتعودين تسألين إن كنتِ النور حقاً؟
كيف ووحدكِ من يملكُ مفاتيحي,,,، ويحمل بوصلتي,,,، ويقود ركابي، ويُشحن قوادم جيادي، ويُطلق عنان أسرجتي؟
هذا أنتِ، وهذه أنتِ، وهؤلاء أنتِ، وهم أنتِ، وهنَّ أنتِ، في انفرادهم، وثنائيتهم، في جمعهم، وفي نوعهم,,.
أنتِ,,,، أنتِ,,, وكفى,,.
تعالي أحدّثُك عما قال لي السَّواد في الليل,,.
قال: انظري كيف هو العمق في كلِّ شيء؛ السّماء، حين تنوي الإمطار تتزين بلوني,,.
البحر؛ حين تتلاحم فيه ذرات الماء وهو في امتداده العمقي نحو بواطن المدى الأرضي يأخذ لوني,,,، وحين تضرب موجاته في الأخذ والعطاء كي يغسل، أو يمنح، أو يأخذ، ينصبغ بلوني,,.
وجوف عينيكِ,,,، أي جزء فيهما لوني؟,,.
وافتحي فمكِ،هل يمكنكِ ألاّ تريني أُزيّن داخلكِ الممتد إلى جوف عمقكِ؟!
,,, كل عميق يا سيدتي هو أنا,,.
السُّر لوني,,.
والهمسُ، لوني,,.
والبعدُ، لوني,,.
وكل جاذب في الحول الذي تمارسين فيه شهيقَكِ، وزفيركِ لوني,,.
هذا أنا، وأنتِ,,, فأيكما لا يكون أنا حين تكونان أنتما؟,,.
هذا حديث السَّواد في الليل,,.
حتى أنبريتُ له في حماسي الذي تعهدين,,.
قلتُ له: أيها الليل,,, أنتَ لا تحدثني عنكَ,,, هذا أنتَ تتزيا بالسَّوادِ وليس المانح له اللون,,, إنّكَ ما تلبث أن تخلع عباءتك السَّوداء حين يزورك الصبحُ,,.
لكن الليل قهقه طويلاً، قال لي: الصبح أبيض,,,، أما أنا؟! فأي لونٍ يمكنكِ أن تريني فيه عندما لا يكون الصبح في ضيافتي؟,,.
تلك الشمس,,, وذلك القمر؟,,, أيهما هما وأيهما نحن؟,,.
سؤال تحيّر في ذهني عندما كنتُ أصغي لحديث الليل,,,، وإني أدري أنني أنتِ، وأنكِ أنا؟!,,,وأن كلا منهما هو,.
لكن الليل تبسّم وهو يجيبني: لا القمر، ولا الشمس من يمنحاني لوني حتى القمر والشمس حين يهجعان عن العمل يأخذان لوني؟,,, البراري والصحاري والجبال والأودية، والشجر والحجر، والخلق كلهم والبشر لايتزينون في لحظات صمتهم التأملي، وعمقهم، بل حتى في سكينتهم وسكونهم إلا بي,,.
ألا تدرين أنكِ لست الشمس وأنها ليست القمر,,, وأنكما الشيء الوحيد الذي له كل الكون,,, فأنتما الكون؟,,.
السكينة,,,؟ ,,, الماء,,, الدموع رهجة القطرة تتسلَّل في الليل من العين كي تُفضي بالبوح,,, البوح يا أنتِ أنا كل هذا يأخذ لون الليل,,.
عاد الليل يسألني: إلى أي المعابر تذهبين,,.
تلمّستُكِ في دخيلتي: في عمقي، جوفي، وأذني، وعيني,,, فوجدتكِ تستقرين في مخبأ عميق بلون الليل,,.
ضمّك الليل وقال: أليس أنا السَّواد، كما أنكِ هي، وهي أنتِ لا تنفصلان؟
قلتُ: بلى,,.
وذهبتُ أبحث عنكِ معي كي ندركَ طعم العمق والسكينة في مدى الليل عمقاً في كل شيء من حولنا حتى سكنتُ وأنا أنبضُ بكِ
فتشرق فيَّ الشمسُ والقمرُ,,, والموجةُ والقطرةُ، والصدى والبوحُ.
فيضيء كلُّ شيء عنكِ
يانوراً أبدياً,,
لا يقواه السّواد في الليل أو الجوف
أو السر أو السكون,, فيطوي كل ذلك كي ينطق كلُّ شيء بكِ.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

الجنادرية 15

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved