Wednesday 23rd February,2000 G No.10009الطبعة الاولى الاربعاء 17 ,ذو القعدة 1420 العدد 10009



رجال الأمن,, واستراحة الشجعان
د, عبدالعزيز سعيد آل مسبل*

يتعاظم دور الإنسان في حياة الأمم بقدر ما يسهم ذلك الدور في تحقيق مصالحها وصيانة حياتها من أي خطر يتهددها, ولا شك ان دور رجل الأمن في حياة المجتمعات الإنسانية على درجة كبيرة من الأهمية، لاتصاله المباشر بمصالحها وحياتها على حد سواء, فهو المعني بتوفير الأمن الذي هو الأساس في استقرار الحياة وصيانة الحقوق وعمارة الأوطان,, وعليه يكون دور رجل الأمن في حياة الأمم دوراً رئيسياً، وسبباً قوياً من أسباب قيام الحياة الاجتماعية المزدهرة, ذلك أن أي عملية للبناء الحضاري لابد وأن تُسبق في العادة بجهد كبير لتحقيق الأمن وهذه المرحلة هي الأساس لقيام عمليات أخرى تليها هي: التفرغ للبناء والتطوير والإنتاج.
وإذا كان دور رجل الأمن قد حظي بأهمية كبيرة في حياة المجتمعات الإنسانية كافة فإنه يحتل هذه الأهمية وزيادة في المجتمع العربي السعودي الذي يكتسب أهمية لا يجاريه فيها وطن آخر، حيث يحتل مركزاً وسطاً في قلب العالم الاسلامي، وإليه تتجه أنظار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بحكم وجود قبلة المسلمين ومهوى أفئدتهم ومسجد نبيهم عليه أفضل الصلاة والسلام على أرضه الطاهرة.
وانطلاقاً من تلك المكانة المرموقة التي تنعم بها المملكة العربية السعودية تأتي أهمية وعظم دور رجل الأمن السعودي بوصفه رجل أمن عالميا ينفرد بتحمل مسؤوليات أخرى تفوق عمل رجل الأمن في أي بلد آخر، وهي مسؤوليات فرضتها قدسية الموقع وعظم الرسالة حيث بات مسؤولاً عن توفير الأمن والاستقرار لاعداد كبيرة من قاصدي الأماكن المقدسة على مدار العام وعلى اختلاف لغاتهم وتباين ثقافاتهم وأجناسهم وجنسياتهم وفئاتهم.
وتبلغ هذه المسؤولية ذروتها في موسم الحج عندما يصل عدد الحجيج إلى أكثر من مليوني حاج, وما يتطلبه هذا العدد الكبير من جهود أمنية متواصلة لكي يتمكن الحجيج من أداء شعائرهم بيسر وسهولة, وهي مسؤولية عظيمة يتحملها رجل الأمن السعودي بشرف واقتدار.
ومما يضاعف من مسؤليات رجل الأمن السعودي ان أعداد الحجاج والمعتمرين في تزايد مستمر وان تواجدهم في المملكة ليس مقتصراً على فترة الحج وانما لعدة أشهر, وهو مؤشر يعكس تنامي مسؤوليات رجل الأمن السعودي والتي لا تقتصر على هذا الجانب فحسب وانما تضاف هذه المسؤوليات الجسيمة إلى مسؤولياته التقليدية التي يؤديها في بلد مترامي الأطراف يحتل مساحة كبيرة من الجزيرة العربية تغطي ما لا يقل عن 80% من مساحتها الاجمالية، وتعتبر المملكة ثالث دولة عربية من حيث اتساع رقعتها الجغرافية وهو ما يمثل ثلث مساحة الولايات المتحدة الأمريكية وثلاثة أضعاف مساحة فرنسا, كما تعتبر المملكة العربية السعودية ثاني دولة في العالم من حيث كثرة الدول المجاورة معها، يضاف إلى ذلك ما يفد إليها من أعداد كبيرة من الأيدي العاملة على مختلف تكوينهم النفسي والعقدي والثقافي وما يحملونه من سلوكيات قد لا تتفق مع قيم هذا المجتمع وأنظمته ليشكل ذلك الوضع اضافة جديدة من الأعباء والمسؤوليات على كاهل رجل الأمن السعودي الى جانب ما يضطلع به من دور تنموي يتمثل في تهيئة مناخ الاستقرار كضمان لنجاح خطط التنمية والمحافظة على ما تحقق من منجزات تنموية وحضارية لهذا المجتمع الكريم.
ومع ضخامة مسؤوليات رجل الأمن السعودي فقد استطاع أن يحقق انجازات أمنية متميزة يأتي في مقدمتها:
أولاً: انه استطاع ان يحقق الأمن والاستقرار بعد توفيق الله في بلد شبه قارة وان يجعل الجريمة في أقل معدلاتها العالمية حيث تشير احدى احصاءات الجريمة على المستوى الدولي والصادرة عن الأمانة العامة للشرطة الدولية الى أن حجم الاجرام في المملكة العربية السعودية لكل 100,000 نسمة هو 119,65 في حين نجده في الولايات المتحدة الأمريكية 5,820,3 , وهذه النتيجة لا تعني ان لزيادة عدد السكان أو قلته سببا في هذا المعدل حيث تشير الاحصاءات الى أن حجم الاجرام لكل 100,000 نسمة في السويد الذي يبلغ عدد سكانها 8,590,630 نسمة تقريباً 14,187,76 وهي نسبة تفوق ما هو عليه الحال في الولايات المتحدة الأمريكية عدد سكان 248,709,873 نسمة تقريباً.
ومما يؤكد انخفاض حجم الجريمة في المملكة الى جانب جهود رجل الأمن السعودي تحكيم الشريعة الإسلامية وتطبيق التشريع الجنائي الاسلامي في حياة المجتمع السعودي.
ثانياً: ساهم رجل الأمن السعودي في توفير الأمن والاستقرار والطمأنينة لقاصدي الأماكن المقدسة ليتمكنوا من أداء مناسكهم بأمن واستقرار وهي تجربة أمنية فريدة يندر وجودها على مستوى العالم حيث انه وبدون مبالغة عجزت دول متقدمة تمتلك تقنيات عالية وقدرات أمنية متفوقة عدداً وعدة عجزت عن توفير الأمن والاستقرار لجمهور مباراة لكرة القدم لا يزيد عددهم عن ثلاثين ألف متفرج من جمهور بلد واحد في حين أن رجل الأمن السعودي استطاع بتوفيق الله أن يحقق الأمن والاطمئنان لما يقارب الثلاثة ملايين حاج في مكان واحد وزمن محدد على اختلاف فئاتهم وجنسياتهم ولغاتهم وثقافاتهم وذلك بشهادة الجميع حتى ان بعض الخبراء الامريكان يقول: لو استقبلت الولايات المتحدة ربع سكانها سواحاً لما تعطلت كافة المصالح والخدمات ويرى حلاً لمتطلبات اعداد الحجاج الكبيرة أن يوزع الحج على مدار السنة بدلاً من مرة واحدة في العام.
ثالثاً: تمكن رجل الأمن السعودي من اشاعة الاحساس بالطمأنينة والأمان بين افراد المجتمع وقاصديه، حيث كان المجتمع فيما سبق العهد السعودي يعيش أوضاعاً قلقة في أمنها ضعيفة في تماسكها، يسودها الخوف وعدم الاستقرار وبتوفيق الله تبدل الحال ليحل الأمن محل الخوف والاستقرار محل الاضطراب والتوحد محل الشتات والتآلف محل التناحر وتزدهر الحياة وتعم الطمأنينة مواطني البلاد وأصبح المجتمع السعودي ينعم بوضع أمني متميز استقرت معه نفوس أبنائه وتطلعت رؤاهم نحو غد أفضل ولذلك أدرك الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل يرحمه الله ان وجود جهاز أمني فاعل قادر على تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع البلاد وتأمين حجاج بيت الله الحرام من مخاطر القتل والسلب والنهب واقرار النظام وحفظ الحقوق لا يقل أهمية عن الانجاز التاريخي الكبير المتمثل في اعلان وحدة أراضي المملكة العربية السعودية.
رابعاً: ساهم رجل الأمن السعودي بفعالية كبيرة في رخاء المجتمع السعودي ونمائه وتطوره ذلك ان الارتباط بين النهضة الحضارية وتحقيق الأمن أمر لا يحتاج إلى اثبات حيث انه لا تقدم بلا أمن واستقرار.
فالأوضاع الاقتصادية لا تزدهر إلا في جو آمن والأوضاع السياسية لا تقوى إلا مع وجود الأمن، والأوضاع الاجتماعية لا تجد مجالاً رحباً إلا في ظل الأمن وبذلك يكون الأمن شرطاً أساسياً من شروط تقدم المجتمع وازدهاره، إذ بدون توفر مناخ أمني مستقر يصعب لخطط التنمية بلوغ أهدافها كما يصعب البقاء والاستمرار لما تحقق من انجازات في غياب الأمن.
وبهذا يكون رجل الأمن مساهماً فاعلاً في نجاح المجتمع السعودي في تحقيق نهضة حضارية شاملة.
وازاء ما يقوم به رجال قوى أمننا البواسل من جهود مضنية وأعمال متواصلة آناء الليل وأطراف النهار وفي مختلف الظروف والأحوال وعلى مدار الساعة جاء قيام صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ورائد أمننا الفكري والاجتاعي بوضع حجر الأساس لنادي ضباط قوى الأمن الداخلي استجابة منطقية لحاجات رجال الأمن الضرورية إلى مرفق يعنى ببنائهم جسدياً ليكونوا مهيئين للقيام بمهامهم على النحو المأمول وكما يقال (العقل السليم في الجسم السليم) وليشكل هذا النادي ما يسمى باستراحة الشجعان لأن عمل رجال الأمن يتطلب التضحية بالنفس والاقدام على المخاطر من أجل سلامة المجتمع واستقراره وهذه أعلى مراتب الشجاعة.
فهنيئاً لرجال الأمن برائدهم وهنيئاً لهذه الأمة بحارس أمنها الوفي وعين ولي أمرها الأبي وعاش الوطن قيادة وشعباً بخير وأمان.
* مدير ادارة التوجيه والتوعية بوزارة الداخلية

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved