Thursday 24th February,2000 G No.10010الطبعة الاولى الخميس 18 ,ذو القعدة 1420 العدد 10010



الخيار 5 - 5
عبدالعزيز مشري

أكاد أقول، إننا نضيع قسمات وجوهنا وملامح شخصيتنا، بل و نكاد نساهم بدراية مسبقة في محو ما تبقى من شحنات اساسية تعطي مفهومنا الانساني الوطني دليلاً إلى درب واتجاه ثري وقوي وعميقة وجذري,, ذلك هو على أقل تقييم: معرفة موقعنا اليوم من منفذ تاريخي،وعليه لابد في هذا الموقع من معرفة ما كان ماضياً، وإلى أين سنقف ونحن ذاهبون إلى الغد.
إن الجواب، وفي محدودة الرافد الإبداعي الأدبي، وفي جنسه القصصي المحدود, أتحدث، ومن زوايا رصد ربما يغلب عليها الاستشعار، وللاسف في وقت يستجدي فيه الحال الثقافي المحلي، إلى جرعة استقرائية دراسية، تعقد بوعي متفتح ومطلع لواقع حالنا الاجتماعي,, منابت جذوره وانعكاساتها على النشأة الطفراوية، ومدى تأثير الوثبة الانتقالية الهائلة التي خلفت السؤال التاريخي الذي لايريد غير الجواب,, كيف كنا في حلم شبه يقظ وعبرنا من الضفة الى الأخرى دون استيعاب ، وقفزاً على المراحل ,, كيف أصبح مالك الحزين الواقف في قلب المجتمع باهتاً مفرغاً يصفق جناحاً بجناح,, متسائلاً ببلاهة: من أين,, وإلى أين، أما انه قد حلّق مغمضاً فربما، وأما أنه قد ضيع طرق التقاطه للسمك في الماء، فقد ضيع، غير أنه ضيع أسلوب الحوم في السماء وضيع ماهو اشد مصيبة: كيف يعود إلى موقعه على الارض.
***
إن بعض الاشكال الإبداعية التي استوعبت، ولأقل: أحست بنغزة صميمية نحو الماضي الذي حتماً لم يأت بمجرد حلم عن أساس مفقود,, بل لاستقراء حميم وبحث نفسي عن قيمة إنسانية مفقودة نشأت في الداخل عبر الماضي التربوي والمعيشي,, لذلك كان لابد من التدوير عن خصائص إنسانية ذات معنى وسمة، ,, في الطبع الإنساني عموماً في أي بقعة ، ولايمكن الاتجاه نحو اي مسار غير محدد، لأنه لابد من معرفة مكان موقع الخطوة التي ستأتي، ولعل ذلك يذكرنا بما علمناه مجازاً ثقافياً أنك يجب أن تتذكر حين ترفس أحداً,, أنك تقف على قدم واحدة ، لكنك وبصفة اخرى، لم تأت مغمضاً لترفس أحداً، وإنما أتيت مغمضا وتتجه مغمضاً!.
الحقيقة انك أتيت في حلم، لأنك انتزعت دون دراية ولا خيار أمامك، ثم إنك لاتستطيع أن توجد الخيار وحتى لو أنك ملكته بثقافتك مثلاً فإنك ستبقى في ظل بعيد!، المسألة لا تتلخص في مبارزة بين فردين كان لاحدهما فرصة الرفس على الآخر هنا بل إنها تقع بين إدارة ومجتمع، وأحياناً بين ظروف قابلة للصدفة من طقس السماء وبين عطش الأرض!.
***
أتذكر,, بل أذكر على طريقة عنترة وتأكيداً لعدم النسيان,, ان الفنانين القديرين القصبي والسدحان في إحدى حلقات طاش ماطاش ، قد تناولا حلقة مصورة في بالغ الجمال بعنوان الحارة ، يقابلها في الضفة الاخرى وبهيئة اخراجية مدركة عن الكاوبوي والتعليق الكتابي حولهما طويل ، وعفواً فنحن كأصحاب قلم، لانقدم تعليقاتنا وآراءنا حول الظواهر الإيجابية او السلبية وهذا عيب فينا لايغتفر!.
أذكر ماقدمه الدكتور سعيد فالح الغامدي من بحوث ودراسات انثروبولوجية عن أساس وسحنة عالم القرية في الجنوب، وعن تأثير الانتقال الطفراوي إلى المدينة وتأثير ذلك في الموقع الضفة الاساسية التي أهملت بحكم الحلم الغافي الشامل ، ولعل هذا موجود بصور أقل، أو أكثر مما يفرحنا في أعمال أخرى، لقد رأيت أن القلم المحلي الذي يحرص على كتابة إنسانية واقعية وبعيداً عن التنظير يتلمس مواقع الخطى نحو وضع ملامح للشخصية الاجتماعية الموجودة في محليتنا قصصياً وروائياً فالإنسان قبلاً وحاضراً في الجنوب او الشمال او الشرق او الغرب، اوفي اي اتجاه، ونحن لسنا بمطالبين عن الكتابة في غير مانتعاطف اونحس بشيء نحوه,, فعالمنا العربي مكتنز بالجماليات غير الشكلية,, مع محبتنا الصادفة وتقديرنا الحقيقي لكل الأقلام.
ملاحظة:
يمكنك التكرم بالعودة إلى الحلقات السابقة من الخيار لاستدراك ما فات قوله في هذه الزاوية.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

منوعـات

تغطية خاصة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved