Saturday 26th February,2000 G No.10012الطبعة الاولى السبت 20 ,ذو القعدة 1420 العدد 10012



أنت
الانطباع الأول عن شخصك
عبدالمحسن بن عبدالله الماضي

عندما تقابل شخصاً للمرة الأولى تأخذ عنه انطباعاً فورياً، خلال لحظات قليلة، وغالباً ماتكون الانطباعات الأولى قوية ودائمة.
إننا نعلم أنه لايصح الحكم على كتاب ما من خلال النظر الى غلافه إلا اننا لا نكف عن القيام بذلك, فلماذا؟.
فمن ناحية منطقية، كلنا ندرك ان الطريقة التي يقدم بها أحدهم نفسه قد لا تفي خصاله الحقيقية حقها، لذا من المنطقي الا نتسرع في اتخاذ قرارات بشأن الغير عندما نقابلهم، واتاحة الفرصة لهم لتقديم مايساعدنا على كيفية البدء والاستمرار في التفاعل والاتصال معهم.
على سبيل المثال، اذا قابلتني وحاولت الا تشكل اي انطباع تجاهي فإنك لن تجد طريقة للاستمرار في التفاعل والحديث معي، فقد لا تلاحظ ملابسي وشكلي، وقد لا تلاحظ انني في اوائل الاربعينيات من عمري مثلاً، وربما لا تلاحظ طولي، او المزاج الذي أنا عليه من خلال وقفتي ووضعية جسدي ووجهي.
ان من المؤكد اننا لا نستطيع إلا ان نكوّن الانطباعات عن الغير مادامت حواسنا تعمل، وتحدد هذه الانطباعات الطريقة التي نتجاوب فيها مع الشخص الآخر، وعلينا ان نحدّ من قدرة هذه الانطباعات على التأثير في قراراتنا وحكمنا على الناس.
فمثلاً في هذا اللقاء الذي افترضنا حصوله بيني وبينك، سوف تتشكل مجموعة من الانطباعات عندما أبدأ في الكلام، فقد تلاحظ ان وجهي يبدو معبراً عندما اتحدث، وان نبرة صوتي عالية، ولهجتي تدل على انني من منطقة نجد مثلاً, كما قد ترى انني اتحدث بسرعة واحرك رأسي وابتسم، عندما استمع اليك، وقد تلاحظ انني قد أبدو وكأنني احب التحدث كثيراً.
ومن المحتمل أيضاً انك لاحظت وجود تفاصيل أخرى, وحسب الأولويات التي تشغل ذهنك فقد تكون لاحظت اسناني، والطيب الذي استعمله، وطول شعري، ونظاراتي، واللباس الذي ارتديه, وقد تلاحظ ايضاً مدى حرصي على الانخراط في الحديث معك, أو سلبيتي وهكذا.
فقد تساعدك تعبيرات وجهي في تكوين انطباع فوري، بأنني أبدو ودوداً ، وقد تستنتج أنني أبدو في سنك نفسها، ولربما قررت من خلال الاشارات الكثيرة، التي أرسلها بأن هناك أشياء مشتركة فيما بيننا.
فعندما تأخذ انطباعاً عن شخصيتي، فإن هذا الانطباع يسهم في تحديد اسلوبك للتجاوب معي، سواء بكونك متقبلاً لما اقول، احتراماً لي او خجلاً مني , وقد تجد ان هناك بعض القيم المتضاربة بيننا، مثل اهتمامي بملابسي أكثر منك، او مثل كونك أكثر طلاقة في الحديث مني.
ولربما وجدت تبايناً في سلوكنا ايضاً، فبينما قد ابدو عصبياً، تكون انت مسترخياً ثابتاً في نظراتك مع تمتعك بابتسامة خفيفة, وقد تستخدم اسلوباً تحادثياً مختلفاً، فبينما اتكلم بسرعة وبنشاط وحركة، قد تتكلم ببطء وانت تجلس بارتياح على كرسيك.
فنادراً مانكون على وعي بهذه التأثيرات، عندما نكوّن انطباعات عن بعضنا.
فكل فرد منا لديه مجموعة من القيم والمعتقدات التي تقوم بدور في تكوين انطباع عن شخص آخر, وعندما تكون هذه القيم والمعتقدات غير منطقية ومتطرفة، فإننا عندها نكون متحيزين وغير منطقيين في حكمنا على الآخرين.
الترتيب المنطقي الذي نرى من خلاله صفات الآخرين يكون كما يلي:
الجنس ذكر، أنثى العرق، اللهجة، العمر، الملامح، الحجم، الملابس، تعبيرات الوجه، الحركة.
ومن الواضح انه اذا وجد شخص متحيز للعرق او الجنس، فإن موقفه اللاعقلاني هذا سوف يؤثر على لقائه مع الآخرين منذ بدايته، حيث سيلاحظ حالاً ان الشخص الآخر هو من عرق او جنس يخاف منه (التحيز ينشأ عن الخوف والجهل)، وسوف يغفل عن الصفات التي تخفف من ذلك الخوف،وفي بعض الأحيان يكون مدى التحيز اقل بحيث يكون تحيزاً للهجة ما او لتعبيرات الوجه، ومع ذلك قد ينجح هذا الشعور في ان ينفّرك من الشخص الآخر، في اللحظات القليلة الأولى من لقائكما.
ان الاستجابة لقضية التحيز هي مثال على الأثر العكسي للهالة فعندما نقابل شخصاً للمرة الأولى نبحث عن دليل فوري، من خلال الانطباع الذي يتركه، على اننا نحبه او لا نحبه، فإذا قررنا قبول واستحسان هذا الشخص فإن كل مايفعله ويقوله سوف يبدو لنا مؤكداً لهذا الانطباع الأولي المحبب، ونود عندئذ ان نكون على صواب لدرجة اننا نرغب برؤية ذلك الشخص مطوقاً بهالة ,, ولاشك ان التعامل مع العالم سوف يكون اسهل، لو كان بالإمكان تحديد الاشخاص الطيبين بعلامة فارقة.
يحاط الاشخاص الأشرار ايضاً بالهالة العكسية ، فعندما نقابل اولئك الاشخاص ونجد انهم قبيحون، او عندما يتبين لنا من خلال وقفتهم ولغة اجسادهم بأنهم غير مبالين بنا ولا بالتحدث إلينا,, عندها ننبذهم ونصرف النظر عنهم، ومنذ ذلك الحين وصاعداً سوف يؤكد كل مايقولونه او يفعلونه، وينمُّ على انهم اشخاص اشرار ، ولابد من حدوث شيء غير عادي لتغيير ما بأذهاننا نحوهم.
فإذا كونت انطباعاً اولياً سيئاً عن احدهم، ثم سمعت رأياً مخالفاً من شخص تحترمه، فهل يجعلك ذلك تغير رأيك؟
لاشك ان اكثرنا سوف يقرر بأن يقوم بإلقاء نظرة ثانية ,, على الأقل، وبالنسبة لبعض الناس مثل الاشخاص الذين يجرون المقابلات بغرض اصدار قرار عملي فإن اثر الهالة يمكن ان يشكل مصيدة خطرة قد تسيء وتشوّه الحكم الصائب الذي عليهم إصداره.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved