Saturday 26th February,2000 G No.10012الطبعة الاولى السبت 20 ,ذو القعدة 1420 العدد 10012



الرفاعي وقضية الكتاب
د,محمد عبده يماني

رحم الله الاستاذ عبدالعزيز الرفاعي,, فقد كان هاجسه الاساسي الكتاب ,, والادب,, والأدباء ,, كان رجلا اديبا,, قريبا,, كريم الخصال,, عف اللسان,, ممن يألف ويؤلف,,وهو من الشخصيات التي عندما تتكلم عنها لاتستطيع ان تفيها حقها,, ولابد ان تعذر الذين تتحدث اليهم وهم لايعرفونه,, لانهم سيظنونك مبالغا,, وقد يتهمونك او يتوهمون مبالغات فيما تروي,, لان الرفاعي شخصية فريدة ومتميزة في هذا العصر,, وانا شخصيا كنت اشعر دائما بأن الاستاذ السفير,, والانسان الكبير الشيخ محمد الحمد الشبيلي والاستاذ عبدالعزيز الرفاعي شخصيتان كانتا فريدتين ومتميزتين,, ومن لم يعاشرهما ويخالطهما ويعيش معهما فسوف يعتقد حتما ان ما يقال عنهما هو نوع من الخرافة او التهويل والمبالغة,, فقد كان كلا الرجلين له مميزات وافعال ومروءات تميز كل منهما بها، ولقد عاصرت بنفسي هاتين الشخصيتين,, وشاهدت من مكارمهما واخلاقهما,, وادبهما ما يفوق الوصف ويجعلهما شخصيتين في تاريخنا السعودي الحديث تستحقان ان تدرس افعالهما وكرمهما وادبهما.
وقد زارني اخي الاستاذ الاديب عبدالرحمن بن معمر,, وجرى الحديث عن قضية الكتاب ودعمه,, واطلعني مشكورا على ما كتبه الاديب الاخ الاستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي,, وشعرنا بأن من واجبنا اليوم ان نعيد بحث القضية,, لان الكتاب السعودي خاصة الآن يحتاج الى لفتة,, بل الى لفتات,, ولابد من تحريك الآراء القديمة وتجديدها,, وجعلها في متناول اصحاب القرار ليدعموا الكتاب,, ويأخذوا بيد الكتّاب ويعينوهم.
وقد سررت بما ذكره اخي الاستاذ محمد القشعمي,, لان هذه القضية قد نوقشت على مستويات مختلفة,, وقد ذكر ان رعاية الشباب قد كلفته في ذلك الوقت ضمن لجنة اقترحت من الامانة العامة لمجلس الوزراء لدراسة رسالة قدمها المرحوم الاستاذ عبدالعزيز الرفاعي لرئيس مجلس الوزراء متضمنة طلب اعطاء الكتاب السعودي دعما وقيمة,, وإفساح المجال له لدخول الدول العربية الاخرى دون رقيب او حواجز,, وتحمل تكاليف ذلك لكون المؤلف لايستطيع تحمل تبعات ذلك لوحده مالم تتدخل الدولة لتذليل العقبات من جمارك ورقابة واجور نقل,, وقبلها الطباعة,, مع تقدير المؤلف لما بذله من جهد وتعب,, الخ.
ثم ان هذا الموضوع عاد الى الامير فيصل بن فهد (رحمه الله) الذي حرص على اشراك الادباء في مناقشة الموضوع، وقد توسعت الدراسة، وجمعوا معلومات من خارج المملكة, ثم رفعت للوزراء المختصين، وكادت ان تسير لولا تحفظ بعض الوزراء عفا الله عنهم.
ومن هنا فإن من الواجب في رأيي احياء هذا المشروع القديم,, وان تتبنى الرئاسة العامة لرعاية الشباب اعادة عرضه لعل الله ان يجعل من بعد عسر يسرا، فقد اصبحنا والله بحاجة ملحة الى دعم منظم وسخي للكتاب، وهذا المشروع ما يزال في الشئون الثقافية للرئاسة العامة لرعاية الشباب حسبما ذكر اخي الاستاذ محمد عبدالرزاق القشعمي,, والوقت اكثر من ملائم لاحيائه من جديد.
وجزاه الله خيرا على ثنائه العاطر بخصوص الكلمة التي القيتها نيابة عن الادباء ولكني مجددا اقول واكرر اننا في حاجة للخروج من هذا المأزق الضيق الذي دخل اليه الكتاب العربي عامة.
ثم لابد ان تفتح الدول العربية الحدود للكتب ووسائل الثقافة العربية لكي تتجول وتتنقل وتُلغى تلك الحواجز التي تقف في وجه الكتاب العربي والكاتب العربي في وقت تفتح فيه المجالات وتزال الحواجز امام الكتب الاجنبية ايا كان شأنها، وهذا لعمري عيب من عيوبنا الثقافية يستوجب ان نعيد النظر فيه واذا كانت القضايا المطروحة في الوحدة السياسية صعبة وبعيدة المنال فلا اقل من ان نتوحد في اطار الجهود الثقافية ونجمع كلمتنا، ونقرب اهدافنا ونتعاون من اجل ثقافة عربية اصيلة.
ومن المهم ونحن نقبل على عملية التفاعل الثقافي والتعاون الثقافي ان ندرك خطورة الاستمرار في المنع والحجز والحجر فيما بيننا فقد تطورت وسائل الاتصال ولم يعد من السهل منع كتاب من الدخول او فيلم او وسيلة ثقافية، فقد اصبحت تنتشر بالاقمار في انحاء مختلفة من العالم، واي كتاب يستطيع ان يحصل عليه القارىء في لحظات خلال وسائل الاتصال العادية من انترنت أو فاكس أو أي وسيلة من وسائل الاتصال الاخرى التي اصبحت رائجة في العالم.
ومن هنا فمن واجبنا ان نعيد التفكير ونعيد النظر بموضوعية وجدية في موضوع منع الكتب العربية من دخول البلاد العربية وهذه المعاملة القاسية التي تتعامل بها بعض الجهات مع الكتب الوافدة اليها من بلاد عربية اخرى.
ان وسائل الاتصال كقوة قاهرة تفرض علينا الغاء هذه الحواجز حتى لا تسخر الناس منا وهي ترانا نمنع في موانئنا وفي مطاراتنا كتبا تدخل الينا بكل سهولة ويسر من طريق اخر عبر وسائل الاتصال واقمار فوق رؤوسنا تعج بها المدارات حول الكرة الارضية فتنتقل بسهولة الى اي بلد، وعلى العكس من ذلك، لابد ان ندرس بجدية قضية التعاون ودعم الكتاب العربي وتشجيعه والتفاعل معه.
وهنا في المملكة العربية السعودية اتمنى من كل قلبي ان نستطيع توحيد الجهات المسئولة عن الثقافة فالمؤلف يتعب وهو يتنقل بين وزارة الاعلام ووزارة التعليم ورعاية الشباب وادارات الثقافة المختلفة والجهات الأمنية والثقافية والدينية وهذا لعمري يضيع الكثير من الجهد والعمل ويصعب المسيرة، وقد اعجبت كثيرا برأي استاذنا المرحوم عبدالعزيز الرفاعي وهو يحاول جاهدا اقناع الجهات المسئولة بدعم المؤلِّف والمؤلَّف، فهناك الكثير من الكتاب والكاتبات الذين يقبعون على ابحاث عظيمة ويجرون دراسات مفيدة ثم يعجزون عن نشرها فلابد ان تتصدى الجهات الثقافية لهم وتعينهم وتأخذ بأيديهم وتعينهم وتختار الصالح منها وتشجعه كما تفعل بعض الدول الاخرى وفي هذا تشجيع للادب والعلم والثقافة في هذه البلاد، كما انه في الوقت نفسه رعاية غير مباشرة للمبدعين من اولادنا وبناتنا.
فليتنا نوفق ان شاء الله في جمع شتات الثقافة في مؤسسة واحدة او وزارة واحدة او جهة واحدة تشرف على الثقافة في البلاد وتجمع شتاتها وتعين رجالها وترعى المبدعين وتأخذ بابعاد المسيرة القادمة فنحن لابد ان نتحرك ولابد ان نتحرك بسرعة وفي الوقت المناسب.
وختاما فقد آن الأوان لدراسة جادة لموضوع تشجيع الكتاب السعودي والاستفادة من المشروع السابق الذي قدمه الاستاذ عبدالعزيز الرفاعي رحمه الله ونحدِّث المعلومات ونطوّرها وعلينا ان نؤمن بأهمية الكتاب وانه واجهة حضارية لنا وعنايتنا به تعطينا دورا مشرفا وبارزا ثقافيا وتأخذ بيدنا لنكون في مصاف الامة ذات الواجهات الثقافية المشرفة.
رحم الله الرجال الذين حرصوا على بداية هذا المشروع وجزى الله خيرا اولئك الرجال الذين يحرصون على احيائه من جديد.
والله من وراء القصد وهو الهادي الى سواء السبيل.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved