Saturday 26th February,2000 G No.10012الطبعة الاولى السبت 20 ,ذو القعدة 1420 العدد 10012



واجهة ومواجهة
سليمان بن عبدالعزيز السليم
فرغنا الدقيق بالطائرات والإسمنت بالهليوكوبتر
رغم النوايا الطيبة فقد فاقت كلفةُ القمح عائده * في أمريكا لا وجود لوزارات تخطيط أو صناعة أو إعلام

*إعداد وحوار: إبراهيم عبدالرحمن التركي
** أما الواجهة: فشخص تختفي داخله شخوص ,,!
** وأما المواجهة: فركض في المسافات الفاصلة بين المتن والهوامش ,.
***
* إن شئت فهو ظاهر !
* وإن شئت فهو غائب
* توشك ان تقول: إنه صديقي,,!
* وربما تساءلت بعد ذلك: من هذا,,!
***
* وزير الأزمات
* كان التموين أزمة
* والموانىء أزمة
* والصوامع أزمة
* والأسمنت أزمة
* وغيرها أزمة,.
** اجتازها كما قال -:
دون إصابات ,,!
***
** غيَّر خلال شهر ما استقر منذ عقود ,.
** وثبت في سنوات ما تجاوز الحدود ,.
***
* إعلامي دون تخصص
* ومتخصص بلا إعلام,.
* وكاتب مع وقف التنفيذ,,!
***
** عايش سكان الشقة ,.
** وتواصل مع الصحافة ,.
** وبنى جسوراً مع رجال الأعمال ,.
** وجمع ذلك في عمارة الحرية ,,!
***
** هادئ بعمق ,.
** ومتواضع بشموخ ,.
** ونزيه مع مقدرة ,.
***
** فاء إلى الظل
فاستراح,.
** وربما بدا له أنه أراح
** وبقي لدينا ما يحتاج إلى استيضاح ومنه إلى إفصاح
***
** معالي الدكتور سليمان بن عبدالعزيز السليم وزير التجارة ووزير المالية والاقتصاد الوطني السابق في الواجهة ومع المواجهة.
هجرة
* أبا باسل,, كيف استطعت أن تهجر الكلمة وكنت أحد فرسانها؟ هل هي مشاغل العمل أم مشكلات القلم؟
أحد فرسانها ؟ شكراً على حسن الظن، عندما عدت متأبطاً الدكتوراه قبل ثلاثين عاماً كان حملتها قليلين وكان الناس اذا قالوا الدختور اتجهت الأنظار إلى الدكتور عبدالعزيز الخويطر, وبحماس المتخرج الجديد الذي يحاول الاسهام في حقل الكتابة كنت أكتب عموداً اسبوعياً في اليمامة ثم في الجزيرة وكان معظم ما كتبت يتناول تحليلات حول قضايا دولية مثل الشرق الأوسط وفيتنام وقليل منها تناول قضايا أخرى أذكر منها تقويماً لوضع الصحافة وتعليقاً على اعلان الشيخ ابي عبدالرحمن ابن عقيل طلاقه الصحافة بالثلاث البائنات وبلدية الرياض وبرامج التلفزيون ودورة الخليج عام 1974 التي هزمتنا فيها الكويت 4/1 وتخللها أحداث وجدت فيها جوانب تستحق التعليق, استمر ذلك سنوات قليلة بعدها عينت وكيلاً للتجارة عام 1974 ورأيت أن وضعي الجديد يختلف عن وضعي كعضو هيئة تدريس في جامعة الرياض واتخذت قراراً بالتوقف وبخاصة ان الوطن في ذلك الوقت كان يمر بأزمات تموينية متكررة وموجة تضخم تتطلب كل مجهود.
هل يجعل مني ذلك فارساً من فرسان الكلمة؟ لا أظن.
بعض
* يقال ان بعض الكتاب والاكاديميين على وجه الخصوص يحرصون على الكتابة من أجل الشهرة وربما المنصب، حتى اذا حققهما أو واحداً منهما ودّع القلم والورقة إلى غير رجعة؟ ما تعليقك؟
ضع خطاً تحت كلمة بعض .
عودة
* رغم انك كنت في الساحة الاعلامية المرئية والمقروءة قبل الوزارة فقد اختفيت بعدها,, ألا تفكر بالعودة؟
بالنسبة للتلفزيون كنت أشارك في برنامج تلفزيوني يديره الأخ الدكتور عبدالرحمن الشبيلي اسمه حوار مفتوح ثم قمت بادارته لفترة وبعد ذلك قمت بتقديم برنامج نحن والعالم وتوقفت للأسباب التي اسلفت, والوضع حالياً انني أكتب فقط حين أتفاعل مع موضوع معين وقد كتبت عن الشركات العائلية وطرح أسهم سابك التي تملكها الحكومة وتخصيص المؤسسة العامة للصوامع، وأتوقع أن يستمر ذلك دون التزام دوري.
ملاحظات صحفية
* كانت لك ملاحظات على الصحافة السعودية نشرتها في عدة أعمدة بعنوان كي تكون لنا صحافة تقرأ هل مازلت عند تلك الملاحظات بعد ثلاثين عاماً من نشرها؟
لو عدنا إلى تلك الملاحظات لوجدت أنها تدور حول أربع نقاط رئيسية: أولها ان صحافتنا لم تلتزم بمقياس ما يستحق النشر من أخبار وهو أن يكون فيه خروج عن الروتين أو ازعاج له, السماء فوقنا والأرض تحتنا أو عض الكلب رجلاً لا ترقى إلى مستوى الخبر, وثانيها يتعلق بضمير المتكلم وواو العطف أي كثرة حديث الكاتب عن نفسه واقحامها عندما يكتب عن قضية عامة ثم التكرار مع الاطالة وثالثها عزوف المثقفين عن المشاركة في الكتابة وعدم سعي الصحافة إلى استكتابهم، أما رابعها فهي ارتباط الصحافة بالعجلة البيروقراطية وانتظار ما يرد من وكالة الأنباء وادارات العلاقات العامة بالجهات الحكومية وتجاهل القصص الإنسانية التي تدور خارج تلك الدوائر.
تحسن
* هل ترى شئياً من التحسن اليوم؟
بالطبع هناك تحسن بعد ثلاثين عاماً ولكنه لا يرقى إلى ما يتطلع إليه القارئ بعد كل هذه السنين, وفي اعتقادي ان من حق صحافتنا المحلية ان يكون لها مساحة للحركة شبيهة بتلك التي للصحافة الصادرة في لندن والتي لها نكهة سعودية، فليس من الضروري ان يصحب كل عمود صورة لكاتب العمود فينافس زحام الاعلانات زحام الصور , كما يمكن اختصار ما يرد من وكالة الأنباء وحذف الإشارة إلى التعميم رقم ,,, وتاريخ ,,,من له اهتمام بالتوثيق والتفاصيل سيجد ذلك في أم القرى .
الصوامع
* الصوامع ملأت الدنيا وشغلت الناس فترة من الزمن,.
كيف كانت نظرتك المختلفة إلى حسابات القمح من حيث التكلفة بعد انتاجه واستيراده؟ وكيف استطاعت الصوامع التوفيق بين طاقتها الاستيعابية وحجم انتاج السوق، وماذا عن المزارع الصغير بين الانتظار وضآلة المقابل، ثم ماذا عن القمح بين الماء والعائد؟ واحدة واحدة يا أبا باسل؟
- فكرة الصوامع قامت على الاستيراد منذ أعدت دراستها آرثر دي ليتل وحتى استكمال بنائها في موانىء جدة والدمام والرياض وتجربة شراء القمح المحلي من المزارعين جاءت طارئة وعلى نطاق محدود ببناء صوامع سعتها عشرون ألف طن في منطقة القصيم.
وكان في الذهن الأخذ بيد مزارعي تلك المنطقة الذين كانوا يقفون على مزارعهم بأنفسهم ويفخرون بتسمية أنفسهم فلاحين .
كان ذلك عام 1979م وهو عام أزمة البترول الثانية وفائض الايرادات لدى الدولة مما سهل تحديد سعر كيلو القمح التشجيعي بثلاثة ريالات ونصف وهو سعر مغر كما تبين فيما بعد حيث دخل المستثمرون من خارج النطاق الزراعي وتحولوا إلى وسائل الري المحوري وصاروا يستقدمون العمال وقت الزراعة ووقت الحصاد وأصبح هناك فائض عن الاحتياج ورغم تخفيض السعر إلى ريالين بعد حوالي أربع سنوات من التجربة فان ذلك لم يكن كافياً لتخفيف الاندفاع لان المنتجين كانوا قد غطوا معظم تكاليف استثماراتهم، وبعد انخفاض اسعار البترول وتأخر الصوامع في استلام القمح وتسديد كلفته سنة بعد أخرى خف الاندفاع.
ماذا لو,,,؟
ماذا لو حدد السعر التشجيعي منذ البداية بريال ونصف؟ ماذا لو ربط ذلك السعر بسعر المستورد بمعاملة القمح المحلي معاملة مشابهة للسلع المصنعة محلياً واعطائه حماية جمركية 20%؟ ماذا لو حددت الكميات المستلمة بنسبة من الاحتياج؟ ماذا لو؟ ماذا لو؟
أعتقد انه عندما يكتب تاريخ هذه التجربة سنجد أنه رغم النوايا الطيبة فان كلفتها من الماء والمال فاقت المردود منها.
أزمات
* وزير الأزمات الموانىء، التغذية، التموين,, كيف دخلت فيها؟ وكيف خرجت وكيف كان وقتك خلالها؟
دخلت فيها بمجرد تعييني وكيلاً للتجارة عام 1974 ثم وزيراً للتجارة فقد كانت موجودة كنا في حالة اطفاء حرائق، فمن أزمة سكر إلى أزمة اسمنت إلى أزمة رز، أو كما وصف الوضع وقتها احد ديناصورات جريدة الجزيرة الأستاذ راشد الحمدان عندما كتب أنت الآن بين أيادي الناس وأفواههم كنا نتنقل بين عنابر البواخر في الموانىء لنطمئن على تفريغ الدقيق والأسمنت، وكنت أتابع شخصياً مع الأخ الأستاذ عبدالله النعيم ليمنع مفتشيه من تقطيع الخبز لدى الأفران لمخالفتها الأوزان الرسمية بسبب شح الدقيق, اضطررنا إلى نقل الدقيق بطائرات سي 130 وتفريغ الأسمنت بالهيلوكوبتر, ولم يكن المستهلك تحت إلحاح احتياجاته اليومية على استعداد لسماع تحليلات عن التضخم العالمي وارتفاع اسعار الشحن واختناقات الموانىء، أما صحافتنا فكانت تزمجر عند بوادر أي أزمة أين أنت يا وزارة التجارة! ، وتطالب بتحديد اسعار ما تراه من العطور إلى البخور إلى الباميا الى كوع الريحة والضرب بيد من حديد على التجار الجشعين, وقد كان هناك حالات واضحة طبقت فيها عقوبات مادية وتشهير ولكن كان من الواضح ان التوسع في ذلك يؤدي إلى هروب السلع الى السوق السوداء, وقد حدث ذلك عندما أنبت الأخ الدكتور غازي على الوزارة خلال احدى الأزمات فما كان منه إلا أن استعان بوزارة الداخلية وسيارات النجدة والصحافة وقد ذكر ذلك في تجربته الادارية، عندما عدت وجدت الأزمة قد اشتدت بدلاً من أن تنفرج، وفعلاً لم أعد إلى إنابته مرة أخرى.
الوقت
* وكيف كنت تدير وقتك خلال هذه الأزمات؟
كانت أوقاتاً عصيبة فعلاً لم تنته إلا بعد اتباع سياسات مالية تحد من الانفاق وتخفف من الضغط على الاقتصاد مما مكن التجهيزات الأساسية من مواكبة الطلب.
بشِّر النخل
* والنتيجة أو الخلاصة أبا باسل؟
الخلاصة انه لولا المزيج من الشباب وكونها تجربة جديدة أو كما يقول المثل بشر النخل بفلاح جديد لكان من الصعب تجاوزها بدون اصابات, ولحسن الحظ انني تعودت منذ أيام الدراسة في الولايات المتحدة على الفصل بين هموم الدراسة والعمل والشؤون الخاصة والعائلة فلم أكن أنقل تلك الهموم معي من المكتب.
تدريب
* هل نحتاج إلى تدريب مكثف لادارة الأزمات؟
ذلك مفيد ولكنه لا يغني عن أخذ مشورة أهل الخبرة، ومن ناحيتي فقد جئت الوزارة من الجامعة بحصيلة ضئيلة من الخبرة الادارية، ولكنني لم أجد غضاضة في البحث عن رأي الاداريين القدماء في الوزارة أو رجال الاعمال من مستوردين وموزعين وأصحاب أفران, فمثلاً كان ممثلاً في أول مجلس ادارة لصوامع الغلال رجلان اسهما اسهاماً بناءً في تلك الأوقات هما الأخ عبدالرؤوف أبو زنادة والشيخ عبدالله كعكي يرحمه الله الذي كان شيخ الفرانة ومن أفضل رجالات مكة المكرمة.
حرب الخليج
* وماذا عن التموين خلال أزمة الخليج واحتلال الكويت؟
كان القرار وقتها عدم التدخل في تخزين أو تسعير والعمل على طمأنة الناس بوجود المخزون الكافي وتذكيرهم بأن موانىء البحر الأحمر مفتوحة مع استمرار الاتصال بالمستوردين والتأكد من المخزون وساعد في ذلك ان مؤسسة النقد ووزارة المالية لم تضع أي قيود على التحويل أو فتح الاعتمادات, وفيما عدا زيادة الطلب على الشموع لاستعمالها في الغارات لم يكن هناك نقص على الرغم من تدفق الاخوة القادمين من الكويت ووجود مئات الألوف من قوات التحالف.
إعلان
* يقال انك خلف بدء مجلس الوزراء بإعلان قراراته؟
في سياق ما كتبت عن الصحافة تحت عنوان كي تكون لنا صحافة تقرأ، وأثناء الحوار حول نفس الموضوع بالتلفزيون مثلت لما ينشر في صحافتنا على أنه خبر وهو ليس بخبر.
وقد اخترت البيان الذي كان يصدر بعد اجتماع مجلس الوزراء يومي الأحد والأربعاء والذي نصه في كل مرة اجتمع مجلس الوزراء ونظر في المسائل المدرجة على جدول اعماله واتخذ حيالها القرارات المناسبة، ويترك تلك المسائل وتلك القرارات لخيال القارئ والمتفرج والسامع, واذا كان ذلك قد أسهم في اعلان تلك القرارات فهو من فوائد الحوار الذي يؤدي الى الشفافية، وهو شرف لا أدعيه وتهمة لا أبرئ نفسي منها.
صياغة
* وهل لديك تعليق على الصيغة الحالية لاعلان قرارات المجلس؟
لاشك انها أفضل من السابقة ولكن يستحسن الاختصار كما ذكرت في اجابة سابقة وترك أرقام وتواريخ المعاملات لأم القرى ولعل من المناسب ترك المجال لدقيقتين أو ثلاث بعد الجلسة للوزير المختص ليشرح جانباً أو أكثر من القرارات التي تهم وزارته.
المهم ان تتذكر ان المنافسة في سوق الاعلام على أشدها وكل محطة أو صحيفة تحرص على أن تحتفظ بجمهورها لأطول مدة ممكنة، وتسعى إلى كسب المزيد.
دور
* دور الغرف التجارية بين الأمس واليوم هل اختلف؟
لم يختلف من حيث كونه تمثيلاً لمصالح التجار والصناع ورجال الأعمال عموماً وكون الغرف سنداً للدولة في تقديم المشورة وتنفيذ سياساتها، الاختلاف هو في نمو وزيادة هذا الدور، وآخر مظاهر هذا النمو هو تمثيل الغرف الواضح في المجلس الاقتصادي الأعلى.
رسوم
* يشكو البعض من انها غرف لجباية رسوم التصديق وصرفها على الحفلات والمظاهر؟
لولا رسوم التصديق والاشتراكات لما تمكنت هذه الغرف من القيام بدورها في التدريب والأبحاث واستقبال الوفود وارسالها وتشكيل اللجان المختلفة وحل النزاعات بين المتخاصمين، وعلى كل حال مجالس ادارات الغرف ينتخب ثلثا أعضائها وتعقد جمعيات عمومية وبامكان الأعضاء التعبير عن وجهات نظرهم.
الجديد
* ما هي تطلعاتك إلى أدوارها الجديدة؟
ان تسابق الزمن بالتبصير بالتقنيات الجديدة مثل التجارة الالكترونية وتوجيه برامج التدريب بهذا الاتجاه.
متابعة
* حين كنت وزيراً كيف هي متابعتك لما ينشر عن الوزارة؟
حين طلبني الشيخ محمد العوضي لمقابلته في مكتبه بوزارة التجارة والصناعة وعرض علي وظيفة وكيل لشؤون التجارة دار في ذهني اني ربما كنت قادراً على ايضاح مشاكل التموين والأسعار للصحافة باعتباري زميلاً للقائمين عليها, وكانت الوزارة منذ ذلك الوقت تعاني من ضغوط ما يكتب.
كنت فعلاً أسهم في ندوات تلفزيونية واذاعية ومقابلات صحفية وردود على ما يكتب ولكنه مع الوقت وعلى صعيد الواقع كنت ألاحظ عدة حقائق.
أولها ان وزارة التجارة وزارة خدمات لا تقاس انجازاتها بكيلو مترات من الطرق أو عدد من المصانع ويتذكرها الناس عند ارتفاع سعر صندوق الطماطم الى أربعين ريالاً ولا تخطر لهم على بال عند انخفاضه إلى خمسة ريالات, وثانيها ان الشكوى من شح مادة أو ارتفاع سعرها أمر يسير في متناول المتخصص وغير المتخصص, أما الغوص في أسباب التضخم وتحليلها بصورة هادئة فأمر آخر لا تميل صحافتنا إلى اشغال نفسها به.

نعم كنا في الوزارة نتابع ونهتم بما يكتب عن الوزارة ومجالات عملها، وكما تعلم كان للوزارة وكيل واحد ثم أصبحوا ثلاثة وكلاء ولهم وكلاء مساعدون، وأعترف هنا بنصيبي من المسؤولية في تضخيم الجهاز البيروقراطي، وكان كل هؤلاء على علم بما يكتب ويحاولون ايضاح الحقائق قدر الامكان.
سمارك
* عملت ضمن اللجنة الوزارية التي قامت بالغاء سمارك خلفية القرار؟
مثل هذا القرار لا تتخذه لجنة وزارية فهو متعلق بمشاريع ومصاف بآلاف الملايين من الريالات، الذي يتخذه هو مجلس الوزراء وان كان يحال إلى لجان للدراسة، والحقيقة ان موضوع سمارك كان منذ بداياته مرفوعاً للمجلس.
فعندما تقدمت وزارة البترول لتسجيلها في وزارة التجارة كشركة ذات مسؤولية محدودة كان رأيي أن تؤسس كشركة مساهمة بالرفع لمجلس الوزراء وذلك لسببين:
ضخامة المشروع ووجود معاملات سابقة مرفوعة للمجلس حول تحويل المصافي التي ستضمها الشركة إلى شركات مساهمة، وفعلاً رفع موضوعها للمجلس من قبل وزارة البترول وشكل له لجنة وزارية، ولكنه بقي في المجلس الى أن تقرر ضم المصافي إلى أرامكو دون صدور مرسوم بالترخيص بقيام الشركة أو سجل تجاري باعلان تأسيسها.
شهر في الوزارة
* توليت وزارة المالية شهراً واحداً تقريباً وأصدرت عدداً من القرارات المهمة هل كان الشهر كافياً,,؟
القرارات التي أصدرتها كان بعضها بالرفع إلى مجلس الوزراء والموافقة النهائية صدرت من ذلك المجلس فالوزير لا يملك وحده اتخاذ مثل تلك القرارات، وهي كما تذكر كانت تتعلق بنقل ارتباط مصلحة الاحصاءات من المالية إلى وزارة التخطيط، ونقل ارتباط معهد الادارة العامة إلى ديوان الخدمة المدنية، والذي أصبح الآن وزارة، وتحويل مسؤوليات معظم اللجان التجارية والاقتصادية المشتركة مع الدول الأخرى إلى وزارة التجارة وتعيين نائب لوزير المالية ومدير لمصلحة الجمارك، والبعض الآخر من تلك القرارات كان من صلاحياتي كوزير للمالية مثل توسيع صلاحيات كبار مسؤولي الوزارة وانهاء الوصاية على بنك الرياض.
متابعة
* طيب: شهر واحد فقط مما يعني أن القرارات نتاج متابعة سابقة؟
هذا صحيح فعشرون سنة في مجلس الوزراء وفي اللجنة العامة لمجلس الوزراء وفي وزارة التجارة اتاحت لي أن أراقب عن كثب الأعباء التي كانت تنوء بها وزارة المالية، ويتحملها الزميل الأخ محمد أبا الخيل، وكنا متجاورين في ترتيب الجلوس في المجلس بعد وفاة الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ يرحمه الله، فالأمور المالية والاقتصادية لم تعد كما كان حالها أيام الملك عبدالعزيز ووزير المالية عبدالله السليمان الحمدان يرحمهم الله حيث كانت المالية عدة وزارات في وزارة واحدة ثم بدأت تتمخض عنها عدة مديريات أو وزارات مثل: العمل والبترول وغيرها وكانت عملية مستمرة، تستجيب لضرورات التطور والتخصص، وفي النهاية ستصبح هذه الوزارة في تصوري وزارة خزانة وتتفرغ للقيام بدورها في حل مشكلة عجز الميزانية الذي نعاني منه منذ عام 1983 خصوصاً بعد قيام المجلس الاقتصادي الأعلى.
دفعة واحدة
* لا يمكن أن تقنعني أنها قرارات عادية؟
هذه القرارات التي أشرت إليها كانت تنتظر من يتخذها وهي جزء من عملية تطويرية مستمرة لا يميزها سوى كونها أكثر من قرار وانها اتخذت دفعة واحدة، فهناك قرارات مماثلة اتخذت قبل ذلك بمبادرة من زملاء لي، فمثلاً جرى نقل ارتباط جمعية الهلال الأحمر من وزارة العمل الى وزارة الصحة بطلب من الزميل الأخ إبراهيم العنقري ونقل ارتباط الثانويات التجارية من وزارة المعارف إلى المؤسسة العامة للتعليم الفني في عهد الأخ الدكتور عبدالعزيز الخويطر، وقد سبق أن طلبت تحويل المؤسسة العامة لصوامع الغلال إلى شركة مساهمة عام 1980 وعندما رأى المجلس التريث في ذلك وأصبح التوجه هو انتاج القمح بدلاً من استيراده طلبت نقل ارتباط تلك المؤسسة الى وزارة الزراعة عام 1986، وكذلك سعيت إلى نقل هيئة حسم المنازعات التجارية من وزارة التجارة الى ديوان المظالم وتم ذلك فعلاً.
مماثلة
* هل تتوقع خطوات مماثلة من الوزراء الحاليين؟
ولِمَ لا؟ فهي كما ذكرت عملية مستمرة، فلا استبعد مثلاً أن يقترح الزميل الأخ خالد القصيبي الغاء وزارة البرق بعد قيام هيئة الاتصالات أو الغاء وزارة التخطيط نفسها ما دام هناك مجلس اقتصادي أعلى أو ربط جهاز وزارة التخطيط بوزير للاقتصاد وشؤون المجلس الأعلى.
المهم ان نتذكر ان الوزاراتجزء من نظام متطور وأن الوزراء على رؤوس تلك الأجهزة لأربع سنوات.
وان نتذكر أن بلداً مثل الولايات المتحدة ليس فيه وزارة تخطيط ولا وزارة صناعة ولا وزارة اعلام ولم يدع أحد أن ذلك قد سبب تأخرها.
إنجازات
* ما هي ابرز الانجازات التي تحققت خلال توليك وزارة التجارة؟
أترك لغيري تقويم ذلك، ولكن لابد ان أذكر مساهمة، زملائي في أي شيء قد يوصف بأنه انجاز ومنهم الاستاذ عبدالرحمن الذكير يرحمه الله والأستاذ يوسف الحمدان والدكتور عبدالرحمن الزامل والأستاذ توفيق إبراهيم توفيق والدكتور محمد الجبر والدكتور أحمد شيناوي وغيرهم وغيرهم ممن مارسوا صلاحياتهم بحكمة واقتدار وساهموا في مجابهة الأزمات التموينية والتضخم في السبعينات وتوجيه الاعانات الحكومية نحو الاحتياجات الأساسية للمواطن ثم التخلص من تلك الاعانات المكلفة عند تناقص الحاجة إليها بتوقيت مناسب ودون اعلان أو ضجيج والذين ساهموا في بناء صوامع الغلال ومطاحن الدقيق بعد أن كانت حلماً من الأحلام وفي استحداث الأنظمة التجارية وتطويرها والرقابة على صلاحية المواد المستوردة والذين قاموا بدورهم في النهوض بمستوى النشاط المهني وقيام هيئة المحاسبين واللجنة الاستشارية الهندسية ، وبطبيعة الحال ما كان ذلك ليتم لولا دعم ولاة الأمر وتشجيعهم وعدم استعجالهم النتائج قبل وقتها .
الموجة
* لنتحدث عن أبرز ما حققه هذا الفريق مما تعتز به، ويظل في ذاكرتك؟
عدم الانجراف مع التيار وركوب الموجة عندما كثر المنادون بتدخل الدولة والتضييق على القطاع التجاري أيام التضخم والأزمات التموينية لاني كنت وما زلت من المؤمنين بحرية التجارة والاقتصاد الحر أو كما كان يردد الشيخ إبراهيم الجفالي يرحمه الله ما يقدر على التاجر إلا جاره كان من الواضح لي أن سبب التضخم هو زيادة الانفاق الحكومي وعدم قدرة التجهيزات الأساسية، على الاستجابة لمتطلبات ذلك الانفاق، وهذه النقطة لم تفت على الطبق اللاقط المشهور للأخ الدكتور غازي القصيبي في تجربته الادارية لانه كان يلاحظ ما تتعرض له الوزارة من ضغوط سواء من الصحافة أو من المستهلكين أو من المسؤولين أنفسهم.
علاقة
* كيف كانت علاقتكم بالقطاع الخاص؟
هذا هو الأمر الآخر الذي اعتز به حيث العلاقة الصحية التي بناها فريق الوزارة مع القطاع الخاص, فقد كان الاتصال مستمراً بجميع الوسائل مما أدى إلى إثراء تجربة الغرف التجارية بحيث أصبحت صروحاً نعتز بها اليوم، وقد سهل ذلك وجود رجال على تلك الغرف من امثال الشيخ اسماعيل أبو داود وسعد المعجل، وسليمان العليان ومحمد الفريح وابراهيم الطوق فكانوا مصدر اطمئنان على هذه التجربة.
أين أنت,,؟
* أين أنت الآن ما هي ارتباطاتك الرسمية؟
أنا في الرياض معظم الوقت وليس لدي ارتباطات رسمية غير عضويتي في اللجنة الاستشارية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون.
وغير الرسمية
* وغير الرسمية؟
كأي أب وجدّ له اهتماماته.
الوقت
* كيف تعاملت مع الوقت؟
لم أجد الفراغ الذي يتحدث عنه الناس في التقاعد، فأنا أمارس الرياضة يومياً لمدة ساعة سواء على السير المتحرك أو على العجلة وأقرأ وأتابع الأخبار والأسواق المالية على التلفزيون.
هلال - نصر
* هل أنت هلالي أم نصراوي؟
ولائي ترجحه الأخلاق في الملاعب، فأنا هلالي عندما أرى فهد المصيبيح ونصراوي عندما أرى خالد التركي وماجد عبدالله وأهلاوي عندما أرى أحمد الصغير، ولكن قد أغيّر ولاءاتي عندما أرى فرصة لتعقيد الشوش بين الأبناء.
تخصيص
* كيف ترى التخصيص؟
التخصيص هو الأصل والمملكة لم تؤمم أساساً كي تعود فتخصص، واذا كانت الدولة قد أخذت على عاتقها بعض المشاريع ملكية أو ادارة فقد كان ذلك بصفة مؤقتة ومشروطاً صراحة أو ضمناً بعودتها الى القطاع الخاص، سابك مثلاً كان ينبغي نظاماً أن تعود ملكية 75% منها الى القطاع الخاص منذ عام 1982 والصوامع كان ينبغي تحويلها الى شركة مساهمة منذ بدء انتاجها التجاري حسب نظامها والأسهم التي تملكها الدولة في كثير من الشركات كان ينبغي طرح معظمها للمساهمين كي تكون دولة بينهم لأن معظم الأسهم حالياً خارج دائرة التداول فالذي يملكها اما الدولة أو كبار المستثمرين ممن يجمع ولا يبيع.
وزير أم رئيس
* وماذا عن رئاسة الوزراء لمجالس ادارة الشركات؟
المادة السادسة من نظام مجلس الوزراء يمنع عضوية الوزير في مجالس إدارة الشركات .
واذا كانت عضوية مجلس الادارة غير جائزة فما بالك بالرئاسة.
أما اذا قيل بان هناك ظروفاً تتطلب أن يكون رئيس مجلس الادارة ممثلاً للدولة فهل من الضروري أن يكون ذلك الممثل وزيراً أو موظفاً عاماً؟ ولماذا نقيد اختيار الدولة من يمثلها؟ الأولى أن يُجنب الوزير مواطن الشبهات وألا يكون هو الخصم والحكم في القطاع الذي هو قائم على خدمته.
تجربة غازي
* بصراحة ما رأيك بتجربة غازي القصيبي التي ضمنها كتابه حياة في الادارة ؟
يكفي أن له قصب السبق في التأريخ لفترة من أهم ما مرت به المملكة من منظور تجربته هو، وقد عبّر عنها بأمانة دون مساس بحساسيات الآخرين, وقد قرأت تعليقات على الكتاب اشارت إلى انه أكثر الحديث عن نفسه وقرر أن اسلوبه في الادارة هو الذي يحتذى, وحتى لو افترضنا صحة ذلك فهذا هو غازي: حزمة ضخمة، فيها ما فيها أما ان تقبلها أو تتركها، ولكن لو تركتها فاتك الكثير, وعندما صدر الكتاب وأهداني نسخة هاتفني من لندن ليعرف رأيي فيه فقلت له مازحاً بلهجة من تزاملوا في الدراسة في مصر انه كان بامكانه ان يجعل العنوان أنا حلو انا جدع فكانت اجابته أليست سيرة ذاتية؟ , وعلى أي حال فان الحديث عن النفس شيمة الكثير من الشعراء والكتاب فمنهم من يختفي بين السطور ويترك لك الحكم ومنهم من يطل عليك من كل حرف، ويقول لك إحم إحم نحن هنا .
وليس غازي أفضل من أستاذه واستاذ الشعراء أبي الطيب المتنبي الذي كان يتحدث عن نفسه حتى عندما يمدح الآخرين بل كان يطالب بتجيير مكافآت الممدوح للشعراء إلى حسابه، ألا تذكر قوله:
أجزني اذا انشدت شعراً فانما
بشعري أتاك المادحون مرددا
ودع كل صوت غير صوتي فانني
أنا الطائر المحكي والآخر الصدى
سكان الشقة
* هل كنت من سكان شقة الحرية؟
لا,, كان سكانها الاخوة غازي ومحمد صالح الشيخ ومحمد خليل كانو ولكن شخصيات شقة الحرية عموماً كانت شخصيات كاريكاتيرية تضخم صفات معينة مثل حب المادة أو حب الأدب أو النشاط السياسي في أشخاص داخل الشقة أو خارجها, وبحكم الزمالة والصداقة كانت تجمعنا لقاءات كثيرة.
هنا لندن
* ما هي الاذاعة التي تختلس لحظات من وقتك لسماع اخبارها؟
اذاعة لندن العربية والانجليزية ودون اختلاس مادام المذياع في السيارة وعند السرير.
لماذا؟
* ولماذا لندن بالذات؟
لأنها تعطيك الزبدة وفي وقتها ولأنها أثبتت مصداقيتها مقارنة بالاذاعات الأخرى منذ ستين عاماً، وبالمناسبة هل ينكر أحد أنها جمعت العالم العربي من محيطه إلى خليجه حول اللغة العربية الفصحى أكثر مما فعلت أي اذاعة أخرى بما فيها صوت العرب ؟
أحمد سعيد
* وبالمناسبة هل ولّى زمن أحمد سعيد ؟
زمن أحمد سعيد كشخص ولّى مع الطائرات الاسرائيلية التي اسقطها عام 67, ولكن الرجل كان صوتاً لنظام وسيبقى لكل نظام صوته وان لم يكن مجلجلاً كصوت صاحبنا.
إنترنت
* ما موقع الانترنت في حياتك؟ وهل تنتظر أن يراسلك الآخرون عن طريق بريدك الالكتروني؟
اجتزت مرحلة الروضة في الانترنت وأنا الآن في التمهيدي ويكفيني حالياً منها تصفح الهيرالدتريبيون يومياً والاكونوميست اسبوعياً في وقتها ودون أن يلطخها الرقيب، أما البريد الالكتروني فربما بعد اجتياز مرحلة التمهيدي.
مصالحة
* هل أنت متصالح مع داخلك؟
نعم والحمد لله.
فيتامين واو
* ماذا عن الواسطة؟ كيف تنتهي؟
قد لا تنتهي ولكنها ستخف بزوال التزاحم على الخدمات والوظائف.
الجامعة الأهلية
* ما الذي تعنيه لك الجامعة الأهلية؟
الجامعة أو الكليات الأهلية أصبحت ضرورة بتزايد الضغط على الجامعات الحكومية.
الحرب,, ودرجة الحرارة
* هل ستعود الحرب الباردة ؟
اطمئن لن نعدم حرباً من نوع أو آخر سواء كانت حرب الزبدة أو حرب الهرمونات أو حرب التدخل في الشبكات الالكترونية، المهم ان يبقى توازن الرعب مانعاً للانفجار.
ميمات
* متفائل أم متشائم أم متشائل؟
متفائم، اذا أردت مجاراتك في نحت الكلمات.
فال الله ولا ,,.
* من بقي من أصدقاء الوزير؟
فال الله ولا فالك,, وهل ذهبوا؟
اختلاف
* حين تختلف مع زملائك من أصحاب المعالي هل يفسد الخلاف للود قضية؟
كنت أجتمع الساعة الثامنة والنصف من صباح كل يوم مع وكلاء الوزارة الثلاثة وكانت الآراء تختلف لأن كل وكيل كان ينظر إلى الأمور من منظور مسؤولياته، وهذا مفيد لان محصلة هذه الآراء تكون مدروسة من زوايا مختلفة,, وكنت بعد هذه الاجتماعات أذهب إلى مجلس الوزراء أو اللجنة العامة أو اللجان المختلفة، وفي تلك الاجتماعات كانت الآراء تتفق وتختلف ولكن في النهاية يتم التوصل إلى قرار أو يؤجل الموضوع ولا يفسد ذلك للود قضية.
متى
* سأعود إلى بداية الحوار وأسألك متى ستكتب بشكل دوري وتحديداً في الجزيرة وماذا عن مذكرات سليمان السليم ؟
بعد هذه المقابلة الماراثونية هل بقي شيء للكتابة؟


رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved