Sunday 27th February,2000 G No.10013الطبعة الاولى الأحد 21 ,ذو القعدة 1420 العدد 10013



مشاكل الجوع العالمي!!
د, زيد بن محمد الرماني *

على الرغم من الدراسات المكثفة عن الجوع في العالم، فمن المدهش حقا انه ما تزال توجد آراء متباينة حول عدد الناس الذين يعانون من نقص معتدل الى حاد في سعرات البروتينات.
إذ يستنتج ايبرشتات في الثمانينات من هذا القرن، ان الجوع يؤثر في حوالي 100 مليون شخص، بينما يستنتج برويتلنغر وسيلوسكي في السبعينات ان العدد يبلغ أكثر من بليون شخص في العالم، ويشير بولمان في هذا الصدد الى ان عدد المصابين بسوء التغذية يحتمل ان يقل عن 300 مليون شخص.
وترجع هذه الاختلافات في الآراء الى أسباب عديدة منها: الحجم الحقيقي للمتطلبات اليومية لمختلف المواد المغذية وتحديد العلاقات بين الدخل والاستهلاك والتغذية ومدى تعويض التكيفات السلوكية، ومدى تفاعل المرض والغذاء الذي يتناوله الشخص للتسبب في سوء التغذية.
لقد استنتجت اللجنة الرئاسية عن الجوع في العالم عام 1980م ان ما يتراوح بين 500 مليون وبليون شخص يعانون من نقص حاد في سعرات البروتينات بشكل يكفي لأن يشكل مشكلة صعبة للسياسة العامة.
يقول والثرب فالكن في كتاب التنمية الزراعية في العالم الثالث : من بين حوالي 750 مليون شخص يعتقد انهم يعانون من سوء التغذية المعتدل أو الحاد، يعيش نحو الثلثان في آسيا.
والواقع انه على اساس عالمي، يتركز حوالي 70% من مجموع الجوع في تسعة مناطق هي : الهند وباكستان وبنغلاديش واندونيسيا والفلبين وكمبوديا وزائير واثيوبيا والبرازيل.
ان أية مقترحات داخلية أو دولية تستهدف انهاء الجوع في العالم، عليها ان تهتم بشكل أساسي بتلك الدول.
وبغض النظر عن المجموع الدقيق للأفراد المتأثرين بالجوع هناك مجموعات خاصة ضمن السكان يكون انتشار نقص سعرات البروتينات فيها على أشده ويمثل الأطفال حديثو الولادة من سن الواحدة الى الرابعة أخطر المشاكل.
ان النساء الحوامل والمرضعات أيضا يحتمل ان يتعرضن للمخاطر، لأن الضغوط الاضافية للحمل تعرض هذه المجموعات الى مخاطر كبيرة فيما يتعلق بالتغذية.
السعرات عنصرية في مشكلة الجوع فرغم ان هذه النقطة تلقى اعترافا متزايدا، الا انه وطيلة عشرين سنة جعل كثير من المختصين في مهنة التغذية العالم يتجه في الاتجاه الخاطىء.
ان المشكلة الرئيسية المتعلقة بنقص سعرات البروتينات هي مجرد الحصول على سعرات كافية.
والبعد المزمن للجوع عنصر مهم للجوع العالمي اذ ان شبح المجاعات بسبب الحروب او الجفاف معروف جيدا وللأسف فان سدس سكان العالم يعانون من سوء التغذية المعتدل بشكل مستمر.
ان شدة مشكلة نقص سعرات البروتين أسوأ في مناطق المجاعات وللأسف فان المجاعات تحدث بتكرار وبشدة لذا فالدعم العالمي ينبغي تعبئته بشكل اسرع لدى وقوع الكوارث خاصة.
الفقر عنصر مهم وسبب رئيسي للجوع في العالم فالسبب الغالب لجوع الناس هو ليس انهم جهلة أو غير متعلمين، بل لأنهم فقراء.
لذا، يذكر بعض الاقتصاديين انه اذا كان من الصعب فصل الجوع عن الفقر، فماذا بوسع الآخرين القيام به لمعالجة المشاكل الأساسية المتعلقة بمستويات الدخل وتوزيع الدخل؟!
ان أي تصد حقيقي للجوع ينبغي ان يتناول مجموعة واسعة من السياسات التي تؤثر في المجموعات المعرضة للمخاطر ضمن الأسر الفقيرة كما ينبغي ان يتم ذلك ضمن اطار اقتصاد غذائي عالمي، تحققت في مكوناته الدينامية تغييرات مهمة منذ منتصف السبعينات.
ان الجوع العالمي مستمر ومن المحتمل ان يكون تأثيره دوليا زعزعة الاستقرار في المستقبل اكثر من الماضي.
كما ان مسألة تخفيف الجوع يمكن ان يتم من خلال سبعة مقترحات عملية هي:
(1) الجوع مركز اهتمام الدول الغنية بالدول النامية، لأن قضايا الجوع هي في قلب الاقتصاد السياسي لدول كثيرة لذا فالجوع يمكن ان يعبأ فيه قدر كبير من الدعم الحكومي.
(2) تأكيد الزراعة والتنمية الريفية تأكيدا رئيسيا اذ في تخفيف الجوع تكون آثار الزراعة في العمالة والدخل أكبر أهمية بكثير من توسيع الانتاج الزراعي.
(3) اذا اريد للتقنية الزراعية ان تكون فعالة، فلابد من استثمارات كبيرة، في حقول كثيرة منها حقول تطوير الموارد المائية, ان من يريد معالجة مشكلة الجوع دون ان يضيف شيئا مهما الى مجموع الاستثمارات فانه يخدع نفسه قبل ان يخدع الآخرين.
(4) اذا اريد للتقنية والمؤسسات النجاح، فهناك حاجة في الاقطار الأقل نموا الى اعادة توجيه واسع في السياسة الاقتصادية لقد كان النمو الحديث في تجارة الحبوب العالمية واسعا، فبينما تستمر تجارة الحبوب في الاحتفاظ بأهميتها بالنسبة لاقطار جائعة كثيرة، فان تكاليف الحل الدولي لمشاكل الغذاء يحتمل ان تكون أعلى وهكذا فان هذه النظرة الى التجارة العالمية توفر منطقا لزيادة تأكيد النمو الداخلي في الزراعة لتوفير الغذاء والعمالة.
(5) من مصلحة الدول الغنية اقتصاديا المساعدة في تخفيف الجوع وايجاد اقتصاد غذائي عالمي أكثر استقرارا في جميع انحاء العالم,, فمن المفارقات العجيبة ان عدة دول تعاني من الجوع وفي الوقت نفسه تتمتع بقدرة نووية لقد كانت مسائل الاستهلاك والجوع اساسية في كل حالة، ويبدو انها احدى أسباب حدوث النزاعات العالمية.
(6) لأن تخفيف الجوع يخدم المصلحة الذاتية للدول المتقدمة، لذا فالضرورة تقتضي احداث تغيرات واسعة في المواقف والامكانات للعمل مع الدول النامية فاذا اختارت الدول الغنية اقتصاديا جعل قضايا الجوع مركزا لجهودها المتعلقة بالمساعدات التنموية، فلا بد من اجراء أكثر من مجرد تغييرات هامشية.
(7) التأكيد على الاهتمام بالوسائل التقنية في الزراعة والصناعة ولأن التقنية لا يمكن ان تحل كافة مشاكل التنمية، لذا، ينبغي ان يكون بالامكان تطوير برنامج واسع ايجابي في هذا المجال.
بشكل عام، فانه اذا لم يتم القيام بتوزيع الغذاء بشكل مناسب وسريع، فقد تكون له عواقب دولية بعيدة المدى خلال القرن القادم.
ختاما أقول: ان مشاكل الجوع العالمي سوف تزداد حدة وتسبب زعزعة الاستقرار قبل نهاية القرن الحالي.
الا اذا تضافرت الجهود، واجتمعت الآراء واتفقت الوسائل وحسنت النوايا، ووضعت الخطط الكفيلة للتصدي لمشاكل الجوع وأزمة المجاعة,وقد آن أوان المواجهة!
*عضو هيئة التدريس بجامعة الامام محمد بن سعود الإسلامية
*عضو الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved