Sunday 27th February,2000 G No.10013الطبعة الاولى الأحد 21 ,ذو القعدة 1420 العدد 10013



لما هو آتٍ
حين تُتَوِّجُ سارةُ الفيصل الريادةَ
د, خيرية إبراهيم السقاف

بعض المواقف تُفرض ذاتها,,.
ويتعيَّن على المرء أن يكون منها بقدر حجمها، وقيمتها,,,، وهو إن فعل فقد أوفى,,.
والحديث عن الأشخاص عادة يأخذ أشكالاً من التأويل عند الناس، لذلك يتحرَّج الكاتب ويحذر دون الولوج في ذلك,,, اتقاءً للتأويل,,, فلا يفي للمواقف,,.
لكن القارىء الحصيف، والمتابع الشغوف,,,، والواعي بمجريات الأحداث، يُقدِّر لكلٍ موقفه وموقعه ودوره وأداءه,,, ويرفع بذلك عن الكاتب مغبَّات التفسير والتأويل، ويمنحه سانحات الوفاء,,, لمن يستحق الوفاء,,.
ولقد تعودتُ ألَّا أخوض مع الخائضين,,, وعندما تَفرض المواقف نفسها، ويقف الأشخاص الذين يصنعونها في وجه النور سامقين,,, لا أتحرَّج عن الحديث عنهم,,.
من هنا,,, يأتي الحديث عن سارة الفيصل بن عبدالعزيز حديثاً يفوق أي تفسير، ولا يخضع لأي تأويل، وليس في موقف الخوض مع الخائضين,,.
فهي أولى اللاتي والذين يبعدون عن الضوء رغم أنها هي التي تصنعه,,.
سارة الفيصل اسم يفرض نفسه على الموقف,,, مغروس في واجهة المواقف المضيئة بعملها، اللامعة بعطرها، الجميلة بأدائها، النقية بمثل نقائها,,.
ومثلها من لا يجهله من في المدينة أو القرية ، من في البيت ، أو العشَّة ، من في الرخاء أو الشدَّة ,,, من في النور أو العتمة ،,,, هي تلك:
الصبية الصغيرة التي تربَّت في كنف الفيصل فحملت المسؤولية منذ يفاعتها,,, وكبرت على ذلك,,.
أخذت منه قوة حجته، وبعد نظره، وهدوء حكمته,,.
أخذت عنه عطاءه اللامحدود، وبذله المقنن المدروس، وحنكته الثاقبة اليقظة,,.
رفدتها عفت الثنيان آل سعود بكثير من حميميتها، وصبرها، وبكثير من قوتها وتفاؤلها.
هذه الصبية تربَّت في محاضن العطاء، والأخذ، فالعطاء، في حلقة مترابطة بينها وبين والديها وبينها وبين الآخرين، فأعطت خلاصة ما أعطياه لها وما هي عليه من السمات الخاصة التي منحها إياها من خلقها: كريمة، رحيمة، هادئة، وديعة، صادقة، عميقة، معطاءة، غير مترددة، رزينة، صبورة، بعيدة النظر، تحب الآخرين، عادلة،,,, وهي سارَّة بكل ما هي عليه، وبكل ما هو معروف عنها,,.
تعلمت، وأتقنت، فأعطت,,.
كانت ثقافتها، باللغات العديدة التي أجادتها، حافزة لها كي تبلور مهاراتها، وكثيرون يعرفون، وقليلون من لا يعرفون مواهب هذه السَّارة دائماً للنفوس,,,، لكنها وظَّفت هذه المهارات في أسمى مراتبها,,, إذ صَبَّتها في قالب التفكير من أجل الآخرين,,,، ومنطلق التفكير من أجل الآخرين جعلها تقف عند الحاجة ,,.
ولأنها تملك مهارات استخدام أبواب الحاجة فما هي أقصى ضرورات الإنسان؟ بلا شك هما (العلم) و(الصحة),,, فانطلقت نحوهما في أدائها المتميز وعطائها اللامحدود,,.
ألجمت سارة فيها نداءات مواهبها الخاصة كي تكون بحجم ابنة ملك، وابنة أسرة تتطلع لأن تَبصُم في المجتمع أدوراها البنائية,,.
فكبرت الصغيرة وقد طوت بين جنبيها ذاتها,,, ووقفت تمنحها للآخرين,,, تسدد حاجاتهم في منأى عن الإيثار لراحة أو لرغبة أو لتقاعس,,.
اتجهت نحو مسارب النور,,, العلم والعمل,,.
العلم هذا النبع الهائل المتدفق الذي لا يقف له شلال,,, أوجده الله تعالى للهدى في كافة أمور وشؤون الإنسان,,,، وضعت سارة الفيصل نفسها أمام تياره، تغرف منه، وتفتح له مسارب جديدة وتمنحه لأفواه الآخرين,,, كي تنهض به الهمم، وتُزال عنه الجهالة,,, كانت مع أمها الأنموذج، كلما أشرق صباح، أشرق معه أمل,,, فأسست المدارس، والجمعيات، ونزلت إلى ميدان العمل,,, وهي بعد في مشارف المرحلة,,,، هي ليست بحاجة لكي تكسب مادياً ، فمكسبها الأكبر أن تكسب الرضاء ,,, حين ترى الصغيرات وقد جلسن إلى مقاعد الدرس على أيدي خبيرات، متدربات، قادرات على تكوين الفهم والإدراك والعلو بالمهارات الدفينة في كيان كل منهن بطرق علمية حديثة دعمتها سارة بكل ما تحتاج إليه المدرسة النموذجية، كما لم تبخل بمنحها سهرها وجهدها ودأبها ومتابعتها اليومية بل إدارتها المباشرة,,,، من هنا انطلق الرابط عندها بين تعليمهن، وبين معاشهن في صحة سليمة تواكب عقولاً واعية.
فهي حين ترى الفقيرة المعدمة وقد ارتدت مايسترها، ويدفئها في الشتاء، ويقضي على ضور الجوع في أحشائها، ويمنحها حبة الدواء مع قطرة الرُّواء، مع لقمة الغذاء,,, ترضى,,.
وحين ترى الأرملة التي تعول دون عائل فتكون لها المعين، توفر لها الدار، والعمار,,, ترضى,,.
وحين ترى المريضات وهن يتأوهن ألماً ولا من يدري عنهن فتطرق أبوابهن بالطبيب وبالحليب,,, ترضى,,.
أسست محاضن الإيواء,,.
أوجدت المحاضن دون الشتات,,.
نشرت هذه المحاضن للعلم وللمعاش,,, ولم يقتصر دورها عند هذا,,.
سارة الشابة اليافعة المعطاء أوقفت كلَّ لحظة من لحظات حياتها في هذا المضمار,,, حتى غدت أمَّهُ، ومؤسسته ورائدته,,, فاقتحمت أبواب التطوع بذلك عن كل طريق، وبكل نهج، وبأي أسلوب، تطرق الأبواب مع الطارقين، تسهر الليل مع الساهرين,,, تسافر كي تكشف أغطية الأقبية عمن يعيشون في رطوبة الفقر والحاجة والمرض والعراء والجهل,,, فتمد يديها كي تزيح عن كل ذلك الغطاء,,.
هذه التي أمسكت بيدٍ مفاتيح المدارس، وبالأخرى مفاتيح البيوت,,, لا تزال تعمل في صمت ودأب,,.
هي في دار الحنان، والجمعية الخيرية، والتربية الإسلامية، وجمعية النهضة، وكلية عفت,,, بصمة لاتمحى,,.
هي من نهضت جمعية النهضة النسائية بكل ريادتها وقوتها وبرامجها وسارة تحملها على كتفيها,,.
هي المثال والقدوة لكل من تعمل معها ومن عرفتها.
وهي من تشهد مدارس التربية الإسلامية بكل عراقتها وقوة أدائها وأنموذجية مستواها بوجود سارة من الباب إلى النافذة، ومن الكتاب إلى أفواه الطالبات,,.
هذه التي تهرب من الضوء,,,، وتعزف عن الشهرة,,, هي من صنعت الشهرة وأعطت للريادة معناها,,, وهي التي تستحق أن أقف للحديث عنها بكل اعتزاز,,.
ألا يحق بعد ذلك أن تكون الأولى في نماذج التطوع؟
بلى,,, فهي إن لم تكن كذلك فإنها أكبر من ذلك,,.
تحية لسارة الفيصل العرفان بالعطاء الصامت الباذل منها,,,، وتحية للريادة أن تُوِّجت بسارة الفيصل بن عبدالعزيز,,, حفظها الله,,, حفظها الله,,, حفظها الله,,.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved