Tuesday 29th February,2000 G No.10015الطبعة الاولى الثلاثاء 23 ,ذو القعدة 1420 العدد 10015



لما هو آتٍ
الحملة المسؤولة يا وزارة الصحة
د, خيرية إبراهيم السقاف

حين قُرِّرَ حصر عدد السكان من الواقع الموقعي,,, انتشرت فرق الإحصاء في الأحياء، بعد أن تم تقسيم هذه الفرق وتحديد مسؤولياتها، وهي إن لم تحقق دقة المائة في النسبة الفعلية كما كان متوقعاً، غير أنها استطاعت أن تحقق النتائج الأقرب من الواقع,,, وجاءت نتائج حصرها مؤشراً لنمو مطرد في السكان,,, بُنيت عليه خطط التنمية ومشاريع الإنماء,,.
وقد قيل إن هناك بعض التأويلات التي خضعت لها أسباب عجز هذه الفرق عن القيام بعملها بشكل يؤدي إلى نتائج المائة من المائة في نسبة الإحصاء الدقيق! دون مفاجآت الوَلاَّدة الفورية على مدى الساعة,,, من تلك التأويلات: خلط أعداد السكان المواطنين بسواهم من غير المواطنين، ومنها تعمُّد بعض المواطنين إخفاء العدد الفعلي لأسرهم خشية الإصابة بالعين وعلى وجه الخصوص أولئك الذين يكثر عدد الأولاد الذكور عندهم، أو طول عمر الوالدين في منازلهم!!,,,، ومنها الخوف من المسؤولية عند تأخر الأب عن إتمام إجراءات ضم صغاره لوثائقه الإثباتية,,,، إلى جانب ما واجه هذه الفرق من عدم قدرة على ولوج المنازل لأسباب مختلفة فيقوم بتعبئة استمارات الإحصاء صغار السن، أو سواهم فلا يحسنون الوفاء لبنودها بدقة,,.
كانت تلك العوامل أساساً في عدم دقة ومصداقية الإحصاء، غير أن التغلب على فجواتها تمَّ ويمكن أن يتمَّ في صور مثالية إذا تضافرت هذه السبل مع مراكز الإحصاء السكاني للمواطنين في السجلات المدنية ومراكز المستشفيات الخاصة بحصر المواليد، وإدارات منح شهادات الميلاد.
وهي وسائل تتَّبعها الدول المتقدمة إذ يأتي عنها الحصر الفعلي بمصداقية عالية، إذ يُتوقع عادة أن قوائم المواطنين المسجلين في السجلات المدنية، ومراكز المعلومات الإحصائية في وزارات الداخلية، وإدارات الحصر الأولي للمواليد في المستشفيات، وتراخيص الدفن تعطي إحصاءً دقيقاً بين الزيادة والواقع والنقص,
ويذكرنا ذلك بما تمَّ من اتصالات قامت بها بعض السفارات الأجنبية في المملكة في فترة حرب الخليج بكثير من المواطنين السعوديين الذين حدث أن رُزقوا بأطفال في مستشفيات بلادهم خارج المملكة في فترات وجودهم هناك للدراسة أوالعلاج أو السياحة، بحجة أنهم مؤهلون، أو سوف يؤهلون للحصول على جنسية تلك السفارات بحكم أنظمتهم في التعامل مع المواليد الذين يرون نور الحياة فوق أراضيهم,,, وكان بعض أولئك قد تجاوز عندها العشرين من عمره أو أقل أو أكثر,,, وهم لايزالون يحتفظون في سجلاتهم بمعلومات عنه، متابعين حتى عنوان سكن كل منهم داخل بلاده، فما بال في داخل بلادهم,,, وهذا وحده يؤشر إلى دقة المتابعة في أمر حصر أعداد الناس الذين يكوِّنون نسب الأفراد في المجتمعات، تلك النسب التي تُبنى كافة المشاريع والبرامج من أجلها بهدف إيجاد مجتمعات بشرية متفوقة في أدائها وإنتاجها وبالتالي حياتها, وعملت فرق الإحصاء الصحي بهدف توفير الرعاية الأولية للأسر الجهود ذاتها التي قامت بها فرق الإحصاء، وربما وقعت في المآزق ذاتها التي لم تساعدها على دقة الحصر لاسيما أن مهمتها أكثر تحديداً للفئات العمرية التي تساعد على حصر الحالات المرضية تلك التي تشير إلى كثير من المنافذ للدراسات الصحية، وبنية المجتمع، والعادات الغذائية، والأمراض البيئية ونحو ذلك مما يساعد بوضوح وجلاء على وضع الخطط والبرامج العلاجية قريبة المدى وبعيدة المدى,,.
ماذكَّرني بجهود هذه الفرق الحالات المرضية المزمنة ذات الصبغ المرتبطة بالإعاقات شديدة المستوى تلك التي انتشر الحديث عنها عن طرق وسائل الإعلام,,, هذه الحالات التي تنم عن تفشي جهالة تامة في التعامل معها,,, بدءاً بالأسرة التي تسجن ابنتها وتكبّلها بالحديد في حجرة منعزلة، ووصولاً إلى الأم التي تحرص على ولديها دون البعد عنهما فتعيش معهما في حجرات خشبية فوق السطوح لمدة ثلاثين عاماً لاتجد مفراً دون ربطهما بالحديد اتقاءً لجهلهما دون ممارسة أية حركية مضرة بهما,,, (تحقيقات جريدة الرياض 1418ه جريدة المدينة 1420ه),,, ناهيك عن الحالات العديدة التي يتوصَّل لها جهد الباحثات من أعضاء الجمعيات الخيرية حين مرورهن بالأسر لسد عوز أو تقديم معونة,,.
إن هذا الأمر يحتاج إلى حملة إحصائية مماثلة للحملة الإحصائية للسكان، وللرعاية الأولية، فالرعاية الصحية، والصحة النفسية والعقلية على درجة بالغة الأهمية لأن التعامل مع الحالات المرضية في هذا الشأن لايزال يعتوره الكثير من التأويلات والتفسير الاجتماعي المعتمِد على موروث مفهوماتي يدفع الأمهات حاملات القلوب على الأكف لأن يتحملن الجهد والسهر والعناء والمشقة وارتكاب الخطأ في حق أبنائهن المصابين دون أن يُشار إليهم بصفة جنون أو مرض نفسي أو تخلف,,.
ولعل الجمعيات الخيرية وفي مدينة الرياض جمعية الأطفال المعاقين وجمعية النهضة النسائية قد تفوقتا في تقديم برامج علاجية وتأهيلية وتعليمية بعيدة الهدف، عالمية المستوى، فريدة الأداء من أجل هذه الحالات,,,، ولا يكفي الجهود (الفردية) للجمعية، أو الجمعيات الخيرية أو حتى المراكز الخاصة، لأن الأمر يتطلب مراكز كبرى على مستوى البلاد، تضطلع بها وزارة الصحة، والإدارة المشرفة لمستشفى الصحة النفسية كي تخلو البيوت والأسطحة والحجرات الطينية من هذه الحالات في رعاية تامة واهتمام خاص يشمل المرضى على اختلاف مراحلهم العمرية.
فهلاّ تفضَّل المسؤولون عن صحة الإنسان الاهتمام بهذا الإنسان، ورفع حرج الجهل والفقر والحاجة عنه، بطرق كافة الأبواب، والكشف عن الحالات المرضية داخل البيوت، دون أن تكون حالات تُكتشف بجهد شخصي وتتحول إلى مادة صحفية مثيرة للشفقة، ويتفضَّل أفراد للتبرع لها أو دعمها؟!,,, أوَ يُعقل أن تكون هذه الحالات (حالات) خاصة، لاكتشاف (مفاجىء)، لشفقة (أفراد)، ولا تكون ضمن مسؤولية الصحة العامة التي تُناط بوزارة الصحة؟,,.
إن هذا الأمر لهو أول مسؤوليات هذه الوزارة القديرة، وإن الثقة بالغة في الوزير الطبيب الإنسان المختص الذي لايخفى عليه أمرها، ولا يفوته واجب الوزارة نحوها,,.
وفي انتظار حملة وزارة الصحة على البيوت في الأحياء الصغيرة قبل الكبيرة وفي الشوارع المظلمة قبل المضيئة، وفي الأقبية والأسطحة قبل الحجرات والصوالين.
والثقة بالغة في أن ما قدمه الإعلام من حالات كفيلة بتحريك الهمم نحو الواجب الوطني الإنساني الذي وفرت له الدولة جلَّ الاهتمام ويرعاه مسؤولوها بكل اهتمام.
لاسيما أن إمكانات جمعية الأطفال المعاقين وأنظمتها، وكذلك جمعية النهضة وسواها لا تحتمل كافة الحالات ومستوى إصابتها ومراحل المصابين والمصابات العمرية، ولا حتى أعدادهم وهي مهمة هذه الوزارة ومرافقها كي تستحدث لها برامج ومراكز وعلاجاً عاجلاً غير آجل تُنظمها مع الجهات الأخرى في الاختصاص بما عُهد من اهتمامها ومبادراتها وتبنِّيها المشاريع الهادفة في خدمة المواطن الإنسان.


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

مشاعر

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

ملحق المجمعة

القوى العاملة

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تغطيات

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved