Wednesday 1st March,2000 G No.10016الطبعة الاولى الاربعاء 24 ,ذو القعدة 1420 العدد 10016



لماذا العنف بين الطلاب ؟
مندل عبدالله القباع

لقد طالعنا في بعض من الصحف الصادرة والمحلية مايفيد تفشي العنف لدى طلاب المدارس لدرجة تعديهم على الإدارة او على هيئة التدريس.
ولقد تناول قضية العنف بين الطلاب لفيف من المهتمين والخبراء فمن قائل انه سلوك غريب على مجتمعنا وينبغي التصدي له بالضرب المباح ومن قائل بان الضرب سيشعل جذوة من نار العنف يصعب اطفاؤها.
وإزاء هذه القضية فنحن نتساءل لماذا العنف بين الطلاب؟
والإجابة تستدعي ان نتفق أولا على مسلمة: أن الابناء حين تخطيهم لمرحلة الطفولة وبلوغهم مرحلة المراهقة تتغير سماتهم الشخصية ويجنحون لمسلكيات يرفضها الكبار بطبيعة الحال وإن كانت تمثل نقلة من طور الى طور,, ولكن اذا تمادوا في مسلكياتهم ضد العرف الاجتماعي والنظام وانساقوا في التحدي والصدام مع الكبار كانوا في نظر المجتمع احداثا جانحين يجب علاجهم ولا يتوجب عقابهم.
وينهض العلاج على الوقوف على المسببات لهذا السلوك الجانح, ويأتي في مستهل هذه المسببات خصائص هذه المرحلة التي تشكل طبيعته الانسانية، وتدفع سماته وصفاته، وتؤثر في قيمه وعاداته ومعاييره واتجاهاته، وتحدد ملامح شخصيته وتأثيرها في سلوكه ومناشطه,, وهذا مايلزم أن يتعرفه المتعاملون مع هذه الفئة العمرية, يلي ذلك البيئة الاسرية فكلما ساد الاسرة جو من الاضطراب والتوتر انعكس ذلك تماما على الابناء حيث يقابل هذا الجو جو من التماسك والتفاعل السليم والدفء والحنو والود والتعاطف الذي قلما ينتج ابناء غير اسوياء حيث أن الجو العائلي سليم.
كما أن العامل الحاسم في اكتساب الأبناء اللاسواء في السلوك إنما هو اساليب التنشئة الخاطئة التي ينشأ عليها الابناء فضلا عن نأي الوالدين عن نموذج القيم الأمثل وتدهور العلاقات الاجتماعية السائدة في الاسرة وممارسة الاباء انفسهم لمسلكيات غير سوية وتصدع الاسرة بالطلاق او وفاة احد الوالدين او الهجرة او الانصراف الزائد للعمل طول الوقت أو ترك رعاية الابن للخدم والعمالة الاجنبية مما يؤدي الى الاهمال وعدم توخي وسائل الارشاد والتوجيه والرعاية السليمة.
ويلي هذا العامل البيئي عامل آخر لايقل أهمية عنه ولايمكن تجاهله او المجاملة فيه ألا وهو عامل المدرسة ذاتها حيث يعتبر دورها في التنشئة دورا مكملا للاسرة في تكوين شخصية الابناء وترشيد اتجاهاتهم واشباع ميولهم وتوجيه علاقاتهم بالمجتمع,, الا أنهم قد يصادفهم في المدرسة الخفوق في التحصيل الدراسي وسوء التوافق مع المدرسة ومكوناتها، نتيجة لسوء معاملة الإدارة المدرسية أو المدرسين مما يؤدي الى لجوء الابناء للانتقام من المدرسة والمدرسين وتفشي ظواهر العنف، ولاننسى ان العلاقة بالاتراب في المدرسة لها تأثيرها الفاعل في سلوكه بالمشاركة، او التشجيع او الحفز المادي او المعنوي، ومن المسلم به أن الصديق سيىء الخلق له تأثير كبير وخطير على زميله يلي ذلك عامل آخر وهو عدم اشباع الحاجات الاساسية للابن وعدم توفير وسائل اللعب بالمنزل نتيجة جهل الوالدين أو انشغالهم أو الظروف الاقتصادية المحيطة بهم مما يدفع بهم الى ترك المنزل والخروج الى الطريق مما يدفع بهم الى الاختلاط برفاق السوء وذلك تحت مظلة من الإهمال والتواني وعدم الاشراف.
ويلي ذلك عامل آخر يتمثل في وسائل الإعلام بما تعرضه من جرائم تفصيلا من خلال صفحة الحوادث في الاعلام المقروء او المسلسلات والافلام والاخبار في وسائل الإعلام المسموع والمرئي حيث تظهر المجرم وكأنه بطل ونموذج ومثل مما يؤدي بالمشاهد الصغير الى التقليد واذا لم يكن التقليد ماديا فهو يتخيله ويصور لنفسه عالما خاصا لايقوى بإمكاناته المحدودة للفصل بين الواقع والخيال والتمثيل والصحيح والمشوه والكاريكاتير مما يؤدي به الى القلق والتوتر ومن ثم فاللجوء الى اللاسواء في السلوك.
يلي ذلك نوعية البيئة الايكولوجية ومدى توافر البنية الاساسية بهاوتوافر المناخ الصحي.
هكذا نرى مسببات وعوامل عديدة وراء لجوء أبنائنا الى العنف الذي بدأ كظاهرة ملموسة في العديد من مدارسنا لدرجة الاعتداء علىمدير المدرسة او أحد المدرسين أو بعضهم البعض.
وبعد أن وقفنا على بعض من المسببات والعوامل فماهو العلاج من وجهة نظرنا بعيدا عن الضرب والعقاب الذي لايطفىء السلوك اللاسوي ولكن يرجئه فقط الى حين,, أوقد يؤدي الى ردود أفعال وخيمه وغير مستحبة وغير مرضي عنها.
نسوق امارات العلاج على النحو التالي: أولاً: اللجوء الى العلاج الاجتماعي والنفسي والطبي بهدف التأكد من سلامة الابناء بدنيا وتحسين مسلكياتهم والاخذ باساليب الخدمة الاجتماعية في الارشاد والتوجيه الفردي والجماعي والاسري وهذا يتطلب توافر الاخصائي الاجتماعي والنفسي بالمدرسة وتفريغه لأداء دوره الحقيقي ولانشغله بمهام اخرى بعيدة عن مهنته التي عين من أجلها وان نشجع الابناء على حرية التعبير عن انفسهم وتعرف حاجاتهم وميولهم واستعدادهم والتخطيط العلمي الاجتماعي للوفاء بهذه الحاجات واشباع الميول وصقل الاستعداد وترشيد السلوك.
ثانياً: الاهتمام في المدارس بحصص النشاط والهوايات وتدريب الابناء على بعض المهن والاعمال او الاشكال الفنية التي يمكن ان تكون سبيلا لشغل اوقات فراغهم وعن طريقها يمكن افراغ الشحنات الانفعالية الزائدة وترشيد المهارات وتجسيد الذات والاعتداد بالنفس وبقيمة المنتج حتى ولو كان بسيطا.
ثالثا: الاهتمام بتعرف اهتمامات الطالب العلمية وتوجهاته العملية وما يعترض طريقه من صعوبات وان تفتح المدرسة فصلا او اكثر لعلاج صعوبات التعلم يقوم عليها معلمون مؤهلون تربويا لأداء هذا الدور بما يساعد في علاج حالات التخلف الدراسي في مادة او اكثر بدلا من يأس الطالب واضطراره للهرب من المدرسة.
وأن تدعم العلاقة بين الاسرة والمدرسة عن طريق الاهتمام بمجالس الآباء وأن يكون اجتماع المجلس دوريا في فترات متلاحقة وقصيرة بدلا من قصره على مرة واحدة في العام وأغلب الآباء لايحضرون لمناقشة مشكلات ابنائهم او متابعة نموهم التحصيلي المعرفي والاجتماعي والاخلاقي فإذا ماكان ذلك كذلك لقلت نسبة تفشي العنف لدى طلاب المدارس.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

الفنيــة

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

ملحق نجران

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved