Monday 6th March,2000 G No.10021الطبعة الاولى الأثنين 29 ,ذو القعدة 1420 العدد 10021



دقات الثواني
رعاية المسنين
عائض الردادي

حضرت ندوة رعاية المسنين في الاسبوع الماضي التي نظمتها وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وخرجت منها بنتيجة مفرحة، وهي ان المسنين لدينا لا يحتاجون لرعاية ايوائية في مراكز الرعاية ليس لانه لا يوجد لدينا مسنون بل لان البر بهم ورعايتهم يتم داخل اسرهم، وذلك افضل مكان لرعاية المسن، وما كان لنا ذلك لولا شيئان اولهما ما اكرمنا به الله من دين الاسلام الذي جعل بر الوالدين بعد عبادته وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ثم جعل صلة الارحام من اعظم القربات والصدقة اليهم صدقتين، وثانيهما هو حفاظنا على رباط الاسرة الذي سيبقى هو افضل رباط لرعاية الانسان صغيراً وكبيراً، رجلاً وامرأة، فرداً وجماعة، فعندما يرعى الوالدان الاولاد صغاراً ويرحمها الاولاد كباراً، ويعطف قوي الاسرة على ضعيفها، ويوقر صغيرها كبيرها، ويعرف كل واحد منهم ما للآخر من حقوق عليه، عند ذاك فان كل واحد سيخدم الآخر ولن يحتاجوا للآخرين.
اما الامر المهم الآخر الذي خرجت به من الندوة وبحوثها فهو ضرورة العناية بفقة المسنين، وان العناية بتدريس هذا الفقه اصبحت بحاجة الى تكثيف لدراستها في مناهج مدارسنا في مختلف المراحل، لان المتغيرات الحضارية اثرت في الشباب فأصبحت ترى شاباً يرفع صوته على والده او والدته تأثراً بالمسلسلات الوافدة، واذا كنت سابقاً لا ترى ابنا يرد على والده الا بعد تردد وتفكر فقد اصبحت الآن ترى الابن يجيب والده في الحال واذا لامه لائم اجاب بعبارة اسوأ من التصرف وهي نحن في عصر الحرية او ان العصر ازال الحواجز بين الناس.
لدينا قصص في الماضي وفي الحاضر تكاد تصل الى الخيال في رعاية الابناء لابائهم وامهاتهم، ومنهم من يخفي عنايته بوالديه وبخاصة في الحالات الصعبة عن الناس طلباً للثواب، وما كانت هذه القصص لتكون لولا التربية الصالحة التي نحتاج اليها في عصرنا اكثر من اي وقت مضى لكثرة المؤثرات الخارجية، ولا يوجد شىء اجدى من العناية بفقه المسنين ليعلم للصغير ويدرس للكبير بل ان الآباء والامهات مطالبون بأن يعوّدوا الابناء منذ الصغر على خدمتهم حتى لو لم يكونوا محتاجين لأن هذا ضرب من التعليم يجب ان يورث للاجيال.
نقرأ عن علماء كبار من السلف تمذهبت الاجيال بفقههم وروي عنهم من البر بوالديهم عملياً ما يفوق فقههم المنقول، وفي سير هؤلاء اسوة حسنة للشباب الذين قد يظن احدهم ان العلاقة مع والديه علاقة منفعة كما هي فلسفة الحضارة الغربية المعاصرة، فمن يصدق ان عالماً طلبت امه المسنة ماء فذهب لاحضاره ولكنه وجدها قد غطت في نوم بعد حضوره فبقي واقفاً طوال ليلة انتظارا لاستيقاظها؟
لو ان المجتمع عمل بالفقه في تعامله مع ذوي الارحام في الرعاية، وفي الصدقة وفي المواصلة لعاش الناس حياة نموذجية لا يحتاج المسن فيها الى رعاية خارج المنزل الا كما يحتاج بقية افراد الاسرة كالرعاية الصحية مثلاً.
ان هذه الندوة قد جاءت منبهاً لحال قد يصل اليها مجتمعنا في ضوء المؤثرات الكثيرة ومن ابرزها هدم الحضارة المعاصرة لعلاقة الاحترام والوقار بين افراد الاسرة والدعوة لتمرد كل فرد على الآخر، والدعوة لاسقاط كل ما توارثه الناس من شهامة رعاية القريب ليصل المجتمع الى ما وصل اليه الغربيون بحيث يموت العجوز في بيته وحيداً لا يعلم به اقرب الناس اليه وقد لا يجد من يدفنه ان لم يوصي شركة بذلك في حياته، ولو كان من النجوم العالميين، في حين ان حالات العقوق تروى في مجتمعنا على انها حالات نادرة، وكلما زادت صلة القرابة زاد اندهاش الناس من حدوثها.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

ملحق عرعر

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved