Tuesday 7th March,2000 G No.10022الطبعة الاولى الثلاثاء 1 ,ذو الحجة 1420 العدد 10022



طباق وجناس
الخطأ لايبرر الخطأ ,,,!
محمد أحمد الحساني

عدت مؤخراً من الخارج بعد رحلة عمل إلى كل من ايطاليا وسويسرا فيما نرى الصديق الصحفي الأستاذ خالد محمد الحسيني بعدد من جريدة الجزيرة صادر يوم السبت 20/11/1420ه يحمل رداً مذيلاً باسم الأخ د, مجدي محمد حريري نائب رئيس مجلس إدارة مركز فقيه للابحاث والتطوير بعنوان حتى لا يندثر الوقف ، وفيه تعقيب على ماسبق لي نشره بتاريخ 23/10/1420ه بمناسبة ندوة الأوقاف التي عقدت في رحاب أم القرى خلال شهر شوال الماضي.
وكان مقالي قد تضمن شرحاً لبعض المصاعب والاشكالات التي تواجه الأوقاف الاسلامية والأهلية مما قد يؤدي الى ضياع تلك الأوقاف أو إهمالها أو تحويلها إلى أملاك أو بيعها بثمن بخس واستبدالها بغيرها بحجة انها دامرة وغلتها ضعيفة، وبدل ان يكون الاستبدال أميناً وتقدر للوقف قيمة المثل او يستبدل بعقار مماثل في المزايا والدخل تتدخل الأهواء ويكون في الاستبدال ظلم للوقف وهضم لشروط الواقف وللمستفيدين من ريعه، وذلك بتضامن بين الناظر المتسلط والجهات الأخرى التي يفترض انها ترعى الوقف، وقلت إنه في حالة استبدال الوقف عبر الأجيال وتناقص قيمته بعد كل استبدال فإنه معرض للذوبان تماماً كما تذوب قطعة الثلج أو الملح إذا طرحت في الماء!
وخلال استعراضي لآلام الأوقاف وماتعرضت له من مظالم ومفاسد وضياع ذكرت ان تحويل الأوقاف الى مجرد اسهم مشاعة في شركات استثمارية قد يعرضها هي الاخرى للضياع بسبب سوء الادارة أو تهاوي اسعار الاسهم أو عدم نموها سعرياً بما يماثل العقار الآخر فاذا بيعت تلك الأسهم في زمن معين فإن قيمتها الشرائية قد لاتساوي ربع القيمة الحقيقية للوقف فيما لو ظل مستقلاً ولم يدمج ويحول إلى اسهم، أو لو انه استبدل لأنه دامر وليس له غلة تذكر بوقف مماثل وبطريقة أمينة.
وقد لاحظت ان الرد قد أكد ما قلته وضرب لذلك الأمثال وان كل شيء مهمل قد اصبح يشبه بالبيت الوقف بل ان الرد قد اورد اسماء عدد من الأوقاف المكية التي اندثرت بفعل تقادم الزمن وعدم وجود صكوك لها في المحاكم الشرعية لأنها اقدم من اول صك معروف التاريخ بالمحكمة حسب ما جاء في الرد ، ولكن الرد بدل ان يتضامن معنا في دعوتنا إلى حماية الاوقاف من الاندثار والذوبان فضل ان يفسر الامر بطريقة خاصة تخدم فكرة خاصة، حيث جعل الطريقة الوحيدة المتاحة لصيانة الأوقاف أن تتحول الى اسهم مشاعة في شركات استثمارية ضارباً المثل بما فعلته شركة مكة للانشاء والتعمير بعدد من الأوقاف التي نزعت وقدرت اثمانها وحولت تلك الأوقاف الى اسهم في هذه الشركة، ثم أخذ الرد في إظهار محاسن مافعلته الشركة بالاوقاف وان بعضها كان ريعه السنوي واحداً في المائة ولكن ريعه بعد تحوله الى اسهم في الشركة قد تضاعف الى ثمانية اضعاف حتى يظهر مقدار احسان الشركة الى الاوقاف بعد ان احسنت الى الأملاك التي نزعت من اصحابها لتتحول هي الأخرى إلى اسهم في الشركة!!
ومادام الرد قد اشار الى هذه القضية,, قضية تحويل الأوقاف الى اسهم مشاعة في شركات عقارية استثمارية كحل وحيد فريد مفيد، وحسّن معالجة جميع الأوقاف بهذه الطريقة فاننا نود ان ننبه الى ان هذا الاسلوب هو من باب معالجة الخطأ بالخطأ، فالمحافظة على الأوقاف سواء كانت دامرة او عامرة لاتكون بتحويلها الى اسهم مشاعة تتصرف فيها الشركات الاستثمارية او ربما بعض اعضائها بطريقة اجتهادية، وانما يكون بتحكيم الشرع والعدل في شئونها وإداراتها وفق مايأمر به الله: إن الله يأمر بالعدل والاحسان وذلك ممكن اذا تحقق في القائمين عليها من نظار وغيرهم العدالة والصدق وحسن الاختيار لهم من قبل جهات الاختصاص، وتغييرهم فوراً بمن هم أشرف واصدق منهم اذا تبين عدم صلاحيتهم بل ومعاقبة من يتواطأ ضد مصلحة الوقف كائناً من كان بالسجن والغرامة لأنه خان الأمانة وعبث بأموال المسلمين وانتهك شروط الواقفين وقد رحلوا الى الدار الآخرة بعد ان جعلوا اوقافهم في أيدي من خلفهم من الأجيال والمحاكم والقضاة ولجان النظر الشرعية، أما القول ان الطريقة المثلى هي تحويل جميع الأوقاف بعد دمجها بعضها في بعض الى اسهم مشاعة في شركات عقارية فانه تبرير غير ناصح وعلاج سقيم لوضع غير سليم!
اما ماجاء في الرد من ان الأوقاف التي دمجت على شكل اسهم في الشركة قد تضاعف دخلها وريعها الى ثمانية او عشرة اضعاف فهذه الارقام التي ذكرها الرد فيها مقدار جيد من عدم الدقة بل والمغالطة ايضا وذلك لأن معظم الأوقاف المحولة الى اسهم كانت اوقافا خربة قليلة الريع اومنقطعة الريع تماماً وكان السبيل الأمثل لمعالجة وضعها ان تقوم جهات أمينة تخاف الله بتقدير ثمنها الحقيقي بغض النظر عن دخلها السنوي المتهافت او المعدوم ثم تقوم الجهة نفسها بشراء عقار على طريقة الاستبدال، أو بالثمن اذا قدرت الاوقاف بثمن مادي مقبوض لدى المحكمة وعندها سنرى كم يكون العائد الحقيقي الناتج عن التقدير الحقيقي لتلك الاوقاف، اما ان يقال ان الريع السنوي للوقف كان مائة الف ريال ثم اصبح مليون ريال بعد تحويله إلى اسهم في الشركة فان مثل هذا القول قد اغفل القيمة الحقيقية للوقف وليس القيمة التي قدرتها الشركة او من تعاون معها عند نزع الملكيات قبل ما يزيد عن اثني عشر عاماً، وهناك العديد من الأملاك او الأوقاف التي لايزيد دخلها عن ربع في المائة وليس واحدا في المائة لان ثمنها على سبيل المثال عشرون مليون ريال ودخلها على حالتها البائسة خمسون الف ريال فهل يكون الحل ان نقوم بتقدير قيمة هذا الوقف بمبلغ خمسة ملايين ريال ثم اذا ما اعطانا خمسمائة الف ريال رقصنا فرحاً وقلنا ان دخله تضاعف عشر مرات ام يكون الفعل والحق والمنطق بيعه بسعره الحقيقي وليس المجازي فيكون دخله لو اعطانا خمسة في المائة فقط مليون ريال!؟
ومع ذلك كله فان النسبة التي تصرفها الشركة للاسهم على هيئة ارباح سنوية هي على القيمة الدفترية للسهم اي السعر الاصلي له وليس على سعره في السوق.
فاذا كان سعر السهم في الدفاتر مائة ريال وسعره في السوق ثلاثمائة ريال فان نسبة الربح الحقيقية للاسهم اربعة في المائة وليس اثني عشر في المائة ولكن هذه الطريقة المعتادة في حساب الارباح للاسهم عامة ولا نطالب الشركة بغيرها، ولكننا اردنا فقط ان نوضع ان مفاخرتهم بارتفاع ريع الاوقاف بعد تحويلها الى اسهم مشاعة لا تقوم على حجة بل على جرف هار من الارقام التي كان الواجب ان ترتبط بالقيمة الحقيقية للوقف وليس بما قدر له من قيمة فاذا وجد ان ماحصل في صالحه فعندها يمكن ان نقول ان تحويل الاوقاف الى اسهم قد جاء له ببعض الفوائد الحاضرة ولكنه عرضة للذوبان ضمن كيان عام قابل للتدهور كما هو قابل للنمو مثل غيره من الشركات وانه حول الى طائر يطير بجناحيه في سماء الاسهم ويرتفع ويهبط معها بلا هوية او حدود بعد ان كان بصك شرعي وحدود وهوية تحفظ له كيانه عبر مئات السنين وانه ليس العبرة بما يفعله غير الامناء في الأوقاف وإنما العبرة بما يراه الشارع الحكيم في هذه الأمور الشرعية وإذا كان الرد قد اشار الى اندثار العديد من الأوقاف وهي كيانات قائمة يشهد عليها ولها وبها الذاهب والقادم فما الذي يضمن الا تذوب وقد تحولت ال اسهم في مهب الريح ومن يضمن نزاهة ورشد القائمين على الشركات المساهمة عبر الاجيال ونحن نرى من بعضهم وفي هذا العصر العجب العجاب عند تعاملهم مع اموال المساهمين في الشركات المساهمة حتى ان بعض الاسهم نزل سعرها الى النصف خلال سنوات قليلة واصبح بعض المساهمين يبيع حصته وهو ينادي انج سعد فقد هلك سعيد .
اما المثل الذي جاء في الرد من وقف خرج من رِبقة الشركة واستقل بنفسه فخسر كثيراً من ريعه فان هذا الكلام مردود على اصحابه لانه قد يدل على عدم استغلال اموال ذلك الوقف بطريقة جيدة ويمكن ان نقابله بمثل آخر هو ان اي انسان اخذ حقه المادي من وقف وغيره في ذلك التاريخ اي عام 1408ه واشترى بديلا فان سعر ما اشتراه يكون قد تضاعف اربع مرات على الاقل وهذا الامر ينطبق على ماحول الحرم المكي الشريف من اوقاف واملاك داخل الخطين الدائريين الاول والثاني بل وحتى في المخططات والاحياء التي بعد الخطين والشواهد على ذلك كثيرة لمن اراد الحق ونأى بنفسه عن المغالطة والجدال الذي لا طائل من ورائه أبداً!
واخيراً:
فقد كتبنا كلمتنا الأصل ,, موجهة الى الوزارة المعنية المؤتمنة على الاوقاف ولم تكن كلماتنا موجهة الى أبي حرير أو غيره، ولكننا مع ذلك نرحب برده ونعطيه حق الدفاع عن الشركة التي يعمل فيها، وقد فعلت جريدة الجزيرة ذلك برحابة صدر لأنها جهة النشر، ثم سمحت لنا بالتعقيب ففعلنا ما نرى انه الحق فان اخطأنا فاننا نرجو ان نكون من اصحاب الأجر الواحد وان اصبنا فذلك ماكنا نبغي والحمد لله في الحالين وهو الهادى الى سواء السبيل.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

القوى العاملة

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved