Tuesday 7th March,2000 G No.10022الطبعة الاولى الثلاثاء 1 ,ذو الحجة 1420 العدد 10022



بيننا كلمة
بلاغة الحجارة
د, ثريا العريّض

حين رجم طلبة جامعة بيرزيت رئيس وزراء فرنسا جوسبان بالحجارة، ربما سمع في هسيس الحجارة الطائرة وضوح رؤيتهم.
لم يتغير الوضع كثيرا منذ كنت طالبة ادرس في بيروت,, حين دار حوار مع الزميلات حول قضية العرب واسرائيل سناء من سوريا قالت: ستتمسك اسرائيل بالجولان وسترون, هي لاتترك ارضا احتلتها! وشفيقة من الجنوب اللبناني تنبأت لن تتركنا اسرائيل نستقر,, ستضرب كلما رأت أن ذلك يخدم اغراضها وحللت رحاب من عكا الوضع: الامر يتعلق بضعف العرب وقوة دعم الغرب لاسرائيل, اللاجئون يتوالدون بمخيمات مكشوفة، والغرب يبارك منطق الغارات الوقائية الاسرائيلية! ,, واضافت فاطمة من صيدا: لا يتوقف الامر على الاغارة على مخيمات الفلسطينيين بل هم يترصدون استقرار اقتصاد لبنان ومياه انهاره , وشككت ديلبرت التركية : يبدو انكن ترين تآمرا دوليا على العرب؟.
لم تكن الحوارات السياسية وقتها تشدني,, وربما لم افهم تشاؤم الحوار,, ولكنَّ شيئا ما اثار شعوري بالاستنفار,, طالبتهن بالتوضيح, وجاء التفصيل طويلا مخيفا, أكاد اليوم وانا استعيده استغرب العمق الذي وصل اليه فهم وتوقعات فتيات صغيرات في عمرنا ذاك.
بعدها اشتعل لبنان عشرين عاما من اتون الحرب والتشظي والجراح.
واتذكر الحوار وحقائق ما نجم بعده,, واترحم على صدق رؤيتنا.
مرت سنوات الحروب والهزائم والاحتلال,, وتوسع شق التشتت الفلسطيني حتى شمال افريقيا ثم العراء,, وانتفاضة الحجارة، وتسويف المباحثات واخراج حنان عشراوي وفيصل الحسيني، ثم الضحك على الذقن العربي واجتماع اوسلو وسحب البساط والقبول بدويلة فلسطينية دون سيادة حقيقية,, والهرولة نحو التطبيع!
الآن يبدو ذاك الحوار الطلابي متضح الرؤية؛ رؤية اسرائيل بعيدة المدى وطويلة النفس، ورؤية العرب آنية؛ عين بصيرة ويد قصيرة، ويد الغرب تدعم يد اسرائيل الطويلة وتبارك ضرباتها, وحين تخرج الى الوجو اكف عربية صغيرة ترفض الموقع المرسوم لها في مستقبل المنطقة، وتحاور بحجارة لها بلاغة الجرح، يسمع الغرب ويتصامم، وتجيّر اسرائيل كل صخب لخدمة مخططاتها,, تكسر عظام الصغار ليتعظوا عن رمي الحجارة,, وتقيم جدرانا تحشد العرب وراءها، وتهدم جدران الدور العربية لتبني مستوطنات لليهود,, وتقتطع أحزمة أمنية لاسرائيل المتمددة الحدود من اوطان جيرانها الارهابيين !
منطق اسرائيل هو منطق اليد الاسرع الى الضرب هي التي تحتفظ بالارض,, ولايهم من هو صاحب الأرض الشرعي, فالملكية في شرعها الخاص يضمنها الصلف الاسرائيلي والدعم الغربي.
* لم نخطىء التنبؤ,, شفيقة اضحت بلدتها الجنوبية جزءا من الشريط الامني لاسرائيل, اما فاطمة فمسكونة باكتئاب حا سببته الغارات الاسرائيلية المتواصلة وتشظي النفسية اللبنانية بعد سنوات الحرب, وسناء كانت تقيم قريبا من بحيرة طبرية التي يصر باراك على مواصلة احتلالها! ورحاب هاجرت من وجع عكا,, الى كندا!!
وديلبرت؟,, ربما ترسم خرائط التعاون المائي بين تركيا وإسرائيل! وتبقى الرؤية المباشرة، والبلاغة في حجارة طلبة جامعة بيرزيت,امثال جوسبان وصقور اسرائيل لا تؤثر فيهم إلا بلاغة لغة الحجارة.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

لقاء

القوى العاملة

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved