Thursday 9th March,2000 G No.10024الطبعة الاولى الخميس 3 ,ذو الحجة 1420 العدد 10024



نهار جديد
احتفالاتنا الثقافية، إلى أين؟
عبدالله سعد اللحيدان

انتهت فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة، بما له وما عليه، ولكن الفعاليات الثقافية للرياض كعاصمة للثقافة العربية لعام 2000 ما زالت حية ونشطة وقائمة,, او,, هكذا يفترض.
في هذا العام بلغ المهرجان الوطني للتراث والثقافة عامه الخامس عشر، وفي فعاليات هذا العام تكررت الاحتفالات وأشكال الأنشطة، وان تغيرت بنسبة أو بأخرى المضامين وبعض الوجوه .
الجهود الكبيرة، والانفاق الضخم، على هذا المهرجان، حققا نجاحا أشار اليه كثير من المثقفين والاعلاميين العرب الذين استضافهم.
ومن أبسط الأشياء التي تحققت للمثقفين والمبدعين السعوديين على هامش فعاليات المهرجان، هو انهم استطاعوا تقديم صورة رائعة عملت على تغيير كثير من المفاهيم السابقة لدى اخواننا العرب حول مستوانا الثقافي والابداعي والاعلامي، وما يتمتع به الجيل الجديد من وعي وذائقة وقدرات أربكت في كثير من طروحاتها وحضورها تصوراتهم السابقة.
الثقافة التي مثلتنا في هذا المهرجان لم تكن ثقافة واحدة، بل ثقافات، الاولى تقليدية ومثلتنا رسميا في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات بفندق الرياض انتركونتننتال، واختفت، أو ,, توارت بعد المشاركة مباشرة ، والثقافة الاخرى جديدة، حية وفاعلة ونشطة وطموحة,, والأهم واثقة من نفسها,, تمكنا ومواهب وقدرات.
الأسماء التي شاركت في الفعاليات الرسمية من الداخل كانت مكررة ولم نشهد وجوها جديدة، ولم تتحقق تجاوزا او اضافة,, حتى بالنسبة الى نفسها ونتاجها السابق.
الاسماء التي شاركت من الخارج كان بعضها جديدا، بالنسبة الى حضوره هنا، وبعضها كان قديما ثقافيا مل الناس قراءته وتجاوزوه منذ عقود.
الحضور الجماهيري الكبير للأمسيات العامية كان كبيرا الى درجة لا يمكن مقارنة حضور الفصيح به، ويبدو ان هذه الظاهرة أو الموضة لن تنتهي سريعا,, وكما توقع لها الكثيرون.
الحديث هنا ليس للنقد او التقييم,, بقدر ما هو محاولة لفتح أفق من آفاق الأسئلة المهمومة ثقافيا والتي تطمح الى التجديد والاختلاف والتميز بين كل مناسبة وأخرى، وإلا، ما معنى ان يكرر الانسان نفسه، او يقدم للآخرين شيئا مكررا، لا جديد فيه، ولا يثير او يلفت الانتباه.
واذا لم يتحقق الجديد، والمفيد، والذي يمكن ان يضيف شيئا الى الموجود او يطوره وينميه,, أو يفتح ابوابا جديدة للأجيال الجديدة,, او يسجل انتصارا ثقافيا ولو يسيرا يسترعي اهتمام الشباب ويجذب انتباههم,, وينقذهم من الفضائيات وحسيتها وكرة القدم واستلابها، اذا لم يتحقق شيء من هذا فان الانفاق الضخم على هذه المناسبات والجهود والطاقات والأوقات التي تبذل في حاجة الى اعادة نظر.
طرح المشكلة، لوحدها,, هكذا، لا يشارك الا في تعقيدها ولف خيوطها اكثر مما هي ملتفة اصلا، والذي يطرح أسئلة لابد ان يكون لديه اجوبة لها أو شيئا يساعد على ايجاد الحلول، أو يقترحها.
ضمن هذه الاشكالية، وهذه الجدلية، ينبغي أولا معرفة أسباب المشكلة، أي مشكلة، وظواهرها وآثارها، واقتراح الحلول لها, وهذا لا يمكن في ظل غياب أصحاب العلاقة معرفة وخبرة وممارسة ووعي وملامسة مباشرة، واشتغال ثقافي وحياتي .
اللجان التي تقوم بتنفيذ الفعاليات والاشراف على هذا التنفيذ، والتي تباشر التنفيذ والاشراف، تملك خبرة وممارسة ادارية واشرافية تأتت لها وتكونت من واقع الفعاليات السابقة التي عملت فيها, ونياتها صادقة وبريئة وجهودها لا تنكر في محاولة التجديد والتطوير وتقديم المفيد، ولكن كثرة مشاغلها في مراكزها الادارية وعدم ممارستها للفعل الثقافي بشكل مباشر، يجعلها تنظر الى الثقافة وأنشطتها واسماء الفاعلين فيها من الخارج، أي من خارج الدائرة، بينما المطلوب,, هو النظر من الداخل الى الداخل لكي يتم التقييم والفرز والاختيار، دون تغليب جانب على جانب او توجه ثقافي على آخر,مشاركة المثقفين الذين يقعون داخل دائرة الفعل الثقافي,, يوميا مطلوبة ولو على شكل استشارة، وقدرتهم على تمييز الغث من السمين، والزيف من الحقيقة، والفارغ من الملآن أكثر من قدرة الاداريين,, لا لنقص يعانيه الاداريون، ولكن لأن هذا التميز لن يكون دقيقا الا اذا قام به من يمارسه يوميا لا من يدعي ممارسته وهو منقطع ,, لا يطل على الثقافة وهمومها الا كل سنة مرة .
عبدالله سعد اللحيدان

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved