Thursday 9th March,2000 G No.10024الطبعة الاولى الخميس 3 ,ذو الحجة 1420 العدد 10024



بيننا كلمة
فضاء الوهم
د , ثريا العريّض

متى ابتدأ تحريف وجهة الاعلام عن نقل المعلومات والمعرفة الى بيع الوهم؟ لا أحد يدري بالتحديد فالوهم كان دائما غواية للبشر.
وسائل الاعلام في الغالب انحرفت عن الاعلام في حد ذاته الى التركيز على التسويق المادي والمعنوي, ووسائل الاعلام المحلية التوجه يزداد بون تخلفها في سباقها مع نقلات التقنية وانفتاح الفضاء, ويضاعف ذلك انزلاقها عن مسار الاعلام الملتزم الى الاعلام الموجه.
المطبوعات تحولت عن توصيل الفكر، الى تحقيق ارباح للمالكين والمستثمرين، والتركيز على ارضاء المسؤولين فملأت مساحاتها بالاعلانات وقصائد الاستعطاء, والتلفزيون الذي اوصل العروض الى حرمة البيوت، انجرف فأصبح مجال اضاعة للوقت بتسلية سطحية مشبوهة العطاء تعتمد على جذب الفئة المراهقية التذوق عبر فيضان من الاغاني المدعومة بتثني الراقصات, ولم يعد التلفزيون استعراضا للفن الراقي بل للفن التجاري الذي يعتمد مكياج المذيعات واستهبال الكاميرا الخفية، وغثاء المسلسلات خاصة المدبلجة, البرامج الجادة محدودة وغالبا لا تشد المتلقي العام لافتقادها عنصر التشويق, اما المتظاهرة بالجدية فهي لا تتعدى استضافة معلقين معدودين، وحوارات المجابهة المثيرة للبلبلة والمشبوهة المحتوى الفكري او الموجهة بتقصد ايديولوجي، ثم تكرار اجترار التاريخ والتراثيات.
وامام اعلام القرن الواحد والعشرين وانفتاح القرية الكونية، وثورة التقنية الجبارة نقف بشيء من الذهول وكثير من الانبهار وافتقار واضح لاسلحة التلقي ودروع الوقاية الذاتية من الاعلان.
محاطون نحن بفضاء الوهم بكل اللغات المختلفة,, والصور المتشابهة,, والبرامج الربحية التوجه,, فضاء يحمل الكثير من الغث والمسمم، والقليل من الثمين بالمعرفة المفيدة, فضاء مكتظ بالكثير من الاعلام الموجه والكثير من الاعلان المغوي.
صور مدروسة التأثير في اعلانات الشامبو والعطر والصابون ومعجون الاسنان تعد بالمتعة والجاذبية التي لا تقاوم والجمال الخلاب؛ واعلانات محسوبة التكلفة والمردود تغري بشراء مظاهر الأبهة وبريق الاحلام، سيارات فارهة، ورحلات توصلك عجائب الدنيا وتسكنك فنادق السبعة نجوم، ومجمعات تجارية محترفة تستعرض محتوياتها من الالماس والحرير والفضيات والالكترونيات تسوقها وجوه فاتنة واجساد مثيرة ومظهريات نخبوية.
***
الذين يسوقون الوهم، يفعلون ذلك بوعي تجاري ذكي، آني التوجه سخر وسائل الاعلام لتصبح وسائل اعلان تجارية الهدف,, فامتلأت حتى صفحات الجرائد باغراءات الشراء، من العطور والملابس الى المشروبات والدخان وزيوت القلي ومواد التنظيف.
وقد افهم مبرر اعلانات صحفية شخصية عن فرص وظيفية او مفقودات او مناسبة قادمة, وهي لا تحتاج الا بضعة سطور بخط اسود شأنها شأن التعميمات الرسمية بغرض الاشهار والنشر؛ ولكن حتى الوفيات؟؟؟؟ هذه تمددت الى مساحة صفحة تأتي اعلانا لامباشر عن اهمية المتوفى والناعي والمعزِّي,, انا الى الله وإنا اليه راجعون, وقانا الله واياكم شر الوهم في الدنيا والآخرة.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

فنون تشكيلية

مقـالات

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved