Monday 13th March,2000 G No.10028الطبعة الاولى الأثنين 7 ,ذو الحجة 1420 العدد 10028



خير الدعاء دعاء يوم عرفة
د, سليمان بن عبدالله أبا الخيل *

يُعتبر يوم عرفة من أيام المسلمين المشهورة والذي يجتمع فيه حجاج بيت الله الحرام الذين جاءوا من كل مكان على صعيد واحد لباسهم واحد، همهم وآلامهم وآمالهم متحدة، لا فرق فيهم بين الكبير والصغير ولا الغني والفقير، ولا القوي والضعيف.
يلتقون على المحبة والائتلاف، والتعاون على البر والتقوى، ويرجون ما عند الله سبحانه من المغفرة والرضوان ولذلك فإنه إذا طلعت الشمس من اليوم التاسع سار الحاج من منى إلى عرفة فينزل بنمرة إلى الزوال إن تيسر له، وإلا فلا حرج عليه، لأن النزول بنمرة سُنة لا واجب، فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين ركعتين، يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم.
ففي صحيح مسلم من حديث جابر رضي الله عنه قال: (وأمر يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس، ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام العصر ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات,و جعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة، فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس).
والقصر والجمع في عرفة لأهل مكة وغيرهم، وإنما كان الجمع جمع تقديم ليتفرغ الناس للدعاء، ويجتمعوا على إمامهم، ثم يتفرقوا على منازلهم، فالسنة للحاج أن يتفرغ في آخر يوم عرفة للدعاء والذكر والقراءة، فالدعاء يوم عرفة خير الدعاء قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).
وينبغي أن يكون حال الدعاء مستقبلا القبلة، وإن كان الجبل خلفة أو يمينه أو شماله، لأن السُنّة استقبال القبلة، ويرفع يديه، فإن كان في إحداهما مانع رفع السليمة، لحديث أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: (كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو، فمالت به ناقته فسقط خطامها، فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع الأخرى) رواه النسائي.
ولا يعتدي في دعائه بأن يسأل ما لا يجوز شرعا، أو ما لا يمكن قدرا، فقد قال الله تعالى: ادعو ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين .
ولتجتنب أكل الحرام فإنه من أكبر موانع الإجابة ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا,,,) الحديث، وفيه: (ثم ذكر الرجل يطيل السفر اشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك .
فقد استبعد النبي صلى الله عليه وسلم إجابة دعاء من يتغذى بالحرام، ويلبس الحرام، مع توفر أسباب القبول في حقه، وذلك لأنه يتغذى بالحرام.
وعلى الحاج أن يحرص على الأذكار والأدعية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنها من أجمع الأدعية وأنفعها فيقول: اللهم لك الحمد كالذي نقول، وخيرا ما نقول، اللهم لك صلاتي ونسكي، ومحياي ومماتي وإليك ربي ما بي ولك ربي تراثي, اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر، اللهم إني أعوز بك شر ما تجيء به الريح, اللهم إنك تسمع كلامي، وترى مكاني، وتعلم سري وعلانيتي، ولا يخفى عليك شيء من أمري أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر المعترف بذنوبي، أسألك مسألة المساكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه، وذل لك جسده، ورغم لك أنفه, اللهم لا تجعلني بدعائك رب شقيا، وكن بي رؤوفا رحيما يا خير المسؤولين، ويا خير المعطين، اللهم اشرح لي صدري، ويسر لي أمري، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل، وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح، وشر بوائق الدهر, اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا, اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ومن درك الشقاء، ومن سوء القضاء، ومن شماتة الأعداء, اللهم إني أعود بك من المأثم والمغرم، ومن شر فتنة الغنى وأعوذ بك من فتنة الفقر.
وإذا لم يحظ بالأدعطة الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بما يعرف من الأدعية المباحة، فإذا حصل له ملل وأراد أن يستجم بالتحدث مع رفقته بالأحاديث النافعة، أو مدارسة القرآن، أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة، خصوصا ما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوى جانب الرجاء في هذا اليوم كان حسنا ثم يعود إلى الدعاء والتضرع إلى الله، ويحرص على اغتنام آخر النهار بالدعاء.
وليعلم الحاج وغيره أن يوم عرفة يوم عظيم يباهي الله سبحانه بعباده ملائكته ويقول: أتوني شعثاً غبراً فيغفر لمن يشاء منهم، ولذلك لابد من الحرص على الدعاء والإلحاح فيه وعدم استبطاء الإجابة، لأن الدعاء الذي لا يستجاب في الدنيا فإنه يدخر في الآخرة فتكون عاقبته أفضل وأكمل مما لو عجل في الدنيا، والذي يجب الاعتناء به والتنبه إليه قبل ذلك هو أن يكون العمل أيا كان خالصا صوابا، خالصا لله، صوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
*وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

منوعـات

الركن الخامس

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث][الجزيرة]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved