أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 22nd March,2000العدد:10037الطبعةالاولـيالاربعاء 16 ,ذو الحجة 1420

تقارير واحداث

تعقيباً على د, صالح المالك
الأوراق المكدسة إحدى النتائج السلبية للمركزية
قرأت مقالا متميزا للدكتور صالح بن عبدالله المالك حول تطبيق موضوع ·اللامركزية في الشؤون البلدية والقروية وذلك تعقيبا على معالى عبدالله النعيم وذلك في العدد (9999) وقد كانت عناوين المقال كما يلي:
ْ قبل تطبيق اسلوب ·اللامركزية كيف خشي سمو الوزير من سقوط مبنى الوزارة بسبب كثرة المراجعين.
ْ تقتضي الامانة ان انوّه بجهود وكالة وزارة الداخلية لشؤون البلديات والمسؤولين فيها قبل ان تتحول الى وزارة للشؤون البلدية والقروية.
ْ الأمير سلمان غيّر وجه الرياض الى الافضل والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض نموذج حي للأسلوب اللامركزي.
ْ تطبيق اللامركزية في وزارة الشؤون البلدية والقروية والامانات والبلديات كان من ضمن اولويات الامير ماجد بن عبدالعزيز.
وقد كان مقال الدكتور صالح من المقالات النادرة التي أتطلع اليها بكل شوق وشغف لكشفه طرفا مما بذل للتحول الى الاسلوب اللامركزي وهي شبيهة بذكريات إدارية نحن في امس الحاجة اليها,, واحب ان اعلق بما يلي:
1, أتمنى ان يقوم سعادة الدكتور صالح المالك بتأليف كتاب عن تجربته الإدارية في وزارة الشؤون البلدية والقروية فبمثل هذا الكتاب يضع عصارة فكره وجهده وخبرته والمواقف التي مر بها وما بذل في الوزارة من جهود لتأسيسها وتأسيس فروع المديريات العامة للشؤون البلدية والقروية.
أتمنى ان يقوم الدكتور صالح بتأليف هذا الكتاب ليكون سابقة ما سبقه بها احد في مجال البلديات التي هي بأمس الحاجة الى الفكر النير والثاقب والتنظيم العلمي السليم بدلا من الاسلوب العشوائي او اساليب ·الأميين والمجتهدين التي انتهى زمانها,, فهل يحقق مثل هذا المطلب,.
2, ان ·المركزية و·اللامركزية امران نسبيان يختلفان حسب الأمكنة والأزمنة والأشخاص,, ويختلفان شدة وخفة فليس من المعقول ان نجد امرا ما يتم بدون ·مركزية والمركزية تعني القيادة فليس هناك احد بدون قائد يصدر الأوامر,, كما ان المركزية المطلقة والتي يجب ان يطلق عليها ·الدكتاتورية او الاستبداد بالرأي هي ان يتولى شخص واحد فقط جميع الاشياء فلنفترض ان هناك مؤسسة ما او إدارة ما تحوي مديرا وعددا من الموظفين يتولى هذا المدير فيها جميع امور الإدارة بنفسه فهو الذي يستقبل المكالمات الهاتفية ويرد عليها وهو الذي يتولى ·المعاملات وهو الذي يرقي الموظفين ويعينهم وهو الذي يقود السيارة وهو الذي ينظف المكتب,, بمعنى ان الموظفين الآخرين ·صفر على الشمال او لا قيمة لهم,, وهذه اعلى درجات ·المركزية اي ان هذا الشخص هو الوحيد المعروف في الإدارة,, ولاشك ان مثل هذا يجب ان يملك اعصابا من حديد او ينهار في آخر لحظة,, وبالتالي فإن المركزية ليست خيرا كلها وليست شرا كلها وإنما يجب ان توزن بميزان دقيق حتى لا يطغى احد جانبيها على الآخر ولكن المشكلة الأزلية هي ان المدير اذا ازاحها عنه فستنتقل الى الموظف الاقل منه,, ولنطبق ذلك على البلديات فقد ازيحت المركزية عن جهاز الوزارة نفسه ولكن من يضمن ان المركزية ليست موجودة في البلديات نفسها.
3, ذكر سعادة الدكتور صالح المالك في الفقرة ·خامسا من مقاله آنف الذكر ان ·الامير ماجد اثناء زيارته الرسمية الى لندن في شوال عام 1396هْ مع وفد من الوزارة ومروره بمكتب الوزير المختص بالتنمية الحضرية هناك لحظ سموه ان طاولة الوزير كانت خالية تقريبا من الاوراق المكدسة فسأل الامير الوزير عن المعاملات فأجابه الوزير الانجليزي ان دوره يقتصر على الإشراف والمتابعة والرقابة ووضع القوانين والمعايير وانه لا يدخل في التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالتنفيذ فتلك مسؤولية البلديات والفروع وشخصيا فإنني اعتبر هذه الملاحظة ملاحظة هامة جدا غفل عنها الكثير من المسؤولين والموظفين فظلوا يدورون في حلقة مشغلة والايام تدور معهم وتطحن اوقاتهم طحنا,, وهم يقولون انهم مشغولون ولا يدرون لماذا هم مشغولون,, كل يوم يمر والذي بعده وهو مشغول,, وينتهي اليوم وهو مشغول الذهن فقط والسر في ذلك والذي غفل عنه الكثيرون هو تلك الاوراق المكدسة فوق مكاتبهم كالمعاول التي تضرب فوق رؤوسهم وتشغل اذهانهم في اشياء تافهة جدا يمكن ان تنتهي بمجرد رفع سماعة الهاتف فهذه الاوراق المكدسة هي إحدى النتائج الكريهة لْ·المركزية ,, وهي التي اغرقت الكثيرين في بحر من المشاغل التي لا تنتهي وافرغت عقولهم من التفكير والتخطيط الاستراتيجي بعيد المدى واغرقتهم في ·الجزئيات البسيطة التي استنزفت الوقت والجهد والطاقة من الكثيرين فبقي التخطيط عشوائيا وبْ·البركة ,, ان المسؤول الأول يجب ان يظل دوره رقابيا وتوجيهيا فقط وحتى اي مدير في اي دائرة دون الدخول في الجزئيات فمن يريد ان يتابع حركة العمال والآلات في مصنع ·مثلا يجب ان يختار لنفسه موقعا استراتيجيا يطل منه على الجميع وألا يجلس في زاوية من الزوايا,, ومن هو داخل المنزل ليس كمن يراه من الخارج,.
وبالنسبة لموضوع خلو المكتب من الأوراق كلها تقريبا فهو موضوع مهم جدا,, فكثير من الأوراق المكدسة على المكاتب لا أهمية لها ولا دور,, بل ان ما فيها لا يساوي ما أهدر من الورق ·أي أنه لا يساوي قيمة الورقة التي كتب عليها , ويمكن انهاء كثير من هذا الكلام شفهيا,, يقول المفكر العالمي الاداري دايل كارنيجي في موضوع اداري حول ·اربع عادات في العمل تساعدك في تجنب الارهاق والقلق وذكر من ضمنها:العادة رقم 1: نظف مكتبك من جميع الأوراق باستثناء تلك التي تتعلق بعملك الآني أي الحالي فقط.
يقال ان احد رجال الأعمال عندما نظم سكرتيره مكتبه وجد آلة كاتبة كانت قد فقدت منذ أكثر من سنتين!!ان مجرد النظر الى مكتب تغطيه المعاملات التي لم تدرس والتقارير والمفكرات يبعث على الاشمئزاز والتوتر والقلق والضيق اذ ان أكوام الأوراق تذكرك بأعمال كثيرة يجب عليك القيام بها دون أن يكون لديك الوقت الكافي لذلك مما يقلقك ولا يسبب لك فقط الضيق والانزعاج بل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب وقرحة المعدة,, ولكن كيف لعملية بسيطة كاخلاء وترتيب المكتب تساعدك في تجنب ضغط الدم المرتفع,, يقول الدكتور وليم ل,, سدلر الطبيب النفسي الشهير عن مريض استطاع ان يتجنب الانهيار العصبي من خلال اتباع هذه الوسيلة,, حيث جاء اليه في مكتبه مدير إحدى الشركات الكبرى وكان يشعر أنه على حافة الانهيار التام,, وحينما كان موجودا في مكتب الطبيب سدلر قرع جرس الهاتف وكان المستشفى فحل مع الهاتف مشكلته فورا,, ثم قرع ثانية وحل المشكلة فورا,, ثم دخل إليه صديق إلى مكتبه لاستشارته وأنهى معه الامر فورا ثم التفت الى مريضه وهو مدير الشركة وبدأ بالاعتذار فقال ·لا تعتذر أيها الطبيب فقد عرفت علتي,, سأعود الى مكتبي لأراجع عاداتي في العمل,, ولكن قبل أن أذهب هل تسمح لي أن ألقي نظرة على مكتبك , فتح الدكتور سدلر أدراج مكتبه فكانت كلها فارغة,, فسأل الدكتور سدلر أين العمل الذي لم ينجز فأجاب فورا: احتفظ به منجزا,,!!
وبعد ستة أسابيع قام المدير ذاته بدعوة الدكتور سدلر الى مكتبه وكان انسانا جديدا,, فتح أدراج مكتبه ليريه أنها فارغة من العمل غير المنجز,, وقال لقد أنجزت حمولة شاحنة من الأوراق والتقارير القديمة.
والآن أعمل على مكتب واحد وأرتب الأمور فور وصولها اليّ فلا أدعها تتراكم في وجهي وتسبب لي القلق والتوتر,, ولكن نحن يجب أن نحدد اختصاصاتنا أولا وصلاحياتنا ولا نهلك أنفسنا في شيء لا نملك صلاحيته أو أن المركزية المقيتة تضخمه حتى يغدو جبلا,, ورقة بسيطة تتضخم في ملف ضخم حتى تصبح كيسا تنوء بحمله العصبة أولو القوة,, هو سبب شقائنا وشقاء موظفينا,, ونضيف في وقتنا شيئا آخر وهو ·الهاتف الذي يلعب دورا عجيبا في حياتنا,, فهو سلاح ذو حدين فهو قد اخترق الحجب والمسافات وأنجز أعمالنا بسرعة, ولكنه سبب ازعاج كثير من الموظفين والمديرين حيث انه سيف مصلت على رقابهم في كل مرة يقرع ويقطع أعمالهم وحبال افكارهم ويردون عليه في كل دقيقة ولحظة ولو أحصيت الوقت الذي يقضيه الموظف في ·الثرثرة بالهاتف لوجدته يزيد على 50% من وقت دوامه.
4ْ يجب أن تكون مقالة الدكتور المالك وثيقة لدراسة متكاملة عن البلديات من حيث انظمتها مثل أنظمة البناء والرخص التي أكل عليها الدهر وشرب وبقيت جامدة تعتمد على الشكليات السطحية مثل الارتداد عن الجار وارتفاع البناء والنوافذ,, دون تعمق في شكل الشوارع واناقة المباني وأنماط التخطيط العمراني,, كما يجب اعادة دراسة الهيكل الوظيفي للبلديات وايجاد آليات لتعيين رؤساء البلديات بمدد معينة, كما يجب دراسة تخصيص بعض الخدمات البلدية التي تعود بأموال طائلة على البلديات مثل المتنزهات العامة,,حتى النفايات نفسها يمكن استثمارها لتعود بأموال طائلة على البلديات بدلا من الجهد والأموال التي تهدرها البلديات في تنظيفها وذلك عن طريق استثمارها عن طريق القطاع الخاص الذي يعيد تصنيعها مثل الأوراق والزجاج والمواد المعدنية,, ألستم معي في ان البلديات بحاجة الى اعادة النظر في ادارتها التقليدية وأنظمتها,, حتى تصبح مدننا تضاهي أرقى مدن العالم؟.
م, عبدالعزيز بن محمد السحيباني
محافظة البدائع


أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved