أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Wednesday 22nd March,2000العدد:10037الطبعةالاولـيالاربعاء 16 ,ذو الحجة 1420

تقارير واحداث

وقفة الحجاج يوم عرفة
ما أروعها من صورة إسلامية مشرقة
عزيزتي الجزيرة الغراء:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, وبعد:
صورة الملايين من الحجاج المسلمين يقفون في عرفة قبل الزوال وقفة المسلم عند باب ربه يلتمس منه المغفرة، ويطلب الرحمة وينشد الرضوان,, انه رب كريم غفور رحيم,, وتتكرر صورة هذا الحاج المتبتل الخاشع,, وهو يقف,, رافعاً يديه إلى السماء,, يناجي ربه،ويناديه بصوت أجهشه الدمع,,وقلب ملأت جوانبه حرارة الدعاء.
وتتكرر الصورة,, صورة مئات الألوف من الحجاج المسلمين، وهم يفيضون من عرفات إلى مزدلفة,, بعد أن غربت الشمس,, فكأنما,, غربت معها ذنوبهم، وامحت خطيئاتهم ولكن هذه الصورة المشرقة لم تغرب,, صورة الألوف من الحجاج المسلمين، يلبون في صوت,, متناسق,, وفي نبرات متجانسة,, يردد صداها وادي عرفات,, وهم ينفرون الى مزدلفة يحسون بأن نفوسهم وجوارحهم قد تجردت من الآثام,, كما تجردت من المخيط,, وستظل خالدة ما بقيت السماوات والأرض، يرددها الملايين من المسلمين، لكما أهل شهر الحج ووقفوا بعرفات,, لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك,.
قالها محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم قبل نيف وأربعمائة وألف عام، وما زال المسلمون يرددونها من بعده,, في مثل هذا اليوم,, من كل عام,, ْ ما أروعها صورة ْ صورة الحجاج المسلمين الذين وفدوا من مشارق الأرض ومغاربها وقد اجتمعوا في صعيد واحد لا فارق بين ألوانهم وأخبارهم,, إلا بالتقوى فالإسلام قد وحد بينهم وإن بعدت الديار,, وجعلهم أمة واحدة,, وإن تباينت لغاتهم واختلفت أجناسهم نعم لقد جعلهم أمة واحدة تنضوي تحت راية الاسلام,, فألف بين قلوبهم في عقيدة لا تتزعزع وكلمة لا تذوب بين أمواج الزمن، لا إله إلا الله محمد رسول الله قالها محمد بن عبدالله,,قالها بعده كل من هداه الله للاسلام,, وشرح صدره بالايمان,, إنها الحاجز بين الاسلام والآخر, والفارق بين الايمان والالحاد,, إنها العقيدة التي بعث بها الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا للبشر كافة,, لا فضل لعربيهم على أعجميهم إلا بالتقوى,, إنها العقيدة الانسانية,, وهي في صورتها حقائق انسانية عليا,, لا تتغير ولا تتبدل,, ولا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها,, حقائق هذه الشريعة السمحة يوم أن أكملها الله لنبيه، وأتم بها نعمته على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها, ·اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا , صدق الله العظيم، هذه هي حقيقة التشريع السماوي العام,, لم يختص بها شعب ولا أمة دون أمة,, وهذا هو مكان كل فرد مسلم في هذا التقسيم العام، وهو بالتالي موضع صراع وكفاح,, ومطمح نضاله وجهاده وحرصه,, ويستمر النضال ويستمر الصراع,, ويستمر الكفاح,, لأن فيها جميعاً طعم الحياة المتجدد,, طعم الايمان المشرق السمح,, والعقيدة الصافية النقية,, يؤديها الحاج اذا ما وفد إلى البيت الحرام في كل عام، في حالة من الأمن والاستقرار والاطمئنان,, والرضا,, فالأمن دائماً مطلب أساسي في نفوس البشر, وكانت نسبة توافر الأمن للناس تختلف من عصر إلى عصر,, حتى جاء هذا العصر، فأصبح الأمن مستتباً ومستمراً لا يعكر صفوه خوف أو قلق، وكانت ميزة العهد السعودي الراهن، هذا الأمن,, وهذا الاستقرار وهذا الاطمئنان، يتمتع بها الحاج المسلم ويحس بها احساساً عميقاً صادقاً,, بل ويحس أكثر من ذلك,, يحس بانه بين أهله وعشيرته فيؤدي مناسك الحج وشعائره,, وهو قرير العين,, مبتهج النفس,, منشرح الصدر,, لقد ارتفع هذا الشعور فحطم الحواجز المادية في وحدة الشعوب المسلمة,, فأصبحت وحدة العقيدة هي وحدة القلوب,, وحدة متماسكة,, أحكم الدين الاسلامي روابطها وجمع وشائجها,, ونبذ الاسلام العنصرية وجعل الناس سواسية كأسنان المشط في البداية والنهاية,, اذ كانت التفرقة العنصرية وما زالت هي الفكرة المضللة التي نبعت من عقلية الاستعمار,,وهي بالتالي نفس السلاح الذي استخدمته في القرن الحادي عشر قوى التوسع والاستغلال في حملاتها الصليبية على الاسلام.
والواقع ان هذه العنصرية ليست في جوهرها إلا أقنعة تختفى وراءها حركات الصهيونية التي ظهرت في هذه الأيام ترتدي ثوب الصليبية ضد الاسلام,واذا تتبعنا التاريخ في جميع عصوره منذ أن ظهر الاسلام نجد أن المنهج الاسلامي لم ينتهج أي تعصب عنصري ضد أي شعب أو أية فئة,, ولعل ذلك يرجع أساساً إلى أن الاسلام بحكم روعة تشريعه الالهي لم يجعل في أسسه نصرة العنصر أو نصرة التعصب للجنس مبدياً هذه الحقائق التي يؤيدها واقع الاسلام,, وواقع تشريعاته,, وواقع تعاليمه,, تؤكدها من ناحية أخرى ان العنصرية التي خضبتها الصهيونية بالدماء هي الاستغلال المتجسد الشره لغرض استغلال عنصر على آخر كما يفعل اليهود اليوم في فلسطين,, وكما تفعل البرتغال في انجولا، وكما فعلت بلجيكا في الكونغو,, وكما يفعل الاستعمار في كل مكان في الأرض, ولم تكن مصادفة قط أن يتلازم تاريخ أولى الحركات الدموية من العداء العنصري مع تاريخ الحملة الصليبية الأولى عام 1096 ضد المسلمين تحت شعار انقاذ الأراضي المقدسة، هكذا قال الصليبيون في حملتهم الأولى ضد الاسلام, وهكذا تقول الصهيونية اليوم في حملتها ضد الاسلام في فلسطين في ذلك العصر لم يحدث أن مست شعرة من يهودي واحد في الشرق عامة وفي البلاد العربية خصوصا، فخلال الحضارة العربية في اسبانيا عاش اليهود كغيرهم في ظل شعار التعامل الكريم في الحقوق,, حتى في فلسطين يوم أن كانوا أقلية قبل الانتداب البريطاني وبعده ولكنهم بعد أن صاروا أكثرية بمساعدة الانتداب، ثم صارت لهم دولة مكنتهم الدول الاستعمارية من انشائها,, تحولوا الى وحوش ضاربة ليست لهم اية صلة بالانسانية أو أسبابها, ونظرة واحدة إلى سياسة الاستعمار في الاقطار الاسلامية,, في الماضي وكفاح المسلمين في الحاضر بطرد الغاصب المستعمر نضع أيدينا على القوة الروحية التي تزخر بها العقيدة الاسلامية وشاء الله سبحانه وتعالى أن تجتمع كلمة المسلمين في كل عام عند بيته المقدس يتطارحون الرأي ويتبادلون الحديث، ويتناقشون في مصالح أمور دينهم,, وقد شهد حج هذا العام أخوة لنا جاءوا من بلدانهم التي استقلت قبل أعوام,, جاءوا لجمع الشتات,, وتوحيد الكلمة,, وتوكيد الروابط الأخوية.
مالك ناصر درار

أعلـىالصفحةرجوع

















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved