Wednesday 5th April,2000 G No.10051الطبعة الاولى الاربعاء 30 ,ذو الحجة 1420 العدد 10051



ضحى الغد
الشيخ محمد المنصور إلى رحمة الله
عبدالكريم بن صالح الطويان

يموت العالم الصادق وقد أنفق كنزه على الناس، فيتبع جنازته كل من نال حظاً من ذلك الكنز! ويموت من بخل بكنز المال فلا يشهد يوم وفاته تلك العواطف التي تضطرم في القلوب وتجيش في الصدور فتطفر لها الدموع!
لقد أحسسنا بأكثر من ذلك، والطريق يسيل بألوف الناس أمام وخلف جنازة الشيخ محمد بن صالح المنصور رحمه الله، الذي ودعته (بريدة)وداعاً مؤثراً يوم الأحد 27/12/1420ه، فهل العلماء على الأرض يشبهون النجوم في السماء؟! هم كذلك حقا! فالنجوم التي نراها في السماء هي في واقعها البعيد شموس مضيئة! والعلماء في واقعهم شموس تضيء فتبدد ظلام الجهل!
يراهم الإنسان فيستدل بهم على الطريق المؤدي إلى الحق والسبيل الموصل الى النجاة.
العلماء الصادقون المخلصون الزاهدون بما في أيدي الناس، هم أدلاء على طريق الفلاح، يقولون للناس من هنا طريق الصواب! وهم حين يموتون يفزع الناس؟ لأن دليلاً على الطريق ترك موقعه! لأن مرشداً إلى النجاة مضى الى غايته, إذا مات العالم تذكرنا علمه ونصائحه ومواعظه وكتبه وقوله وفعله وأمره ونهيه وصدقه في النصح وإخلاصه لله ورسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
إذا مات العالم تذكرنا طريق الآخرة الذي يقف مشيراً إليه، وتحركت فينا عاطفة الإيمان، ودمعة الذنب، واستيقظت قلوبنا الغافلة!
وحين أدينا صلاة العصر في مسجد الشيخ صالح الونيان حفظه الله، وصلى بالناس صلاة الجنازة على جثمان الشيخ محمد المنصور رحمه الله بكى وأبكى الناس، وكنت لاترى في مشهد الناس الذين شيّعوا جنازته إلا باكياً وداعياً ومستغفراً مترحماً عليه، وقائلاً :يا الله التوبة ، لقد كان من العلماء المحققين الحريصين على تجريد العبادة لله، المحبين للسنّة، المبغضين للبدعة، الداعين إلى صدق العبودية الخالصة النقيّة لله رب العالمين، لقد كانت هذه إحدى سمات مسيرته العلمية، والأخرى حرصه الشديد على فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى آخر يوم من حياته، لقد كان رحمه الله من معلمي الناس الخير، كف بصره فمنحه الله البصيرة، وتفرغ للعلم والتعليم والعبادة، فأجمع الناس على حبه، وكان يوم الجنائز هو يوم الجوائز وما يدخره الله لعبده الصالح لاتحيط به عقولنا القاصرة الكليلة، فاللهم وقد قبضت في عامنا هذا ثلة صالحة من العلماء الأتقياء العاملين المعلمين فعوضنا اللهم عنهم خيراً، واخلف لنا خلفا صالحا مؤثراً نافعاً مثلهم، واسلك اللهم السلف والخلف في سلك رضاك وقبولك ومحبتك يارب.
هاتفت ابنه الشيخ عبدالله بن محمد المنصور وطلبت منه نبذة عن حياة والده الشيخ محمد رحمه الله، فتكرّم وفقه الله بالمعلومات التالية:
ولد رحمه الله في مدينة بريدة في رجب 1350ه، وكف بصره قبل السنة الثامنة من عمره، وحفظ القرآن الكريم قبل البلوغ في كتّاب الشيخ/ محمد بن صالح الوهيبي، وسافر للرياض وعمره ستة عشر عاماً لطلب العلم حيث درس في المعهد العلمي، وتخرّج من كلية الشريعة عام 1376ه وكان من زملائه الخريجين فضيلة الشيخ: محمد العثيمين عضو هيئة كبار العلماء، وفضيلة الشيخ صالح الأطرم عضو هيئة كبار العلماء، والشيخ مقبل العصيمي، وفضيلة الشيخ الدكتور حمود العقلاء.
وأثناء إقامته في الرياض، درس في المساجد على فضيلة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، مفتي الديار السعودية/ رحمه الله حيث لازمه في المسجد سبع سنوات، كما تلقى العلم على يد الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله، والشيخ عبد الرحمن بن قاسم رحمه الله، والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
وبعد تخرّجه من الشريعة، تولّى القضاء في عدة مناطق في تربة البقوم، السليل، الباحة، تبوك، مكة, وفي عام 1388ه طلب الإعفاء من القضاء وتفرغ للتعليم حيث خلف الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد رحمه الله في التدريس والإشراف على مكتبة بريدة العامة الى عام 1410ه، وظل مواصلاً تدريسه في المكتبة وفي المسجد وفي فرع جامعة الإمام بالقصيم، وتلقى العلم على يديه مئات التلاميذ نذكر من أبرزهم: فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء، ومعالي الشيخ عبدالله بن عثمان البشر، وفضيلة الشيخ صالح المحيميد رئيس محاكم المدينة المنورة، وفضيلة الشيخ سليمان العمر رئيس محاكم مكة المكرمة، والدكتور سليمان العبيد الحمود، الأستاذ المساعد بقسم النحو بفرع جامعة الإمام بالقصيم والدكتور تركي الغميز وفضيلة الشيخ/عبدالعزيز العقل، والشيخ يحيى بن عبدالعزيز اليحيى، وكثير غيرهم، حيث ظل معلماً متفرغاً للتعليم منذ عام 1388ه في مسجده وله درس بعد الفجر ودرس بعد المغرب لاينقطعان إلا يوم الجمعة، كما ساهم رحمه الله بالفتيا في مواسم الحج، وكان بعد صلاة العصر يتفرغ في منزله للإجابة على أسئلة الهاتف، ظل في فترة مرض موته يكثر من ذكر الله، وكان يعي أوقات الصلاة ويطلب من أبنائه مساعدته للصلاة، وختم كتاب الله قبل وفاته، وكان من عادته أن يختمه كل ثلاثة أيام, اللهم فاغفر له وارحمه واسكنه فسيح جناتك وجازه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء إنك أهل ذلك والقادر عليه سبحانك.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved