Wednesday 5th April,2000 G No.10051الطبعة الاولى الاربعاء 30 ,ذو الحجة 1420 العدد 10051



في نفسي شيء من حتى
د, حسن عيسى الملا

بعد خمسة مقالات عن التخصيص، لست مطمئنا بعد الى أنني أعطيت هذا الموضوع حقه، واستميح القارىء عذرا في ذلك، فقد قمت بمحاولة لتطويع موضوع دسم متخصص، وانتشاله من احتكار الصفوة، ليكون في متناول الجميع.
فموضوع التخصيص الذي تحول الى سمة تطبع اقتصاد بعض الدول، وعين له الوزراء بحقائب وزارية لادارته في دول أخرى، يجمع الدارسون على أربعة أركان لابد أن يقوم عليها لتحقيق الحد الأدنى من النجاح، أولها ألا يتولى المخصص تخصيص نفسه، وهذا مبدأ أساسي تحرص الدول على تبنيه فتنشىء لهذا الغرض، هيئة أو لجنة أو وزارة مستقلة عن الأجهزة الحكومية الأخرى وعن المؤسسات العامة، يكون عملها حصرا ادارة عملية التخصيص، وتتكون عادة من رجال الأعمال المتمرسين، والمهنيين ذوي الخبرة في مجالات الاقتصاد والقانون والمال الى جانب الموظفين العامين ذوي الخبرة المؤمنين بالتخصيص.
الركن الثاني هو ما يسمى بإعادة الهيكلة، فإذا كانت المؤسسة المرشحة للتخصيص كبيرة وتؤدي خدمات كثيرة أفقية أو عامودية مثل مرفق الهاتف مثلا، فقد يكون من الأجدى قبل بيعها للقطاع الخاص، أن تقوم الدولة بتجزئتها الى وحدات منفصلة، وحدة الهاتف الثابت ووحدة الهاتف النقال وحدة الهاتف السيار، ومن مميزات ذلك أنه يقلل الاحتكار ويزيد المنافسة ويرفع كفاءة الأداء، ويوسع قاعدة الملكية، أو ربما تقرر الحكومة الاحتفاظ بوحدة أو وحدتين وتخصيص ما تبقى، كما حصل في بريطانيا مثلا عندما احتفظت الحكومة بملكية قضبان السكك الحديدية، وخصصت عربات القطارات وتسييرها, وقد ترى الدولة قبل تخصيص المؤسسة العامة، أن تغيير شكلها القانوني وتحويلها الى شركة سيسهل عملية تخصيصها وبيعها للقطاع الخاص في مرحلة لاحقة، فتعيد هيكلتها بما يتوافق ومتطلبات التحول الى شركة كما حصل في المملكة العربية السعودية عندما تقرر تخصيص مرفق الاتصالات.
أما الركن الثالث لنجاح عملية التخصيص فهو تطوير أسواق المال، ودون الدخول في تعريفات أسواق المال، كونها مالية أو نقدية أولية أو ثانوية، فانه لابد للدول النامية من تطويرها لتلعب دورها في عملية التخصيص من خلال تعبئة موارد المجتمع وتوجيهها الى الاستثمارات، ومن ناحية أخرى ممارسة دورها الرقابي على الأداء بعد التخصيص من خلال تقلبات سعر السهم، والميزانيات ربع السنوية المنشورة للمؤسسة العامة المخصصة.
ولعل أهم ركن من أركان عملية التخصيص، هو توفير البيئة القانونية الصحيحة، تشريعا وقضاء، واذا كنا بحمد الله ننعم باستقلالية مطلقة للقضاء، فان وضوح القوانين وتمامها وشفافيتها أكبر دعم لعملية التخصيص، فكلما كان قانون الدولة واضحا في تعريف حقوق الملكية الخاص، حاسما في حمايتها، حازما في محاربة الفساد الاداري، مغطيا كافة فروع القانون التجاري، كلما كان ذلك حافزا للمستثمر الوطني والأجنبي على الاقبال على شراء ما يخصص من مؤسسات.
توفير هذه البيئة القانونية الملائمة لا يتوقف عند البدء بعملية التخصيص، بل يستمر ليحافظ على استمرار المخصص بنجاح، وبالتالي لابد من وضع اطار قانوني تستطيع الدولة من خلاله متابعة أداء المؤسسات المخصصة، من حيث التحكم في الأسعار وجودة المنتجات، محافظة على التوازن الذي كتبت عنه في المقالات السابقة بين مصالح المستثمرين في المؤسسات المخصصة ومصالح المستهلكين لمنتجاتها,وبعد، فحالي بعد عدة مقالات عن التخصيص ليس بأفضل من حال ذلك الأديب اللغوي الذي أمضى حياته يكتب المجلدات عن حتى ، فعندما حضره الموت قال قولته المشهورة أموت وفي نفسي شيء من حتى .

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved