Wednesday 5th April,2000 G No.10051الطبعة الاولى الاربعاء 30 ,ذو الحجة 1420 العدد 10051



الماء,, والثروة الاستراتيجية
بقلم : صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر ابن عبدالعزيز

لم تعد الثروات الاقتصادية الاستراتيجية للدول من الملفات الخاصة، أو الألغاز الغامضة، أو السياسات المجهولة على مجتمع الاقتصاد الدولي,, بل أصبحت اقتصاديات الدول من الأوراق المكشوفة على مسرح الاقتصاد العالمي,, تتناولها دور الاقتصاد، وتتداولها أسواق المال، وتجري في مضمارها أقلام المحللين بين مد وجزر عبر وسائل الاعلام قاطبة، وربما تحولت في أحيان كثيرة الى فرس رهان وورقة ضغط,, هي حجر الأساس في التعامل الدولي، والتبادل التجاري، ولا سيما ونحن نعيش حقيقة حقبة تحولت بموجبها قوى العالم وفق تصنيف جديد للقوى، تسنم قمته مرهون بالأرقام التي يعكسها الميزان التجاري.
ولئن كانت الاقتصاديات تدور رحاها بين الصناعة والتجارة، الا ان للموارد الاقتصادية الطبيعية للدول شأن كبير بين هذين القطبين، ولا سيما عندما تكون هذه الموارد من الضروريات الأساسية للحياة خاصة الماء، لأن تدبير هذه الثروة من الخارج قد يعصف باقتصاد الدولة وان كانت ذات قوة اقتصادية.
لذا نجد دول العالم وبدون استثناء بدأت بإعادة الحسابات مرة أخرى نحو هذه الثروة، وما النداءات والتقنيات الجديدة في مجال الترشيد والبحوث العلمية والتحولات في العلاقات أحيانا الا وليدة هذا التوجه.
والمملكة كغيرها من دول العالم، ليست بمنأى عن هذا، إلا أنها قد تنبهت الى ذلك بوقت مبكر، وأعدت له العدة، فكان ان جاءت السياسة التي اتخذتها الدولة تترجم بشكل واضح سياسة بُعد النظر والدراية التي تسير عليها المملكة، ابتداءً بإقامة السدود على الاودية للمحافظة على مياه الامطار، ومرورا بإقامة محطات التحلية من البحر، وتنفيذ محطات معالجة مياه الصرف الصحي، واقامة مشاريع الري والصرف، ثم بتحقيق الموازنة بين الأمن الغذائي والأمن المائي عبر تخفيض فائض الناتج القومي للقمح، ثم بالقرار السامي الكريم القاضي بحظر تصدير الأعلاف.
يضاف إلى ذلك البرامج التوعوية لبث روح المحافظة على هذه الثروة على مستوى المجتمع بكافة شرائحه، عبر الندوات، واللقاءات، والنشرات، والبرامج الاعلامية، مما يبرز بحق الحكمة نحو تقدير أهمية هذه الثروة والمحافظة عليها.
ما سلف كان جزءا يسيرا من جهود الدولة، لكن يبقى على المواطن جهد من نوع آخر، هو التفاعل مع هذه الجهود التي لم تكن لولا إيمان الدولة بتوفير حياة كريمة للفرد، وإلا لم يكن للمحافظة على الماء لذاته أي معنى يذكر لولا الفرد أولا وأخيرا.
نحن لا نشك أبداً بمستوى الوعي الذي وصل إليه المواطن السعودي، ومدى إدراكه لتلك النداءات، وتفاعله معها، لكن يبقى عليه دائما واجبات أساسية لا بد له ان يحيطها بعنايته واهتمامه، ابتداءً بالمنزل ومن يقطنه من أسرة وعمالة وما يحويه من تقنيات، ثم بالعمل، ثم بالمجتمع.
لك أن تتصور مثلا أن توفير لتر واحد من الماء فقط على مستوى الفرد سيبقي لنا احتياطيا من هذه الثروة حوالي ستة عشر مليون لتر من الماء يوميا، فما بالك إذا كانت الكمية التي يستطيع الفرد توفيرها بالمملكة أكثر من ذلك، بالتأكيد سنحصل على احتياطي قومي بأرقام فلكية لا تستطيع الدولة أن توفرها لوحدها عبر السياسات فقط دون تعاون المواطن وتفاعله معها.
لذا، فالماء سياسة للدولة، وثروة للمجتمع، وغاية للفرد.
إذاً، فالماء مسؤولية الجميع,.
وفق الله جهود الجميع، ونسأل الله أن يديم علينا الصحة والأمن لنا ولأجيالنا القادمة.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved