Wednesday 5th April,2000 G No.10051الطبعة الاولى الاربعاء 30 ,ذو الحجة 1420 العدد 10051



أوراق فارسية
(حافظ الشيرازي)
د, أحمد بن خالد البدلي

ربما كان الإيرانيون من بين أكثر الأمم احتفالا بالشعر واحتفاء بالشعراء فقلما تجد بيتا في إيران الا وجدت أبياتا من الشعر معلقة على جدرانه داخل أطر منتقاة ومختارة بعناية فائقة, وجمهرة تلك الأشعار مأخوذة من دواوين مشاهير شعراء إيران كالفردوس وسعدي وحافظ والخيام.
ولحافظ نصيب الأسد من تلك الأشعار الشائعة التي يتعلق بها عامة الايرانيين، لأنهم يجدون أحاسيسهم الساذجة مصاغة في اشعار حافظ التي كثيرا ما رسمت مايدور في حياة الفرد العادي في إيران.
بل لقد بلغ ولع الفرس بشعر شعرائهم أنهم ينقشون تلك الأشعار على الأواني والسجاجيد والتحف الفارسية المعروضة للبيع في البازارات الأسواق .
بل إن الدواوين الشعرية لكبار شعراء إيران كثيرا ماتكون من أغلى الهدايا التي تقدم لكبار الزوار في الماضي والحاضر.
فالشعر والسجاد والحلوى هي عماد الهدايا التي تقدم لزوار إيران، إن شعبية حافظ لدى الفرس شبيهة إلى حد كبير بشعبية إبي الطيب المتنبي في أدبنا العربي, فلا يكاد الإيراني يمر بموقف في الحياة يحتاج إلى الاستشهاد بالشعر الا أمده ديوان حافظ بما يحتاج اليه فهو مستودع وذخيرة لآمال وآلام الفرس، يفزعون إليه دائما.
بعد حوالي ثلاثين عاما من وفاة الشيخ سعدي شيرازي، أنجبت إيران بلبلا آخر هو شمس الدين محمد بهاء الدين المعروفبحافظ .
ولد شاعرنا في شيراز عام 726ه وقضى جل حياته فيها، ودرس على يد كبار علماء عصره في شيراز، وبلغ في العلوم الاسلامية مقاماً عالياً، وحفظ القرآن في صباه الباكر لذلك لقب بالحافظ.
وإذا كان الشيخ سعدي الشيراز قد غادر مسقط رأسه في مطلع شبابه لتلقي العلم في بغداد، فإن حافظ الشيرازي لم يبرح شيراز قط، فقد كان أسير صبا شيراز ومائها العذب الزلال لا يستطيع الفكاك من أسر شيراز والسياحة في غيرها، ولقد توفي حافظ سنة 791ه.
مكانة حافظ في الفكر الفارسي:
لقد ورث حافظ كل التركة الفكرية الفارسية التي بدأت في القرن الرابع الهجري ناضجة قوية فحلة، فقد استوت اللغة الفارسية الحديثة على سوقها، وأصبحت قادرة على الاداء الفني الرفيع الذي يبلغ حد الروعة والسحر.
فمنذ عصر أبي جعفر الرودكي في القرن الثالث الهجري إلى عصر حافظ مر ما يقرب من أربعة قرون، استحصدت فيها اللغة الفارسية واصبحت احدى ابرز اللغات الإسلامية لا يسبقها في هذا المضمار سوى اللغة العربية.
في هذه الأجواء الثقافية بزغ نجم حافظ الشيرازي فحلق بالأدب الفارسي إلى أعلى المراتب.
إن أبرز مزايا شعر حافظ هي بلاغته الساحقة فان ما تجلى في أسلوبه الآسر حد الإعجاز منحه سيرورة لم تتح لكثير من شعراء إيران.
لقد كان سعدي وحافظ الشيرازيان يقاومان المواجع الاجتماعية الكثيرة التي شاعت في المجتمع الإيراني بشعرهما الجاد الرصين الهادف، بينما كان عبيد الله الزاكاني يعالج نفس القضايا بأسلوبه اللاذع الساخر المهكم البالغ أعلى حدود الروعة والإعجاز.
لقد كان هذاالثلاثي الشيرازي سعدي وحافظ والزاكاني يعالجون المشاكل الاجتماعية المزمنة في عصرهم كلٌّ بطريقته الخاصة.
لقد تجلت عبقرية حافظ الشيرازي وبراعته في فن الغزل خاصة، فالغزل بلغ على يد حافظ أعلى درجات النضوج والقوة.
إن شيئاً ماكان ينقص الغزل منذ السنائي والعطار وجلال الدين الرومي نجده يتكامل في غزل حافظ ويبلغ الأوج، ففضلاً عن العذوبة والبساطة والتلقائية التي يلحظها الدارس في شعر حافظ فإن روح الصدق والصفاء تتجلى في تواصيف ذلك الشعر الرائع.
لقد كان حافظ بلبلاً مغرداً في دوحة الشعر الفارسي الباسقة.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved