Wednesday 5th April,2000 G No.10051الطبعة الاولى الاربعاء 30 ,ذو الحجة 1420 العدد 10051



المملكة والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية

تطبيق الحدود في الشريعة الاسلامية امتثال لأوامر الله سبحانه وتعالى، وتصفية للواقع الاجتماعي من عوامل الانحراف والزيغ والتخريب، حيث يقول الحق تبارك وتعالى: (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب)، وارتباط القصاص بالحياة يعني أن تطهير المجتمع من المنحرفين يوفر الحياة الكريمة لبقية أفراده ومواطنيه.
وقد نصت الآيات القرآنية الكريمة على العقوبات البدنية الصريحة بعد تحقق شروط التطبيق واسبابه، قال تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله,,) وقال تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) وقال تعالى: (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم)، وقال تعالى: (يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والانثى بالانثى فمن عفي له من اخيه شيء فاتباع بالمعروف واداء اليه باحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة,,) الى غير ذلك من الآيات التي تحدد العقوبة البدنية وسيلة لتأمين المجتمع وتطهيره من عوامل الانحراف والعنف والتلوث الاجتماعي.
لقد جربت الامم التي تسمى (متحضرة) وتدعي الانسانية والعطف والشفقة جربت عقوبات بديلة ولكنها لم تحقق الامن ولا سلامة المجتمع,, بل كانت النتائج على العكس تماما لان هؤلاء المجرمين الذين لم يخضعوا لعقوبة شرعية يعودون الى اجرامهم، ومن ثم يضعون المزيد من القلاقل والمشكلات،ويثيرون العديد من الآلام والاحزان لاسرهم ومجتمعهم.
لقد اثبتت الحدود الشرعية نجاعة شافية في استقرار وامن المجتمعات الاسلامية، لانها تعنى بردع المجرمين والمنحرفين، كما تلقي الرعب في نفوس من يفكرون في مقارفة الجرائم وارتكابها، وقد شهد العالم ان المجتمعات الاسلامية التي تطبق الحدود الشرعية وعقوباتها البدنية من اقل المجتمعات الانسانية مقارفة للجريمة او مقاربة للانحراف ومن اكثر المجتمعات استقرارا وامنا وعيشا رغيدا.
وهو ما اكده البروفسور الامريكي فرانك فوجل الاستاذ في كلية القانون بجامعة هارفارد الامريكية في المحاضرة التي القاها بمركز الدراسات الاسلامية في كلية الدراسات الشرقية والافريقية بجامعة لندن بعنوان (دور الشريعة الاسلامية في المملكة العربية السعودية) لتعطي دليلا جديدا يضاف الى آلاف الاشادات السابقة الصادرة من الغرب على نزاهة القضاء السعودي وتمسكه بأحكام الشريعة الاسلامية، حيث استشهد بما شهدته المملكة منذ قيامها من تطور كبير في جميع مناحي الحياة واستقرار وامن وامان وعدل في ظل تطبيقها للشريعة الاسلامية السمحة حيث اوضح ان القرآن الكريم نظم منهجا لحياة المسلمين وامور دينهم وتعاملهم اليومي وتضمن الاحكام والاسس للعقوبات في الشريعة الاسلامية، وابرز البروفسور الامريكي استقلال القضاء في المملكة العربية السعودية مبديا اعجابه بما شاهده من تكامل وتنسيق في المملكة بين دور القضاة والعلماء واهل الفقه والمسؤولين فيها.
واكد على ان تناول قضايا الشريعة الاسلامية بالاسلوب العلمي والامانة الاكاديمية المجردة يبعد الدراسة والحوار عن دائرة الاثارة وسوء الفهم داعيا الغرب والدارسين للعقيدة الاسلامية الى ان يعوا اولا ان الاسلام دين علم وثقافة.
والمملكة منذ طبقت الحدود الشرعية وهي تنعم بفضل الله بنعمة الأمن، ومنحة الامان، ويمضي السائر في جوف الصحراء دون ان يخشى على نفسه او ماله او عرضه.
ان تطبيق الحدود امتثال لاوامر الله وطاعة له، وهو من صميم الدين وضروراته، وخالق العباد اعرف بما يحتاجون، وبما يصلح لهم، وصدق الله اذ يقول: (يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين).
ان التزام المملكة تجاه قضايا الانسان والحق والعدل والشرعية والمساواة جعل منها انموذجا مثاليا للمصداقية والتفاعل والحضور، واكسبها مكانة دولية متميزة تضاعفت باحترام شعوب وحكومات ومنظمات العالم أجمع.
ومما لاشك فيه ان قيم هذه البلاد الآمنة ودستورها القرآني العظيم كان النبع لهذه التوجهات التي استطاعت ان تتجنب اهواء المصالح الوقتية والتحالفات المرحلية، وتخرج الى دائرة المثالية الانموذج الانساني والحضاري.
وظلت المملكة وهي تمارس دورها الرائد والفعال في المسيرة العربية والاسلامية والدولية تؤمن ان المبادىء الاساسية التي اعتنقتها هي مبادىء ثابتة اصلية لا تتبدل ولا تتغير لانها مبادىء الاسلام، واستطاعت بذلك ان تحقق نموذجية المجتمع المسلم في عالم يعج بالقلاقل والصراعات، وان تقدم للجميع تجربة مثلى للترابط والتكافل والامن والاستقرار والرفاهية.
نذكر كل ذلك والمملكة العربية السعودية تتعرض بين الحين والآخر الى حملات مغرضة للتشكيك او لاثارة البلبلة والتضليل، وحملات محمومة تمارسها بعض وسائل الاعلام الغربية وحتى غير الغربية في محاولات لا تتوقف للنيل من مكانة المملكة ومحاولة ثنيها عن الالتزام باحكام الشريعة ذلك الطريق السوي الذي رسمته لنفسها منذ ان اسس كيانها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وأقام ركائزها على الشريعة الاسلامية السمحة قولا وفعلا، والتزمت بها التزاما تاما في جميع مناحي الحياة، وكان آخر تلك الحملات المغرضة المسمومة ذلك الهجوم الاعلامي الاخير على الاحكام الشرعية والتي تحاول بعض المنظمات التي اضفت على نفسها صفة الدولية التشدق بمختلف الدعاوى والافتراءات بأنها تدافع عن حقوق الانسان دون ان تعي مضامين هذه الحقوق ومصدرها الاساسي الذي انبثق عن تعاليم ديننا الحنيف وما اوصت به الاديان السماوية,ان مشكلة بعض الاعلام الغربي هي اعتماده على مقاييس غربية في كل ما يدعيه ضد المملكة وضد كل ما هو اسلامي هذا لو اهملنا سوء النية !! ومثل هذه المقاييس لا تنطبق على بلد مثل المملكة دستورها القرآن ودعائمها تقوم على هدي من الكتاب والسنة، كما تحرص على العقيدة الاسلامية في كل مجالات حياتها ونظمها المختلفة، وهو ما اقام الحياة في بلادنا الطاهرة على اسس راسخة كانت ولا تزال مصدر كل نجاح تحقق للبلاد والعباد من استقرار ورخاء وامن وطمأنينة,, وهذا كله لا تعرف معانيه الاصيلة اجهزة الاعلام الغربية، ولذلك فهي عندما تحاول فهم اصول حياتنا فانها تسعى لذلك بمفاهيم وطبيعة حياة المجتمعات الغربية بكل ما فيها من متناقضات افرزت امراضا باتت تهددها بالفناء.
اننا نفهم دوافع مثل هذه المزاعم التي تروج لها بعض اجهزة الاعلام الغربية التي نصبت نفسها للدفاع عن المجرمين والقتلة ومهربي المخدرات وقطاع الطرق فهي تصب في خانة التآمر المستمر على الاسلام وقد اختارت تلك الاجهزة له طريق المساس بنموذج وقدرة الدول الاسلامية، ونعني المملكة العربية السعودية،وهذه الدوافع تأتي نتيجة فجوة ثقافية في الاساس يعيشها المجتمع الغربي عامة بما فيه رجال الاعلام وهي فجوة تمتد لتشمل جهلهم بطبيعة الدول الاسلامية وطبيعة الاحداث فيها وبالتالي جهلهم بالاسلام اساسا.
لقد اصبحت الضرورة تقتضي اليوم ان تعطى اعظم تجربة عرفتها البشرية (تطبيق الشريعة الاسلامية) حقها بعدما حل بالمسلمين، بل وبالعالم كله، من مصائب وويلات بسبب بعدهم عن الهدي الالهي، تلك التجربة الرائدة التي تلتزم بها هذه البلاد وهذه الضرورة يفرضها امران:
الاول: ان المملكة هي البلد الوحيد الباقي آمنا مستقرا بفضل الله لم تلوثها عقائد مستوردة وافكار بائدة ولم تنفذ من بنيانها المتراص سهام الفرقة، ولم يهز كيانها محاولات فاشلة حاقدة من هنا وهناك، وما تزال متحصنة ضد كل الامراض الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي ابتليت بها دول كثيرة، الامر الذي يدعو كل مسلم للاستمساك بهذه العروة الوثقى والالتفاف حولها.
الثاني: ان تطور هذا الكيان الذي يحتضن بدفء وحنان الحرمين الشريفين يعد نقطة ضوء ساطعة في عالم مظلم، تعمل كمرشد ودليل لمن ضاع مرشده ودليله.
وهذان الامران يفرضان ان يتحمل العلماء والمثقفون والمفكرون المسلمون في كل مكان مسؤولية الذود عن تعاليم الشريعة وابراز تلك التجربة الرائدة الناجحة التي تطبقها هذه البلاد فهي المخرج من كل الازمات والمشاكل باذن الله تعالى.
والى اصحاب الحملات المغرضة نقول: ان المملكة ماضية في اداء رسالتها السماوية بتنفيذ احكام الشريعة واقامة حدود الله، ولن نعير هذه الصرخات الخبيثة اي اهتمام، لاننا على حق وسنعمل على حماية مجتمعنا المسلم من الجريمة والانحرافات بتمسكنا بديننا الحنيف، وهو ما اكده خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في جلسة مجلس الوزراء حينما قال: ان المملكة العربية السعودية تؤكد للعالم بانها ماضية في تطبيق الشريعة الاسلامية في كل جوانب الحياة رغم التشويه الذي تحاول بعض وسائل الاعلام ان تصوره لهذه الشريعة السمحة .
لم يعد خافيا على احد ان الحملات المغرضة والظالمة والدسائس الرخيصة والافتراءات المفضوحة التي ترددها الوسائل الاعلامية الغربية وبعض المنظمات الدولية ضد المملكة العربية السعودية انما تدخل وبالدرجة الاولى في اطار العمل على النيل من الاسلام والاساءة الى المسلمين جميعا، لان ما يراد بالمملكة هو ما يراد بالاسلام والعرب والمسلمين مهما اختلفت افكارهم وتطلعاتهم ومواقعهم ومواقفهم، وهو ما يحتم على كل عربي ومسلم الوقوف بجانب المملكة.
عادل أبو هاشم
مدير مكتب جريدة الزمان بالرياض

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved