Friday 7th April,2000 G No.10053الطبعة الاولى الجمعة 2 ,محرم 1421 العدد 10053



قصة قصيرة
هذيان مجنون

كنت مع احد اصحابي فقص لي قصته هذه بعد ما سألته عن ما يجول بخاطره فقال: كنت ليل ذلك اليوم وحيدا شعرت باحساس في غاية الغموض، حاولت ان اعرف السبب، فغصت في اعماق ذاتي في المي وخسارتي واذا بي أحس بعواصف وزوابع، ثلوج وامطار، رعد وبرق، اشياء غريبة، صور لأناس لااعرفهم بأشكال مخيفة,
اصوات نحيب ونشيج وفحيح وصفير وونين وضحك هستيري واخرى لم اعرفها, يا الهي هناك في الجانب البعيد مدينة مليئة بالدور المهدمة، ليست لها ابواب، اناس يجلسون على حوافها ليس لهم وجوه عجوز تحمل فأسا تطرد طفلا كبيرا، تلحق به، تضربه بالفأس فيتحول الى هيكل, جماجم كثيرة سوداء منتشرة هنا وهناك, هياكل لمخلوقات غريبة, ازددت غموضا كنت خائفا، حاولت الفرار واذا بشيء ورائي في الظلام لم احدد ملامحه، يصرخ ويردد: انه هوانه هو حاولت ان اتخلص منه ولكن دون جدوى، وفي اثناء تخبطي امتدت الي يد لتصافحني، مددت يدي في وجل، صافحته واذا بي احس في يدي جمجمة رجل عجوز تنظر الي وينهمر من عينه دما، وعندما هممت ان امسح على رأسه اختفى.
التفت يمينا واذا بقلبي حوله مجموعة كبيرة من الهياكل كل هيكل منهم يحمل في يده خنجرا يغمده في قلبي ويخرجه، وعندما شعروا بي التفتوا حولي واتجهوا نحوي في خطى بطيئة، توقفوا لسماعهم ذلك الدوي المخيف انه بركان في اقصى الجنوب ينفجر وتخرج من فوهته حمى بركانية، يهرع الجميع الجماجم والهياكل والطفل الكبير والمدينة والصور هاربين ومعهم قلبي يسيل دما، اما العجوز فبقيت مكانها لم تتزحزح، رفعت فأسها باتجاه البركان، وعندما اقتربت منها الحمى البركانية رمتها بالفأس، فتحولت لجليد، هتف الجميع فرحين، خاطبني شكل مفزع بجانبي قائلا: لماذا لا تهتف معنا؟! التفتت الي العجوز بوجهها البشع، ادخلت يدها في فمها واخرجت سوطا وجرت نحوي.
التفت حولي فوجدت سلما حديديا به صدى وعليه دواب ميتة، هرعت نحوه عله يأخذني بعيدا عن هذا العالم المجنون، صعدت السلم بخطى مسرعة، تخبطت وسقطت تذكرت العجوز فنهضت وواصلت الصعود لمنطقة مكتوب عليها بخط لا يكاد يقرأ العقل الباطن دخلته واذا بها منطقة لا محدودة، هناك جسم قادم نحوي بعيد,, آه,, انه قطار مر من امامي مسرعا وفي كل نافذة من نوافذه ذكرى اليمة وخبرة محزنة وموقف كئيب، لحقت بي العجوز والجميع خلفها، اصطدمت بالقطار تناثرت الخبرات والذكريات، اخذت في جمعها ووضعتها في جيبها وواصلت اللحاق بي، هربت واخذت اجري واجري وهي ورائي، بحثت عن السلم لكن لم اجده وجدت كهفا دخلته انها الذاكرة، حاولت تشغليها، ضغطت على ازرار لم اعرفها لأطلع على ذكرى سعيدة لكن دون جدوى، الشاشة بقيت سوداء لا تتغير، ايعقل ان مشكلة العام 2000م قد لحقت بها هي الاخرى؟! تحركت في هذا الكهف الواسع في كل الاتجاهات، واذا بي اسقط ببؤرة اللاشعور وبقيت اسقط واسقط شعرت ببرد قارص ثم تحول لحر شديد، نظرت الى اعلى واذا بالعجوز ترمقني من فوهة البؤرة وترميني بالسوط، وانا اسقط واسقط والسوط خلفي وما زلت اسقط واسقط والى الآن وانا اسقط واسقط.
نظر الي صاحبي هذا ورمقني بنظرة، ثم نهض وفر من امامي، وهو يردد وانا اسقط واسقط، وهرعت انا بدوري وراءه مرددا بصوت مرتفع: وانا اعجب واعجب، وما زلت اعجب واعجب، ولما اصبحت بجانبه سألته عن سبب جريه، فأشار الي بأن انظر خلفي! نظرت,, لم اشاهد شيئا، ومع ذلك فقد واصلت الجري خوفا من ان يكون كلامه صحيحا، وكل ما صادفنا احدا في الطريق جرى معنا خوفا من السوط، وبقيا نجري ونجري، وما زلنا نجري ونجري والى الآن ونحن نجري ونجري.
عبدالله محمد القرني
** هذيان مجنون نستطيع ان نتلمس فيها القصة الحديثة حيث اختفاء البطل من خلف السطور ومجهولية المكان والزمان مع ولع الكاتب بالاثارة,, الاثارة التي يجد فيها الهرب والخلاص من المواقف الغامضة,, فقصته غامضة ويريد ان يوصل من خلالها رسالة غامضة لا يعرف مغزاها الا من عكف على قراءة النص,, لكي يحكي لنا اسرار تلك المخلوقات الغريبة والاشكال المخيفة,, وحكاية العجوز التي تطارده بالفأس ما بين حين وآخر!
تحية للصديق عبدالله القرني في هذيانه,, العاقل جدا!!

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

أفاق اسلامية

لقاءات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أطفال

تحقيقات

وطن ومواطن

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved