Friday 7th April,2000 G No.10053الطبعة الاولى الجمعة 2 ,محرم 1421 العدد 10053



في كلمة المملكة أمام الدورة 56 للجنة حقوق الإنسان بجنيف
الأمير الدكتور تركي بن محمد : أقسام جديدة لحقوق الإنسان في وزارات العدل والداخلية والخارجية والعمل
الأنظمة تمنح المواطن والمقيم حقوقاً متساوية ولا نمنع حرية التعبير والتجمعات إذا لم تمس النظام والآداب العامة

* جنيف الجزيرة
كشفت المملكة العربية السعودية عن عدد من الاجراءات بصدد البدء بها ضمن استراتيجية شاملة لمعالجة قضايا حقوق الانسان.
جاء ذلك في كلمة المملكة امام الدورة 56 للجنة حقوق الانسان بجنيف والتي القاها صاحب السمو الامير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية المساعد للشؤون السياسية ورئيس الادارة العامة للمنظمات الدولية.
واوضح سموه أن هذه الاجراءات تشمل:
* السماح بانشاء هيئة وطنية غير حكومية مستقلة تساعد على التعريف بحقوق الانسان وحمايته والتأكيد على الالتزام بتطبيق الانظمة المتعلقة بذلك والمطالبة بمعاقبة المخالفين.
* انشاء هيئة وطنية حكومية ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء يرأسها مسؤول على مستوى عال ويناط بها كل ما يتعلق بحقوق الانسان من قضايا.
* انشاء اقسام تعنى بحقوق الانسان في الجهات الحكومية ذات العلاقة بما فيها وزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة العمل للتأكيد على اهمية وضرورة تطبيق الانظمة والقواعد المتعلقة بحقوق الانسان وفيما يلي نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد الرئيس
اتشرف في هذه المناسبة ونيابة عن وفد المملكة العربية السعودية ان اتحدث اليكم من هذا المنبر المهم في لقائنا السنوي الذي يجمع دولا ذات ثقافات وحضارات مختلفة تسعى جميعها الى تعزيز وحماية حقوق الانسان, إن هذا الملتقى يعد تكريما لكيان الانسان وتعزيزا لمكانته, فقد خلق الله الانسان وكرمه، بعد ان مرت الانسانية بعصور متوالية تجسدت فيها معالم ظلم الانسان لاخيه الانسان من استعباد وتشريد وانتهاك لحقوقه الاساسية وكرامته.
انه لمن دواعي سرورنا ان نستقبل الالفية الثالثة وان نستهلها بصورة جديدة مشرقة تدعونا جميعا الى التفاؤل والامل، يتفق فيها الجميع على أن حق الانسان لا يقبل المساومة وانه هدف يجب ان نعمل سويا على تحقيقه.
ووفد بلادي يتطلع ومن خلال قيادتكم الحكيمة الى دورة ناجحة يتعمق فيها الحوار وتبادل الآراء وتحقيق الثقة والشفافية في اعمالنا وان يكون هدفنا جميعا السعي الى حماية حقوق الانسان والدفاع عنها بشكل ينسجم وتطلعات الجميع, ولاشك ان المشاركة الدولية الواسعة والرفيعة في هذا المحفل الذي نراه اليوم تمثل برهانا ساطعا على توافر الارادة الدولية التي تسعى الى ايجاد تعاون دولي افضل وتفهم اعمق لمسائل حقوق الانسان كافة، كما انها فرصة سانحة لاثراء النقاش وتبادل وجهات النظر في الموضوعات المختلفة بشكل موضوعي ضمن اطار من التفهم المتبادل وبأسلوب عادل ومتوازن يأخذ في الاعتبار ما للحضارات والثقافات من اسهامات بناءة وفعالة في اثراء مفاهيم حقوق الانسان.
السيد الرئيس
ان الاهتمام المتنامي بحقوق الانسان وصل الى مراحل متقدمة، الامر الذي ادى الى تكوين عدد من الآليات التابعة للأمم المتحدة وظهور كثير من الاجهزة المهتمة بهذا الشأن، ونلمس ذلك من خلال اجتماعات هذه اللجنة وما يتم فيها من مناقشات لها دور اساسي في تقريب وجهات النظر وتفعيل عمل آليات لجنة حقوق الانسان في جو من التعاون المتبادل الذي يأخذ في الحسبان الاستفادة مما افرزته الحضارات والثقافات المختلفة لتعزيز واثراء مسيرة حقوق الانسان.
ونحن في المملكة العربية السعودية نرحب بدور هذه الآليات والجهود التي تبذلها الهيئات والمنظمات المعنية وما صدر عنها من صكوك دولية، واذا تتبعنا هذا التطور الايجابي خلال الخمسين سنة الماضية الا اننا نلاحظ استمرار وجود انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان في مناطق كثيرة من العالم، الامر الذي يستدعي ضرورة المساهمة والمشاركة النشطة في اثراء مفاهيم حقوق الانسان من خلال الاستفادة من القيم الانسانية التي تضمنتها الاديان والحضارات والثقافات المختلفة في سبيل ايجاد حياة افضل للانسان وتحقيق بيئة كريمة له, وان ما تحمله هذه الثقافات من مبادىء نبيلة وسامية قادرة على الرقي بهذه المفاهيم والحفاظ عليها، ودون شك فان للشريعة الاسلامية شأنها شأن بقية الاديان لها دور رائد في هذا المجال، حيث ساهمت وتساهم في اثراء مفاهيم حقوق الانسان من خلال ما تضمنته من قيم ومبادىء اخلاقية كريمة ونظام شامل لحياة الانسان تتجلى فيه الحقوق والواجبات بعدل وانصاف.
ومن هذا المنطلق تشارك المملكة العربية السعودية بقية دول منظمة المؤتمر الاسلامي في العمل على تعزيز عالمية حقوق الانسان فبعد مرور عشرة اعوام على اعتماد اعلان القاهرة لحقوق الانسان 1990م وتمشيا مع الدعوة لاثراء عالمية حقوق الانسان من خلال اتفاقيات تعزز التعاون الاقليمي، فقد اعتمدت منظمة المؤتمر الاسلامي قرارا يقضي بالبدء في صياغة صكوك اسلامية لحقوق الانسان تكون رافدا وسندا للجهود الدولية في هذا المجال, وهي صكوك سوف تؤكد على ضرورة حماية حقوق الفرد والمجتمع.
هذه الخطوة على المستوى الاقليمي يقابلهاجهود حثيثة على المستوى الداخلي، فالمملكة تمكنت من القيام بانجازات جيدة وتتطلع الى تحقيق المزيد من التطور المستمر من خلال الاهتمام بحقوق الانسان:
ففضلا عن التعاون الذي ابدته المملكة مع هذه اللجنة الموقرة فإنها رحبت قبل عدة اشهر بزيارة المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين وتم ابلاغه بذلك في حينه.
هذا ولم يقتصر دعم المملكة لقضايا حقوق الانسان على النواحي المعنوية والمشاركة بالتأييد بل شمل الدعم المادي حيث قامت المملكة بالمساهمة في عدد من الصناديق الطوعية لمكتب المفوض السامي لحقوق الانسان، كان آخرها ما تبرعت به المملكة لخطة العمل التابعة لاتفاقية حقوق الطفل وسوف تستمر في مواصلة هذا الدعم.
وتنفيذا لالتزامات المملكة بعد انضمامها الى اتفاقية مناهضة التعذيب تم انشاء لجنة مكونة من جهات حكومية مختلفة، وذلك للتحقيق في الادعاءات حول مسائل التعذيب او غيره من التجاوزات الفردية.
تثقيف وتوعية المجتمع بحقوقه في مجال حقوق الانسان، وذلك من خلال تضمين ذلك في المناهج التعليمية ووسائل الاعلام والتركيز على تطبيق المبادىء والقيم الانسانية.
ايضا في اطار اهتمام المملكة بحقوق الانسان فقد رشحت نفسها للمرة الاولى لعضوية لجنة حقوق الانسان التي تعد من اهم المحافل الدولية، وهذا يظهر جليا ايمان حكومة بلادي بأهمية التنسيق والتعاون بين الدول الاعضاء لما فيه مصلحة وحماية حقوق الانسان.
السيد الرئيس،
كل هذه الخطوات تؤكد تعاون والتزام المملكة بحماية وتعزيز حقوق الانسان بخطى مدروسة ضمن استراتيجية شاملة لمعالجة قضايا حقوق الانسان، وفي هذا الشأن فان حكومة المملكة بصدد القيام بالاجراءات التالية:
* السماح بانشاء هيئة وطنية غير حكومية مستقلة تساعد على التعريف بحقوق الانسان وحمايته، والتأكيد على الالتزام بتطبيق الانظمة المتعلقة بذلك والمطالبة بمعاقبة المخالفين.
* انشاء هيئة وطنية حكومية ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء يرأسها مسئول على مستوى عال ويناط بها كل ما يتعلق بحقوق الانسان من قضايا.
* انشاء اقسام تعنى بحقوق الانسان في الجهات الحكومية ذات العلاقة بما فيها وزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة العمل للتأكيد على اهمية وضرورة تطبيق الانظمة والقواعد المتعلقة بحقوق الانسان.
* اعتماد النظام الجديد للمحاماة والاستشارات القانونية.
وعليه فان ما قامت به المملكة من انجازات في هذا المضمار كان نتيجة طبيعية لاهتمام المملكة بحقوق الانسان وايمانا منها بأهمية تلك الحقوق وليس استجابة لاي عوامل خارجية.
في هذا السياق، فانه تجدر الاشارة الى انه بالاضافة الى ما سبق فان الانظمة المطبقة حاليا في المملكة العربية السعودية تمنح المواطن والمقيم حقوقاً متساوي ة فهي لا تمنع ممارسة حرية التعبير والتجمعات طالما انها لا تمس النظام او تخل بالآداب العامة، وهناك العديد من القنوات التي يستطيع من خلالها الفرد التعبير عن رأيه بكل حرية وفق ما يعرف بسياسة الباب المفتوح وتعني بأنه يجب على جميع المسئولين في الدولة استقبال المواطنين وغيرهم والاستماع الى آرائهم وشكاواهم وفق تقليد ثابت والسعي نحو ايجاد الحلول المناسبة لقضاياهم, هذا بالاضافة الى ان هناك العشرات من الهيئات والجمعيات الحكومية وغير الحكومية التي تمارس نشاطاتها الخيرية والاجتماعية وتلقى الدعم والتأييد من الجميع، وفي نفس الاطار فان التسامح يعتبر شرطا اساسيا للوصول الى حماية افضل لحقوق الانسان بما في ذلك التسامح الديني، فنحن في المملكة العربية السعودية نولي مبدأ التسامح اهتماماً كبيرا، وتجاوبت المملكة مع المقرر الخاص المعني بالتعصب الديني، والذي بدوره شكر المملكة على تعاونها في هذا المجال، فالمقيمون من غير المسلمين في المملكة شأنهم في ذلك شأن كافة المسلمين، فهم يتمتعون بكامل الحقوق والحريات الاساسية التي كفلها لهم النظام الاساسي للحكم وفق مواده.
وفي هذا الاطار فان لغير المسلمين الحق في ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية في اماكنهم الخاصة، ولم يسبق لاحد من غير المسلمين ان تعرض للملاحقة او العقاب بسبب معتقده, كما ان النظام لا يسمح بالتعرض لهم او مضايقتهم ويعاقب كل من يقوم بذلك.
من جانب آخر ضمنت حكومة المملكة للمقيمين وغيرهم على اراضيها من غير السعوديين كافة التسهيلات اللازمة دون تفرقة او تمييز، ومن الاهمية بمكان الاشارة الى ان هناك ما يقارب سبعة ملايين من المقيمين في المملكة، يتمتعون بحقوقهم كاملة دون تحميلهم اية اعباء ضريبية، ولهم الحق في تحويل مدخراتهم دونما عوائق، والتي بلغت عام 1999م حوالي سبعة عشر مليار دولار امريكي، الامر الذي من شأنه ان يساهم في التنمية الاقتصادية في بلدانهم ويخفف من حدة التأثيرات الناجمة عن البطالة في مجتمعاتهم، بل ان المملكة سنت انظمة جديدة مؤخرا تسمح لغير السعوديين بالتملك، والاستثمار في صناديق الاسهم المحلية.
وفي هذا الاطار فان الانظمة التي يجري تطبيقها في المملكة تصب ايضا في حماية حقوق الانسان وتمنع منعا باتا اي ممارسة للتعذيب بجميع اشكاله وتعاقب مرتكبيه، وقد ورد ذلك بوضوح في عدد من الانظمة التي تقرر عدم جواز الاعتداء على المسجونين او الموقوفين بأي نوع من انواع الاعتداء وتتخذ اجراءات التأديب ضد الموظفين المدنيين والعسكريين الذين يباشرون اي عدوان على مسجونين او موقوفين.
السيد الرئيس
ولا يفوتني في هذه المناسبة ان اؤكد لهذه اللجنة الموقرة، ان جميع قوانين المملكة وانظمتها موجهة لكلا الجنسين دون تمييز او استثناء والشريعة الاسلامية لم تفرق بين الرجل والمرأة في التكاليف والواجبات وقد اكدت المملكة العربية السعودية في انظمتها على منع التمييز بجميع اشكاله وممارساته ومن خلال انضمامها الى اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز العنصري وحرصت السلطات المختصة في المملكة على ان تتمتع المرأة بجميع حقوقها التي نص عليها النظام كالحق في العمل والرعاية الصحية والاجتماعية وحمايتها من الفقر والحق في التعليم المجاني لمختلف المراحل، حيث بلغت نسبة التعليم للبنات 95% وهي مساوية لنسبة الرجال, وتضاءلت نسبة الامية بين النساء حتى وصلت الى 15% ونحن نسعى الى تقليل هذه النسبة الى اقل مستوى ممكن، كما تقوم الدولة بتأمين المكافآت المالية والسكن المناسب للطالبات بما يتفق ومتطلباتهن الاساسية بحيث اصبحت المبالغ المصروفة على التعليم تساوي 25% من ميزانية الدولة وهي من اعلى النسب على مستوى العالم حيث تعادل 9% من الناتج القومي، هذه الارقام تظهر بجلاء ما تقوم به حكومة بلادي من اهتمام بالتعليم وبصفة خاصة تعليم النساء والذي يعد الركيزة الاولى والاساسية في رقي المجتمع وحضارته.
السيد الرئيس
انه لمن دواعي القلق والاستغراب ان نرى ان هناك صعوبة لدى بعض الجهات في ادراك حقيقة حقوق الانسان في الاسلام او تفهم خصوصيات المجتمعات الاسلامية وبعض المجتمعات الاخرى وربما يكون التقصير في ايصال مفهوم حقوق الانسان في الاسلام في بعض الحالات مرده انعدام او ضعف الحوار بين الثقافات المختلفة، غير ان هذا لا يعطي الحق لاي جهة في تشويه اي مبادىء وقيم تسعى الى الرقي بالانسان والحفاظ كرامته وحقوقه، في الوقت نفسه نرحب بالحوار البناء بين الحضارات والثقافات المختلفة بهدف الوصول الى حماية للانسان وحقوقه الاساسية.
السيد الرئيس، اجد لزاما علي ان اذكر هذه اللجنة وقبل ان انهي كلمتي بموضوع الاسرى والمحتجزين والمفقودين من الجنسية السعودية والكويتية والجنسيات الاخرى لدى العراق الذي يشغل حيزا كبيرا من اهتمامنا باعتباره قضية انسانية سواء كان هذا الاهتمام على المستوى العالمي او الاقليمي او على مستوى المنظمات والهيئات الدولية والاقليمية والمحلية، وتدعو المملكة الحكومة العراقية الى التعاون مع الاجهزة الدولية ذات العلاقة وعلى وجه الخصوص اللجنة الثلاثية الاطراف والى المشاركة في اجتماعاتها، من اجل تحديد مصير هؤلاء الاسرى والافراج عنهم في اقرب وقت ممكن، فما زالت هذه المسألة بكافة ابعادها تمثل مأساة انسانية، وحان الوقت ان تبادر الحكومة العراقية الى ايجاد حل لهذه المأساة.
وفي الختام اود، سيادة الرئيس، ان اؤكد لكم دعم حكومة بلادي لجهودكم الموقرة فيما من شأنه تحقيق الاهداف والغايات النبيلة في دعم مسيرة حقوق الانسان بقوة وثبات.
وشكرا السيد الرئيس والسادة الحضور على إصغائكم.

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

الثقافية

الاقتصادية

متابعة

أفاق اسلامية

لقاءات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

أطفال

تحقيقات

وطن ومواطن

شرفات

العالم اليوم

تراث الجزيرة

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved