Saturday 8th April,2000 G No.10054الطبعة الاولى السبت 3 ,محرم 1421 العدد 10054



الحاجة إلى الرقم ثلاثة
د,محمد العيد الخطراوي

أصدرت جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة (1409ه 1988م) كتابا بعنوان (العدد دراسة لغوية مقارنة) من تأليف الدكتور إسماعيل أحمد عمايرة , درس فيه الأعداد من (110)ثم العدد مائة ومضاعفاته، والعدد ألف، وعشرة آلاف، قارن فيها جميعا بين استعمالاتها في العربية وأخواتها من فئة اللغات السامية، والذي يهمنا منها هنا هو ماذكره حول العدد,, ثلاثة، فماذا قال؟
ذكر ان كتب اللغة نصت على أن العدد (واحد) يمكن أن تثنّيه،وأن تجمعه جمع مذكر سالماً، فمن تثنيته قول الشاعر:

فلما التقينا (واحِدينِ) علوتُه
بذي الكفِّ، إني للكماة ضَرُوبٌ
ومن جمعه جمع سلامة قول الكميت:
فقد رجعوا كحيٍّ (واحدِينا)
ويجمع أيضا جمع تكسير على (دوُحدان = أحُدان) ومنه قول الهذلي:

يحمي الصَّريمةَ أحُدانُ الرجالِ له
صَيدٌ، ومجترىء بالليل، هماّسُ
الصريمة: القطعة من النخل، ومن الإبل أيضاً.
الهمّاس: الذئب الشديد الغمز بضرسه، ويقال أيضا: مهموس).
كما ذكر أن اثنين في أصلها مثنى مفرده (ثِني) والثني: طيّة الثوب ونحوه، وطرف الحبل، قال طرفة بن العبد:

لعمرُك إن الموت ما أخطأ الفتى
لكا لطِّوَلِ المرُخَى وثِنياه في اليدِ
ويجمع جمع تكسير على أثناء، وذلك كقول امرىء القيس في معلقته:
تعرُّض أثناءِ الوشاحِ المفصَّل
ولكن متطلبات العدد الحسابي لايكفي فيها مطلق الجمع، بل لا بد من الدقة في الدلالة على المراد، فإذا قبلنا هذا الجمع في الدلالة على الثلاثة، فكيف ندلّ به على ما فوق ذلك! فلا بد إذن من النص رقميا على المراد (3 4 5الخ) وأوضح العمايرة ان المادة اللغوية التي اشتقت منها اللغات السامية العدد ثلاثة هي كلمة (ثلاث)، مع ملاحظة أن التاء في الاصل العربي قد تقابلها الشين، او السين، او التاء ، في اللغات السامية:
وعلى هذا فإن مايقابل العدد (ثلاث) عربيا، في الأكادية SALAS وفي العبرية SALOS وفي الحبشية SALLAS، وفي الآرامية TLAT، وفي السبئية القديمة SLT وفي السبئية الحديثة TLT، وفي السريانية TELATA.
ويفسر الباحث ظاهرة المخالفة بين العدد والمعدود في التذكير والتأنيث، لدى اللغة العربية وأخواتها من اللغات السامية، بأن ذلك يمثل النظرة الاجتماعية لدى تلك الشعوب الناطقة بهذه اللغات، في الإقران بين الذكر والأنثى، فلكل ذكر في الوجود أنثى،ولكل عدد مذكر معدود مؤنث، والعكس,والكتاب برغم صغر حجمه، عظيم الفائدة في موضوعه والمنهج المقارن الذي نهجه المؤلف في عرض محتواه, وهذا يدلُّ على علمية العمايرة وعلى مدى ما أسهمت به وما زالت تسهم به جامعة الإمام في تنشيط الدرس اللغوي، كما يدل على مايمكن ان تسهم به جامعاتنا حين تنجح في اختيار مطبوعاتها ، في مجال البحث العلمي بعامة,, ذلك أن الجامعات لم تعد في العالم كله مجرد مكان لتلقي العلم، وإلقاء المحاضرات، وتخريج الأعداد الهائلة من الطلاب، بل اصبحت مركزاً للبحث العلمي، ومجالا للإبداع، ومنطلقا للقيام بالدراسات العلمية الجادة لكل مستجدات العلم الحديث ، الذي يتسارع بشكل لايكاد يتصور، يشمل ذلك المسائل العلمية الكبرى والقضايا المهمة، كما يشمل البوابات والمقدمات والداعمات لتلك الدراسات.
لا أكتمكم أنني أحسست بخطأ فادح مع قرائي، في مقالتي السبت الماضي، لم أدركه إلا حين قرأته بعد صدوره، ذلكم هو الطول الزائد، بحيث قال لي أحدهم: ألا تتعلم من إخوانك الصحافيين في مراعاتهم الحيّز المكاني فيما يكتبون,, فدون إملال او إرهاقٍ يقدمون فكرة ما يتناولونها بالتوضيح والترداد، حتى تبرز جلية واضحة؟ قلت: بارك الله فيك، وسأراعي ذلك في المستقل إن شاء الله, وها أنا أفعل ذلك في مقال اليوم، فإلى اللقاء في الاسبوع القادم.
رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاءات

منوعـات

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved