تطوير مناهج التعليم: العملية المشتركة

على الرغم من استمرار البعض في مناداتهم بتطوير منهجية التعليم العام، إلا ان ما يجب وضعه في الاعتبار هو ان المناهج في مختلف مراحل التعليم العام قد شهدت خلال السنوات الماضية تطويرا ملموسا, إذ يتضح ذلك من خلال ملاحظة تخلص تلك المناهج من التكرار الممل لبعض المواضيع إضافة الى انتهاج تلك المناهج لأسلوب الحوار والمناقشة والاستنتاج, الجدير بالذكر ان عملية تطوير المناهج قد شهدت خلال السنوات الثلاث الماضية تطوير ما يزيد على ثمانين كتابا من الكتب الدراسية في جميع المراحل التعليمية وفقا لما أدلى به مدير عام المناهج بوزارة المعارف.
ومما لا شك فيه ان الأمانة تفرض علينا ان نشيد بالجهود المتواصلة والملموسة لوكالة وزارة المعارف للتطوير التربوي في سبيل الارتقاء وتطوير مختلف مناهج التعليم العام ونخص بالذكر سعادة وكيل الوزارة للتطوير التربوي الدكتور/ خالد العواد، وكذلك سعادة مدير عام المناهج الدكتور/ محمد الحامد وكافة الإخوة العاملين معهما في هذا المجال.
وإذا كانت عملية التطوير التي تشهدها مختلف مناهج مراحل التعليم العام واضحة للجميع، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه هنا يتمثل في المقصود بعبارة تطوير مناهج التعليم العام، وللإجابة على هذا التساؤل فإنني اؤكد على انه إذا كانت المناداة في السابق بهذا التطوير تعني المناداة بالتركيز على أساليب الفهم بدلا من أسلوب الحفظ والتلقين، كما تعني تقليص المواد النظرية وتكثيف المواد العلمية,, الخ, فإن المعنى الدقيق في الوقت الحاضر لعملية تطوير مناهج التعليم العام إنما يتمثل في أهمية تضمين واحتواء مناهج التعليم العام على مختلف الجوانب التي يحتاجها الدارس لكي تتم تهيئته لخوض معترك سوق العمل, وبمعنى أكثر دقة اي تطوير منهجية التعليم العام لتكون أكثر مواءمة لحاجة سوق العمل.
وطالما ان عملية تطوير مناهج التعليم العام تعني تهيئة الطلبة واكسابهم القدرات النظرية والعملية التي تساعدهم على التأقلم مع متطلبات سوق العمل، فإن هناك عددا من الجوانب التي يتوجب وضعها في الاعتبار عند تطوير تلك المناهج ومن تلك الجوانب ما يلي:
ا أهمية التنسيق (المكثف) بين وزارة المعارف ممثلة بالفرق التي تتولى تطوير المناهج من جهة وبين الغرف التجارية من جهة أخرى, فمن خلال هذا التنسيق يمكن لخبراء المناهج الوقوف عن كثب على حاجة رجال القطاع الخاص من الكفاءات الشابة الوطنية في مختلف المهن والحرف الفنية والتقنية، ومن الأهمية ألا يقتصر هذا التنسيق على مجرد المكاتبات بين الجانبين، وما لم يتم ذلك، فإنه قد يصعب على وزارة المعارف الوقوف على الحاجة الفعلية لرجال وشركات القطاع الخاص من الشباب المؤهل.
ب أهمية التنسيق بين وزارة المعارف ووزارة التعليم العالي، إن عملية تطوير منهجية التعليم العام لتتواءم مع حاجة سوق العمل لا يقصد منها بأي حال من الأحوال ان خريج الثانوية العامة سيتجه مباشرة لسوق العمل، وان ما يتوجب ان يفهم من ذلك هو ان يتم تهيئة خريج الثانوية العامة ليكون مؤهلا للتفاعل مع المناهج التي سيدرسها في أي من مؤسات التعليم العالي (جامعات، كليات مجتمع، كليات أهلية، كليات تقنية) وبمعنى أدق فإن المفردات التي يتعلمها الطالب في مناهج التعليم العام يجب ان تكون القاعدة الصلبة التي ينطلق منها الطالب عند دراسته لمناهج التعيم العالي على افتراض وجود قنوات رابطة بين كل من منهجية التعليم العام والعالي من جهة وبين حاجة سوق العمل من جهة أخرى.
ج أهمية التنسيق بين وزارة المعارف والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني, إن عملية تطوير منهجية التعليم العام لتتواءم مع حاجة سوق العمل سوف تتطلب تركيز تلك المناهج على الكثير من النظريات والعلوم الفنية والتقنية التي يتطلبها السوق, وبالتالي فإن عدم وجود التنسيق اللازم بين وزارة المعارف والمؤسسة العامة للتعليم الفني قد يؤدي الى الازدواجية في بعض المفردات التي تتضمنها كل من مناهج التعليم العام التي تشرف عليها الوزارة وبين المناهج التي يتم إعدادها من قبل المؤسسة.
وبعد استعراض تلك الجوانب بقي ان نؤكد على ان عملية تطوير منهجية التعليم العام هي عملية ذات علاقة وثيقة بعدد من الأجهزة العامة والخاصة كالغرف التجارية والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ووزارة التعليم العالي، وبالتالي فإنه يفترض على وزارة المعارف لكي تنجح في تحقيق ما نصبو اليه جميعا من تطوير في منهجية التعليم، ان تعمل على تكثيف التنسيق والتعاون بينها وبين تلك الأجهزة في هذا الخصوص.