Saturday 8th April,2000 G No.10054الطبعة الاولى السبت 3 ,محرم 1421 العدد 10054



المواطن,, والسُّلطة,.
في مواجهة الإرهاب
د, أنور عبدالمجيد الجبرتي

(1)
* أصبح الارهاب السياسي سطراً مألوفاً في الكتاب السياسي المعاصر,.
* فالعالم مكتظ بجماعات تسير خلف ألوية حمراء أو سوداء، وترفع شعارات حق وباطل،
وتطلق هتافات صدق وزيف،
وتزعم أسباباً معقولة وغير معقولة، جادة أو تافهة,, لتفسير وتبرير تصرفاتها الدموية العنيفة.
* لم يعد من غير المتوقع أن يواجه الانسان موقفاً ارهابياً,, وهو على بعد آلاف الأميال من موطنه,.
دون أن يكون له في القضية التي يمثلها الارهابيون والشعار الذي يرفعونه ناقة ولا جمل.
* لقد أصبح الانسان هدفاً كونياً في عالم سياسي متناثر القضايا،
فسيفسائي المبادىء،
متوتر الاحساس,, مختل الاعصاب,.
* لا شيء يهم:
لونك ,, أو اسمك او جنسيتك,.
أو نوع معجون اسنانك، أو عطرك المفضل،
أو ديانتك,, أو اتجاهك السياسي.
يكفي أن يرميك حظك التعيس في طائرة مختطفة،
أو يقودك الى محل تجاري مزدحم، أو يأويك في فندق مستهدف،
او منتجع مقصود،
أو يقعدك في مقهى مكتظ,.
في أي مكان في العالم,.
لكي تصبح مجرد ورقة,, تمسك بها كف متشنجة,, معروقة,, تعصرك بين اصابعها,.
وتكسر أطرافك بأظافرها,.
دون أن يكون لك حول,, ولا قوة،
ودون أن تكون لك احاطة, من قريب,, أو من بعيد,, ب مطالبهم أو مظالمهم ,, أو قضاياهم .
* لم تعد تستطيع أية سلطة وطنية,, أو دولية مهما كانت قدراتها، وامكاناتها الأمنية، ومهما استتب أمنها الاجتماعي، والسياسي والعسكري، أن تحصن نفسها تحصيناً كاملاً، ضد احتمالات العنف السياسي الذي قد يتعرض له,, مواطنوها ومؤسساتها.
* هذا واقع سياسي دولي معاصر,, تؤكده الاحداث يوماً بعد يوم,, وفي أماكن مختلفة من العالم.
* ف السلطة ان استطاعت ان تكفل أمن مواطنيها، ومؤسساتها داخل حدودها السياسية,.
فلن تستطيع أن تكفل ذلك بالضرورة خارج الحدود,.
* هناك ملايين الأفراد,, من مختلف الجنسيات,, يجوبون العالم العريض شرقاً، وغرباً.
وهناك آلاف المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية,, تحمل الشعار الوطني لكل دولة وتتناثر خارج حدودها الوطنية,.
هناك طائرات، وشاحنات، وسفن، ترفع العلم تجوب الأجواء، والبراري، والبحار،
وتتوقف في المطارات ومراكز الحدود، والموانىء، هناك دبلوماسيون يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، وأطفال أبرياء,, يلعبون,, ويقفزون.
هناك مصلون يرتادون المساجد وطلاب ذاهبون إلى المدارس، وشباب في عمر الزهور يختلفون إلى الملاعب والمقاهي، والمتنزهات.
* هناك باختصار امتداد وتواجد ل الأطراف الوطنية,, في كل مكان,, وتحت كل سماء.
* ولذلك لن يستعصي على الارهاب السياسي ان يقتنص لحظة غفلة، أو يستغل برهة اغفاءة, أو ينفذ من ثغرة بيروقراطية,.
أو أن يستغل فحسب رغبة الانسان المتأصلة في أن يكون طليقاً كما خلقه الله يمارس حقه في الفضاء,, والهواء,, لكي يضرب ضربته، ويصوب سهامه، ويفجر عبوته.
* العنف السياسي بأشكاله المختلفة، ومصادره المتنوعة، ومبرراته الكثيرة,, أصبح حقيقة,, لا مفر للسلطة,, والمواطن,, أو يواجهاها.
واقعاً,, أو احتمالا,.
داخل الحدود وخارجها.
على نحو مباشر او غير مباشر,.
* والغرض هنا ليس ان نسرد,, وصفا تفصيليا للوباء الدموي الذي تفشى في عالمنا.
فذلك عناء ، تقوم به وسائل الاعلام يوميا وبكفاءة جيدة.
* نحاول على الاقل ان نطرح سؤالا : كيف يمكن للسلطة، والمواطن,, ان يواجها هذه الظاهرة المدمرة التي هزت امن الانسان، وطمأنينته وكادت تحرمه من حقه الطبيعي في ان يسيح في أرض الله دون خوف ,, او وجل.
وان يقرر مصيره الوطني كجزء من المجموع دون قسر او اكراه،
وان يخطط لمستقبله، ومستقبل أطفاله دون ابتزاز ,, او ارهاب من افراد قلائل؟.
* كيف يمكن للمواطن والسلطة ان يتعاملا، ويواجها واقعا سياسيا، وأمنيا,,
يكاد يُفرض عليهما بالمسدس، والمدفع الرشاش، والعبوة الناسفة,, الخ؟
* هناك عدة منطلقات اساسية,, تتبادر الى الذهن عند طرح هذا السؤال:
* ان الامن ، والاستقرار السياسي والطمأنينة الاجتماعية,, اصبحوا سلعا نادرة، ومطالب نفيسة,, في عالم اليوم القميء.
* فالاضطراب، والعنف والنزاعات العنصرية، والطائفية، والعقائدية، تعصف اليوم بمجتمعات كثيرة مبددة آمالها، مهدرة لثرواتها، مهرقة لدماء شبابها، عاصفة بكرامة الانسان فيها.
وان احداث العالم,, تعلمنا كل يوم ان اهتزاز التوازن، واضطراب الامن، واعلان سيادة البندقية، والكلاشينكوف والعبوة الناسفة والسيارة الملغومة,.
يطلق العنان لأسوأ ما في النفس الانسانية من اطماع، وأحقاد ورغبات: ويؤدي إلى أن يسحق الإنسان كل معالي الزحمة، والكرامة، والعدالة، ويتجاوز المعقول والمتوقع,, إلى ما لا يمكن ,, أن يعقل,, أو يتوقع,.
ويتفوق في وحشيته على أقصى اندفاعات الحيوان في داخله.
* عندئذ يصبح الحديث عن العدالة والرخاء الاقتصادي والفن، والابداع، والحب,, هذيانا,, وسخفا وتحريفا.
للحديث بقية

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاءات

منوعـات

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved