Saturday 8th April,2000 G No.10054الطبعة الاولى السبت 3 ,محرم 1421 العدد 10054



نزيف الأيام وتباشير الأمل

(1)
قلت لاح الشيب في عارضيك؟
قال : ولم لا، فالشمس لا يمكن حجبها عن العيون فهي رحلة طويلة، شروق وغروب، بزوغ وأفول, وما بين أمواج الرحلة عجائب تجعل ذا اللب يقف حيران، أناس تمضي ولا تعود، ومواليد تأتي من جديد، وما بين ذلك أغصان متشابكة وكلمات متقاطعة، نعجز أحيانا ان نجد لها حلا وتفسيريشدك إلى قاع نفسك صوت يبدد سكونها ويحيله إلى ضجيج مفزع ليعيدك إلى واقعك لترى نزيفا وهي تمر من بين أصابعك كمر السحاب دون ان تشعر بها مع غفلة عما أودعناها، وقد ننشغل ونلهو ونغفل عن رصيدنا الذي يتراكم بفعل مرور الايام وتثقل خزائن ملفاتنا، فيا ترى هل هو لنا أم علينا؟!
(2)
أفقت على صدمة المفاجأة، فقد شاع الخبر وعم ارجاء مدينة بريدة، مات الشيخ العلامة محمد المنصور، إنا لله وإنا إليه راجعون بجرح امتي النازف فكأنها على موعد مع الحزن والدموع فلم نجف الحقل بعد من رحيلهم وهاهي حبة من العقد تهوي والعام يلفظ أنفاسه الأخيرة، فقد كنا مع ميلاد هذا العام مع رحلة الحزن التي مرت بمركبنا ، مصائب ونكبات، تلاطم بها بحر عامنا الذي ودعناه، فقد علمائنا، تسلط اعدائنا، قلة الامطار فأجدبت أرضنا، ولكن لعل الامل يولد من رحم المحنة، والنور ينبثق من جوف الظلام، فكلما اشتدت حلكة الليل قرب طلوع الفجر.
(3)
توافد الناس من كل حدب وصوب للصلاة على الشيخ الراحل محمد المنصور في مدينة بريدة، فليس هذا هو الغريب فكل مسلم يموت لابد ان تقام عليه هذه الصلاة, من ذكر وأنثى, إلا أني تأملت الوجوه التي غصت بها جنبات المسجد والساحات المحيطة به في مشهد قل ان نجد له مثيلا مع اختلاف وتباين فيما بين المصلين، فقلت سبحان الله ما الذي جمع هؤلاء بهذه الاعداد الهائلة على هذا الرجل؟ مع العلم اننا نودع في هذا الجامع كل يوم مسافرا سفرا لا يعود منه,, كم من راحل يستجدي من يحمل نعشه.
هل فكرت انت بهذا كيف بك إذا حملت رغما عن أنفك؟ هل لك أن تتخيل المشيعين من حولك؟ ما هو شعورك لو بقي نعشك لا يجد من يحمله؟
(4)
صنوف المنية عجيبة، تفترس بدون مقدمات او سابق إنذار، هذا في فراشه وذلك وهو يستمتع برحلة بحرية على ساحل البحر فتتلقفه الامواج وآخر يجوب طرقات المدينة بسيارته الفارهة فلا يدري إلا والمنية تنشب أظفارها فتلقيه صريعا.
* هاتف أهله من باريس يخبرهم بموعد وصول الطائرة التي ستقله ليخرجوا لاستقباله بعدما كان في رحلة علاجية منّ الله عليه بالشفاء وصلت الطائرة في موعدها ولم يحضر معها, بل وصل في الطائرة التي بعدها, لانه استلقى على سريره في الفندق ليرتاح، فلم يقم بعدها؟!
* ذهبت لزيارة أقاربها بعد مصابهم وإذا بها تسلم الروح عندهم؟
* صبي لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره يغط في نوم عميق صباح ذلك اليوم من أيام العيد الماضي، ليوقظه اين عمه ليذهبا إلى مزرعتهم بعدما اختلسا السيارة من البيت، سرعة جنونية، انقلبت السيارة، مات الصبي وودع الدنيا وهو الذي كان قبل نصف ساعة يغط في أمان في سبات عميق في مرقده فما الذي أيقظه؟؟
* كابتن يقود طائرته مسافراً بها تغادر مطار جدة ويعود بنفس الرحلة وهو محمول لاحراك به,,؟
يحمل مؤهلا عاليا يسافر لأمريكا طلبا للعلاج لم يمكث بها إلا يومان,, ويعود محمولا,, سبحان الله يسافر ليموت هناك؟
* قريب لي أصيب بحادث فتهشم جسمه وأدخل غرفة الإنعاش,, ويرقد على السرير شهورا، يعود للحياة من جديد,, وفي يوم العيد يخرج في نزهة في دولة عمان,, تنقلب به سيارته لم يصب بأذى إلا انه فارق الحياة,.
* قال ذلك الطبيب في مجلس أهل ذلك الميت وموجها الكلام لابن الميت الأكبر, آسف يافلان فلم أكن موجودا في المستشفى ساعة وفاة ابيك؟؟!
* في ذات ليلة طلب مني ان القي كلمة، امام مجموعة من طلاب المعهد الصحي ببريدة كان موضوع الكلمة عن الرحيل الحتمي, وأنه يأتي فجأة في نفس اللحظات، كان جهاز النداء يرسل اشارات مقلقة، وإذا بهم الاهل يفيدون ان الوالد نقل إلى مستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة، فما أن وصلت للاطمئنان عليه إلا وقد ودع الدنيا، فسبحان الله بنفس اللحظات التي كنت أتحدث فيها عن الرحيل الحتمي كان الوالد ينازع سكرات الموت, فرحمه الله.
فسبحان من له البقاء والدوام.
وكم من حامل اليوم غداً يكون محمولا,.
فماذا يبقى منك ولك بعد رحيلك؟
ليتنا نفكر,, والسلام عليكم
عبدالله العيادة
بريدة

رجوعأعلى الصفحة
أسعار الاسهم والعملات

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

لقاءات

منوعـات

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved