* تتسع دائرة الحياة المسرحية في اي بلد,, باتساع دائرة الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية,, ذلك لأن المسرح نبض المجتمع,, ينهض بنهوضه,, ويكبو بكبواته,, فقد ارتبط صعود وتألق الحركة المسرحية,, خصوصا في وطننا العربي بحركة النهوض الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي الذي شهدته المنطقة ,, خصوصا في السنوات العشر الاخيرة ومنذ عقدي الستينيات والسبعينيات,, والتي جاءت بعدها الثمانينيات والتسعينيات بمتغيراتها وتحولاتها المتسارعة ونكساتها الحادة,, لتلقي بظلالها على الحياة الثقافية والفنية المسرحية العربية,, فمع انهيار النظام القديم الذي عرفه العالم طوال نصف قرن مضى,, وظهور نظام جديد لم تتحدد معالمه بعد,, عانى مبدعو العالم العربي حالات من انعدام الوزن والانكفاء على الذات والهروب من الهم العام الى الخاص,, والابتعاد عن القضايا الكبرى في الحياة لصالح الفرد,, فكان الثمن الذي دفعه المبدعون المسرحيون العرب افدح وأشد وطأة بعد ان تحطمت بديهيات وسقطت شعارات وأريق دم عربي بسلاح عربي,, وانكسرت احلام الجيل الذي حمل على اكتافه عبء النهوض الكبير بالمسرح العربي,.
بالرغم من انه لا يوجد حلول سحرية للخروج من اي أزمة,, الا ان المبدع المسرحي سواء كان كاتبا او ممثلا أو مخرجا وفنيا,, مازال يثق في قوة الحلم الانساني وقدرته على الانعتاق من الاحباط والانكسار,, والتطلع الى عالم يسوده العدل والخير والجمال,, والفن المسرحي قادر على تجسيد هذا الحلم,, فالفنان بشكل عام والمسرحي بصورة خاصة بحسه المرهف قادر على اكتشاف مواضيع الالم والعلل,.
وعلى استشراف المستقبل بما ينطوي عليه من تحديات محتملة وامكانيات واعدة,, ومن هنا يأتي المسرح كعنصر هام من عناصر تطوير الانسان وادراكه واحتياجاته الاجتماعية,,.
صحيح ان للبشرية تحققت خلال القرن العشرين تقدمات هائلة في مجالات تقنية ومادية,, وأنجزت جملة من المتغيرات الجذرية في عالمنا,, لكن ذلك لم يغير من حالات الجوع والفقر والحروب والصراعات المستمرة في الحاضر,, مما ادى في كثير من الاوقات بالمبدع الى انعدام الحيلة حيال ذلك الواقع المر,, كاد ان يؤدي به الى اليأس,, وهو يتساءل ما الذي يمكنه ان يفعله وماذا باستطاعة المسرح ان يفعله؟
لكن المبدع لم يكن في احيان كثيرة ينسى أن يتجاوز يأسه وإحباطه بالتناسي والتجاهل,, فيعمد الى الصعود على خشبة المسرح ليجسد المعاناة بأساليب وقوالب درامية ضاحكة وباكية,, من اجل التخفيف من الجروح,, وكل امله ان يشهد القرن الجديد تبدل الصورة المأساوية بصورة يتاح فيها تحول هذا الزمن الذي اصبح لا انسانيا الى زمن تسوده المحبة والتسامح,, ومن هنا تأتي اهمية المسرح,, العنصر الفني الضاحك الباكي في المجتمع.
|