الارتجالية واستثمار المحاكاة والأنظمة على رأس مسببات الوفاة مشاريع صغيرة تموت في سن المهد النجيدي: أنظمة البلدية تسمح بتكدس محلات من نوع واحد الريس: عدم دراسة الجدوى الاقتصادية أهم الأسباب |
*تحقيق: فهد محسن الشملاني
تتربع المشاريع والمنشآت الصغيرة على مساحة كبيرة من خارطة القطاع الصناعي والتجاري، وتشكل هذه المنشآت قاعدة وركيزة اساسية لتحقيق النمو الاقتصادي وتوفير كثير من المنتجات للمستهلك، كما تعد حلقة مهمة في سلسلة الترابط والتكامل للهيكل الاقتصادي بصفة عامة وبالتالي اسهامها بشكل فاعل في متانة وقوة البناء الاقتصادي للبلد.
ويؤكد خبراء اقتصاديون ان المشاريع الصغيرة تشكل نسبة كبيرة من منشآت القطاع الصناعي حيث تصل نسبتها الى حوالي 70% من منشآت القطاع الخاص نظراً لسهولة الاستثمار في مثل هذه المشاريع وسرعة الربحية العائدة من الاستثمار في هذا القطاع الحيوي الهام، اضافة الى ان تلك المشاريع لا تتطلب رأس مال كبير لانشائها او تأسيسها لكونها تتميز بانخفاض مصروفات التأسيس وانخفاض التكاليف الاستثمارية ونفقات التشغيل مما ينعكس على سهولة انشائها وتشغيلها, كما ان المدروس من هذه المشاريع يتميز بقلة مخاطره الاقتصادية.
استثمار سريع ولكن,.
وقد ادت هذه المميزات الى دخول شريحة واسعة من المستثمرين في هذا المجال وتعددت اوجه انشطته بفتح العديد من الورش الصغيرة في مجال صيانة السيارات والآلات والاجهزة وورش النجارة والمحلات التجارية ذات الانشطة المختلفة حتى اصبحت مخرجات الاستثمارات هذه تفوق حجم الاستهلاك في السوق المحلية وهي بالطبع غير مؤهلة لتصدير منتجاتها الى خارج المملكة مما يعني وجود فائض في المنتجات والخدمات والعمالة.
الامر الذي تسبب في تراجع مبيعات بعض هذه المنشآت او المشاريع الى درجة تصل لاقل مما هو موضوع في الحسابات عند انشاء المشروع وهذا يفضي بالتأكيد الى خسارة المحل او تقبيله الى مستثمر جديد يحصد في نهاية الامر نتيجة سابقة.
259% معدل زيادة المنشآت الصغيرة في عشر سنوات
ولعل الاقبال المتزايد خلال السنوات الاخيرة على الاستثمار في منشآت صغيرة وزيادة عدد الطارقين لباب هذا النوع من الاستثمار اسهم في زيادة عدد المحلات والمؤسسات والمصانع الصغيرة في السوق المحلية حيث قدرت احصائية للغرفة التجارية الصناعية بالرياض معدل نسبة زيادة المنشآت الصغيرة خلال الفترة من عام 1408ه الى 1415ه بحوالي 259% وقدرت زيادة عدد محلات الورش المرخصة من 63212 منشأة الى 133697 منشأة بزيادة قدرها 70485 ونسبة 110,7% كما زاد عدد المنشآت التي تم تجديد تراخيصها من 27828 الى 72664 بزيادة قدرها 44836 ونسبة 161,1% فيما ارتفع عدد محلات المواد الغذائية من 19146 الى 36721 محلاً بزيادة قدرها 17575 ونسبة 91,8% ومن هذه المحلات زاد عدد المحلات الجديدة من 9676 الى 16223 محلاًاي بزيادة 6547 محلا ونسبة 67,7% كما زاد عدد المحلات التي تم تجديد تراخيصها من 9470 الى 20498 محل بزيادة قدرها 11028 ونسبة 116,5% وكذلك تزايد عدد الاسواق المركزية من 1016 الى 1390 سوقاًومقدار الزيادة تصل الى 374 سوقاً ونسبة 36,8% ومن هذه الاسواق زاد عدد الاسواق الجديدة من 439 الى 595 سوقاًاي بنسبة 35,5% كما زاد عدد الاسواق التي تم تجديد تراخيصها من 577 سوقاً بزيادة قدرها 218 سوقاًونسبة 37,8%.
فيما تنامى عدد المؤسسات التجارية من 5756 الى 13496 مؤسسة بزيادة قدرها 7740 مؤسسة ونسبة 134,5% ومن هذه المؤسسات زاد عدد المؤسسات الجديدة من 2936 الى 6538 مؤسسة اي ب 3602 ونسبة 122,7% كما زاد عدد المؤسسات التي تم تجديد تراخيصها من 2820 الى 6958 مؤسسة بزيادة قدرها 4138 مؤسسة ونسبة 146,7% اما الورش الصناعية فقد زاد عددها خلال الفترة من 963 الى 2114 ورشة بزيادة 1151 ورشة وبنسبة 119,5% ومن هذه الورش نما عدد الورش الجديدة من 523 الى 779 بزيادة قدرها 256 ورشة وبنسبة 48,9% كما زاد عدد الورش التي تم تجديد تراخيصها من 440 الى 1335 ورشة اي بزيادة 895 ورشة وبنسبة 203,4%.
وكذلك ارتفع عدد محلات الاثاث والديكور من 1504 الى 1528 محلاً بزيادة قدرها 3624 محلا وبنسبة 241% ومن هذه المحلات زاد عدد المحلات الجديدة من 881 الى 2712 محلا مسجلاً زيادة قدرها 1831 محلاًونسبة 207,8% كما زاد عدد المحلات التي تم تجديد تراخيصها من 623 الى 1228 محلاً اي بزيادة قدرها 1793 محلاً وبنسبة 287,8%.
فيما سجلت ورش السيارات زيادة من 2198 الى 14263 ورشة وبلغت الزيادة 12065 ورشة وبنسبة 548,9% ومن هذه الورش زاد عدد الورش الجديدة من 1281 الى 4629 ورشة بزيادة قدرها 3348 ورشة وبنسبة 361,4% كما زاد عدد الورش التي تم تجديد تراخيصها من 917 الى 9634 ورشة بزيادة قدرها 8717 وبنسبة 950,6%.
اما ورش صيانة الاجهزة فقد تزايد عددها في الفترة المذكورة من 6254 الى 6451 ورشة بزيادة 197 ورشة وبنسبة 3,1% ومن هذه الورش نقص عدد الورش الجديدة من 3653 الى 3231 ورشة اي ب 422 ورشة وبنسبة تراجع قدرها 11,6% بينما زاد عدد الورش التي تم تجديد تراخيصها من 2601 الى 3220 ورشة بزيادة تصل الى 619 ورشة وبنسبة 23,8%,وسجلت محلات المواد الصحية والسباكه تزايدا في اعدادها ارتفعت من 796 الى 2120 محلاً بزيادة قدرها 1324 محلاً وبنسبة 166,3% ومن هذه المحلات زاد عدد المحلات الجديدة من 366 الى 1060 محلاًمسجلاً زيادة قدرها 694 محلاًوبنسبة 189,6% كما زاد عدد المحلات التي تم تجديد تراخيصها من 430 الى 1060 محلاً اي ب 630 محلاً وبنسبة 146,5%,وكذلك تزايدت محلات بيع وقود وخدمات السيارات من 1317 الى 3658 محلاً ومقدار الزيادة يساوي 2341 محلاًوبنسبة 177,8% ومن هذه المحلات زاد عدد المحلات الجديدة من 714 الى 1256 محلاً بزيادة قدرها 542 محلاً وبنسبة 75,9% كما زاد عدد المحلات التي تم تجديد تراخيصها من 603 الى 2402 محلا اي بزيادة 1799 محلاً وبنسبة 298,3%,اما محلات الخدمات الشخصية فقد ارتفع عددها من 6256 الى 16538 محلاً بزيادة تقدر ب 10282 محلاًوبنسبة 164,4% ومن هذه المحلات زاد عدد المحلات الجديدة من 3290 الى 7537 محلاً اي ب 4247 محلاً وبنسبة 129,1%.
كما زاد عدد المحلات التي تم تجديد تراخيصها من 2966 الى 9001 محلا بزيادة قدرها 6035 محلاً وبنسبة 203,5% وتشمل محلات الخدمات الشخصية مشاغل الخياطة وصالونات الحلاقة ومغاسل الملابس وغيرها.
وقدرت الاحصائية زيادة المحلات الاخرى التي لا تندرج تحت الانشطة السابقة بحوالي 3812 محلاً حيث زاد عددها من 18006 الى 31818 محلاً ونسبة زيادة بحوالي 76,7% ومن هذه المحلات زاد عدد المحلات الجديدة من 11625 الى 16472 محلاً اي ب 4848 محلاً وبنسبة 41,7% كما زاد عدد المحلات التي تم تجديدها من 6381 الى 15345 محلاً بزيادة قدرها 8964 محلاً وبنسبة 140,5%.
وخلصت الاحصائية الى ان نسبة الزيادة خلال تلك الفترة لمحلات الورش بمختلف انشطتها بلغت 548,9% ونسبة زيادة محلات الاثاث والديكور بلغت 241% وفي محلات وقود وخدمات السيارات وصلت الى 177,8% فيما بلغت نسبة الزيادة في محلات المواد الصحية والسباكة 166,3% ومحلات الخدمات الشخصية 164,4% .
فشل بعض المشاريع وتراجع المستثمرين
ولكن نسبة التزايد الكبير الذي طرأ على اعداد المحلات والمنشآت الصغيرة في الحقبة الماضية مالبث ان تراجع في الآونة الاخيرة بعد ان تشبع السوق المحلي بنوعيات متشابهة من الاستثمارات طرقت جميع مجالات الانشطة التجارية والصناعية، بل ان نشاطات ومنتجات تلك الاستثمارات طغت عن مقدار الاستهلاك المحلي مما كان له الاثر السلبي على استمرارية بعض المحلات وقدرتها على المنافسة في مجال ضيق,وتؤكد مصادر احصائية اقتصادية ان اعداد المنشآت الصغيرة والمحلات التجارية تراجع في الآونة الاخيرة بنسب تتفاوت حسب النشاط وجاء هذا التراجع بعد ركود السوق اثر تزايد اعداد المحلات بجميع احياء المدن وخاصة في المدن الكبيرة وعدم قدرة بعض المستثمرين الصغار على الصمود في ظل المنافسة الشديدة التي يشهدها هذا المجال وبخاصة تكدس النشاطات في مجالات يحتاجها قليل من المستهلكين.
ونتيجة لذلك تهاوت بعض المشاريع الصغيرة في سن مبكرة تاركةً خلفها مستثمرا يبصم على اصبع الندم على ما اضاعه من مال وجهد في تأسيس مشروعه الذي لم يكتب له النجاح.
من المتسبب
والسؤال الذي يطرح نفسه هو من المتسبب في فشل بعض المشاريع وضياع كثير من الحقوق المالية والعينية.
هل هو المستثمر نفسه؟ ام السوق؟ ام الانظمة يرى بعض المحللين الاقتصاديين ان ثمة عوامل عدة تساهم في فشل بعض المشاريع ويقع العامل الاكبر في الفشل على صاحب المشروع حيث يقدم بعض المستثمرين على مجالات تجارية او صناعية دون دراسة مستفيضة لهذا المشروع مما ينتج عنه ايجاد منشأة ضعيفة غير قادرة على استيفاء الشروط والمتطلبات التي تساعد على النجاح وبالتالي تصطدم بعدة عوائق كالعجز عن توفير الخدمات والمنافسة ومشكلة التسويق ونقص القدرات الادارية وعدم توفير العمالة ذات المهارة العالية وسوء التنظيم والتخطيط مما يؤدي الى فشلها، اما السوق فيسهم بقدر قليل في عملية الفشل، حيث ان المستهلك المحلي يتصف بالشفافية ويتأثر بسمعة المحل او المنشأة والشائعات التي تقال عنها ويلقى لها ظهره في حالة اهتزازها نظراً لوجود الكثير من البدائل اما الانظمة فلا تمانع من فتح العديد من المحلات التجارية على مساحة جانبي الشارع التجاري مما يوجد تكدس مجموعة كبيرة من الانشطة في موقع جغرافي واحد تمارس النشاط ذاته.
ويؤكد من استطلعنا رأيهم في الموضوع من المستثمرين والمواطنين ان فشل بعض المشاريع الصغيرة مشكلة تؤرق اذهان المقبلين الجدد على الاستثمار وتزيد من مخاوفهم حول احتمال خسارتهم في حالة اقدامهم على الاستثمار في مجالات جديدة خصوصاً اذا ما شوهد هنا وهناك لافتات ترغب في تقبيل المحل او بيعه او تصفيته كما يلاحظ في كثير من الاماكن لمبررات حفظناها جيداً.
عدم دراسة الجدوى الاقتصادية
ويعزو عبدالعزيز الريس سبب فشل المشاريع الصغيرة وعدم صعودها لفترة طويلة الى بعض الاسباب من اهمها عدم الدراسة الكافية للمشروع قبل قيامه ومعرفة جدواه الاقتصادية ومنافذ تسويق منتجاته وكذلك مدى احتياج المكان او الموقع لمنتجات المشروع حتى يتم تسوقها بسهولة، ويرى ان تقام مكاتب خاصة لعلاج هذه المشكلة بحيث يسأل المستثمر عن مدى الاستفادة من هذا المشروع على المدى الطويل للطرفين المستثمر او المستهلك حفاظاً على استمرارية المشروع ويقترح الريس على المسؤولين تقديم نصائح للمستثمرين على شكل كتيبات، بحيث يتم دراسة احتياج كل حي من المشاريع والمنتجات ويتم على ضوء ذلك منح ترخيص لمزوالة النشاط للذي يجد فرصة في ذلك.
أنظمة البلدية
ومن الاسباب الجوهرية في فشل بعض المشاريع الصغيرة تكدس المحلات او الورش في احياء معينة بحيث يوجد في الشارع الواحد عدة محلات تمارس نفس النشاط دون وجود مستهلك يستوعب منتجات او خدمات هذه المحلات مما يوجد فائضا وركودا في اداء السوق وهذايفضي الى سقوط بعض المحلات التي لا تقدر على المنافسة ووجود مثل هذا التكدس يرجع سببها عبدالله علي النجيدي الى مرونة انظمة البلدية التي تسمح بمزاولة اكثر من نشاط تجاري او صناعي في المكان الواحد ويرى ان تقوم البلدية قبل اعطاء الترخيص لطالب مزاولة النشاط بدراسة المكان او الشارع ومعرفة القدرة الاستيعابية الاستهلاكية لمنتجات المشروع وكذلك قدرته على المنافسة بحيث تمنح تراخيص بنسب متفاوتة لبعض الانشطة بالشارع الواحد وليكن مسافة حوالي 500 متر الى 1 كلم بعد محل التموينات عن الآخر او ايجاد تموينات مركزية في الحي على شكل مجمعات وكذلك الترخيص لمحطة او محطتي وقود في الشارع الرئيسي وهكذا.
والسبب الآخر في نظر النجيدي سوء العرض والتنظيم في بعض المحلات او رداءة منتجات المشروع الامر الذي يؤدي الى عزوف المستهلكين عنه وبالتالي فشله.
المنافسة وعدم القدرة
ويعد محمد حسين عدلان عدم قدرة المشروع على المنافسة في الاسواق المحلية نتيجة هشاشة اساساته المبنية على الارتجالية وعدم التخطيط اضافة الى كثرة وتشابه الانشطة في المنطقة الجغرافية الواحدة وهذا عامل مهم في سقوط بعض المشاريع في وقت مبكر خاصة والمملكة تشهد نهضة صناعية وتجارية كبرى شجعت المستثمرين على اقتحام مجالات جديدة كما يرى ان من الاسباب كذلك منافسة المنشآت الكبيرة للمنشآت او المحلات الصغيرة حيث تمتلك الاولى قدرات متفوقة ومرنة تجعلها تتحكم في الاسعار والانتاج وكذلك منافسة المنتجات المستوردة بسبب حرية الاستيراد وسياسة الاغراق التي تتبعها الشركات الاجنبية وعدم توفير الحماية الكافية للمنتجات الوطنية.
ويقترح عدلان لحل هذه المشكلة تكاتف الجهود بين المسؤولين والمستثمرين لعمل دراسات متأنية ودقيقة عن جدوى المشاريع الاقتصادية ودراسة استيعاب السوق للمشاريع الصغيرة قبل قيامها مع وضع خطط مستقبلية لضمان نجاح تلك المشاريع وكذلك مراجعة الحسابات بين الفينة والاخرى للتأكد من فاعلية الخطط والاستراتيجيات التي بني على اساسها المشروع.
الاستثمار بالمحاكاة وتقليد الآخرين
ومما يسهم كثيراً في فشل بعض المشاريع في وقت مبكر اقدام البعض على الاستثمار بطريقة التقليد والمحاكاة للآخرين دون وجود الاستعداد الكافي لدى المستثمر للخوض في مجال التجارة او الصناعة والذي يتطلب الكثير من الجهد والمال والتفرغ الكامل لممارستها وضرورة تواجد المستثمر نفسه على رأس العاملين ومراقبة سير العمل بشكل آني, كما يقول حمد الصالح في رايه حول الاسباب مشيراً الى ان ظاهرة التقليد ومحاكاة الآخرين في سلوكياتهم وتصرفاتهم ظاهرة مرضية لدى البعض وترتفع الى حد المشكلة في حالة التقليد والمحاكاة في امور وتصرفات يترتب عليها ظهور مخاطر وسلبيات كثيرة بسبب فارق الامكانات والقدرات بين المقلد والمقلد أو نلاحظ هذه الظاهرة بوضوح في محلات التموينات والمطاعم ومحلات الخياطة والديكور والاثاث وتجارة مواد البناء والمفروشات والملابس الجاهزة وورش اصلاح الاجهزة.
ويرى الصالح ان من اسباب نجاح المحلات التجارية والصناعية الصغيرة اختيار العمالة المدربة القادرة على ادارة العمل بأسلوب حضاري حديث والقادرة على كسب ثقة ورضى المستهلكين.
اضافة الى حسن النوايا والحرص على الكسب الحلال وعدم الغش او التدليس ومراقبة الله عز وجل في معاملات البيع والشراء واداء حقوق الفقراء والمساكين المفروضة على الاغنياء من زكاة وصدقة والله تعالى هو الموفق.
|
|
|