Sunday 9th April,2000 G No.10055الطبعة الاولى الأحد 4 ,محرم 1421 العدد 10055



الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير في حديث لـ(الجزيرة)
إجراءاتنا الجديدة لحماية حقوق الإنسان نابعة من الشريعة الإسلامية,, ونص عليها نظامنا الإسلامي

* جنيف هاتفيا جاسر الجاسر:
غياب أكثر الدول الإسلامية والعربية عن صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اثر جهود فردية قبل اكثر من خمسين عاما بسبب وقوعها تحت الاستعمار الاجنبي ولم تكن على علم واطلاع بأبعاد صياغة الصكوك الدولية لحقوق الإنسان التي كفلها الإسلام للإنسان الذي حفظ له كيانه وكرامته وحقوقه كاملة غابت عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان,, واصبحت الدول الإسلامية هدفا للمنظمات الدولية لحقوق الإنسان للنيل منها وتوجيه التهم لها بانتهاك حقوق الإنسان,.
هذا القصور في الدول الإسلامية الذي ساد في ذلك الوقت لا يعطي الحق ابدا لأي جهة للنيل من معتقداتنا الإسلامية وتشويه مبادئ وقيم ديننا الإسلامي الحنيف الذي يعتبر الدين الوحيد في هذا العالم الذي كرم الإنسان واعطاه حقوقه كاملة عبر السنين الماضية على ظهور الإسلام والسنين القادمة الى ان يرث الله الارض من عليها.
ان محاولات المنظمات العالمية لحقوق الإنسان التي تفتقر للموضوعية ضد المملكة العربية السعودية ليس الهدف منها المملكة بحد ذاتها وانما هو النيل من الاسلام وتشريعاته التي نزلت من عند الله خالق هذا الكون والمتصرف فيه ولم تكن من صنع البشر كالقوانين الوضعية التي تعدَّل بين ليلة وضحاها وفق اهواء الدول التي تسمي نفسها بالديمقراطية,, ولهذا فإن مساحة الاستغراب كبيرة لمثل هذه الحملات في هذا الوقت بالذات الذي شهد العديد من الندوات واللقاءات الدولية لشرح وتوضيح حقوق الإنسان في الإسلام التي نفذتها رابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي وكان آخرها ملتقى روما قبل بضعة اسابيع اضافة الى الحوارات بين الثقافات المختلفة,.
صاحب السمو الامير الدكتور تركي بن محمد بن سعود الكبير وكيل وزارة الخارجية المساعد للشؤون السياسية ومدير الإدارة العامة للمنظمات الدولية كان صريحا وواضحا في تناوله لهذا الموضوع في حديثه الخاص لصحيفة الجزيرة الذي اجري هاتفيا معه حيث يتواجد سموه في جنيف لرئاسة وفد المملكة للدورة السادسة والخمسين للجنة حقوق الإنسان الدولية.
وكان سؤالنا الاول.
* جاءت كلمة المملكة العربية السعودية أمام اللجنة الدولية لحقوق الإنسان في دورتها السادسة والخمسين لتدحض المزاعم التي ترددت في الايام الاخيرة عن انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في المملكة,, كيف كان استقبال اعضاء الوفود لما تضمنته الكلمة من مضامين واجراءات في مجال حقوق الإنسان؟
تضمنت كلمة المملكة أمام لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة توضيحا لموقف المملكة من هذه الادعاءات والمزاعم المغرضة حيث اوضحت مفهوم حقوق الإنسان كما تراه المملكة والمبني على احكام الشريعة الإسلامية والمبادئ الاساسية التي تؤمن بها,, اذ ان الدين الإسلامي يشتمل على نظام شامل لحياة الإنسان تتجلى فيه الحقوق مفصلة، الجزء الآخر من الكلمة، فقد تناول الاجراءات التي قامت وتقوم بها المملكة للحفاظ على حقوق الإنسان داخليا ودوليا,, ولقد لقيت الكلمة تفهم الوفود وترحيبها بالخطوات الايجابية التي اتخذتها المملكة في هذا المضمار وخصوصا ما جاء حول تعاون المملكة مع مختلف آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة وما قدمته من ايضاحات كانت غير واضحة للكثير منهم حول خصوصيات المجتمعات الإسلامية وضرورة الاخذ بعين الاعتبار تلك الخصوصيات ولمختلف الحضارات والثقافات الاخرى والتي تعد رافدا هاما لتعزيز مفاهيم حقوق الإنسان والحفاظ عليها.
* بدأت منظمة المؤتمر الإسلامي وبمشاركة فعالة من المملكة بوصفها عضوا في صياغة صكوك اسلامية لحقوق الإنسان ترفد الجهود الدولية في هذا المجال,, هل لنا ان ننقل بعضا من هذه الصكوك؟
الموضوع ليس بالجديد، حيث سبق ان اصدرت منظمة المؤتمر الإسلامي اعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام عام 1410ه الموافق 1990م الذي تناول حقوق الإنسان بشكل عام، وجاء تأكيدا للدور الحضاري والتاريخي للأمة الإسلامية وايمانا منها بأن الحقوق الأساسية والحريات العامة في الإسلام محفوظة ومكفولة بموجب ما شملته الشريعة الإسلامية من نصوص واحاديث، ومن هذا المنطلق فقد قررت الدول الاعضاء في المنظمة تفصيل هذا الإعلان على شكل عهود إسلامية لحقوق الإنسان تتناول حقوق الطفل وحقوق المرأة والحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والثقافية، وحقوق افرد اثناء النزاعات المسلحة وغير ذلك من الحقوق يجري العمل في الوقت الحالي على إعدادها من مختصين بالشريعة الإسلامية والقانون الدولي من مختلف الدول الإسلامية، ولاشك ان هذا الاجراء يعتبر خطوة ايجابية سوف تساعد الكثيرين ممن لا يعرفون حقيقة الإسلام ومساهماته المختلفة في الحفاظ على حقوق الإنسان، كما يعد مساهمة فعالة في اثراء عالمية حقوق الإنسان.
* ساهمت المملكة في دعم الجهود المبذولة لقضايا حقوق الإنسان,, ما هي تلك المساهمات؟
تشارك المملكة المجتمع الدولي في رفض انتهاكات حقوق الإنسان اينما كانت من خلال اتصالاتها الثنائية والمنظمات الاقليمية والدولية وتدعم الجهود الدولية في منع انتهاكات حقوق الإنسان في جميع انحاء العالم,, مثل فلسطين او في منطقة البلقان والشيشان وغيرها,, ولم يقتصر دعم المملكة لقضايا حقوق الإنسان على النواحي السياسية والمعنوية والمشاركة بالتأييد بل شمل الدعم المادي حيث قامت المملكة بالمساهمة في عدد من صناديق حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة مثل صندوق ضحايا التعذيب، صندوق أنواع الرقيق المعاصر، صندوق منع التمييز العنصري بالاضافة الى صندوق حقوق الطفل.
وفي سياق اهتمام المملكة بحقوق الإنسان فقد رشحت نفسها لعضوية لجنة حقوق الإنسان التي تعتبر من اهم وسائل التعاون الدولي من اجل تطوير وحماية حقوق الإنسان والحريات الاساسية، وهذا يظهر جليا ايمان المملكة بأهمية التنسيق والتعاون بين الدول الاعضاء لما فيه مصلحة وحماية حقوق الإنسان.
* مع كل ما نعلم واكدته الاجابة السابقة عن جهود المملكة في دعم حقوق الإنسان,, تتعرض المملكة بين الحين والآخر الى حملات ظالمة من بعض الهيئات والافراد,, ما تفسير سموكم لهذه الحملات؟,, وكيف يتم التصدي لها؟
ليست المملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتعرض للانتقادات من المنظمات غير الحكومية فكثير من دول العالم تتعرض لمثل هذه الحملات، وتقوم بالرد عليها، ولكن بخصوص هذه الحملة التي تفتقر الى الموضوعية والمصداقية التي تشنها منظمة العفو الدولية ضد المملكة، فهي تختلف عن غيرها لأنها موجهة ضد تطبيق المملكة لاحكام الشريعة الإسلامية والحدود الشرعية,, وهذا ما حدا بالمملكة، على غير عادتها في الرد على هذه الادعاءات، تفنيد تلك المزاعم والرد عليها لأنها تعرضت الى الشريعة الإسلامية التي تعتبرها المملكة منهجا واسلوب حياة وانه لابد من التصدي والوقوف بحزم أمام أي محاولة للنيل او الاساءة الى معتقداتنا وديننا الإسلامي الحنيف، كما اننا في نفس الوقت نرحب بالنقد الموضوعي والبناء والذي يهدف الى توضيح الحقائق ومعالجة الامور برؤيا ايجابية حيادية.
* تضمنت الكلمة قرب القيام بإجراءات لانشاء هيئة وطنية غير حكومية مستقلة تساعد على التعريف بحقوق الإنسان وحمايته والتأكيد على الالتزام بتطبيق الانظمة المتعلقة بذلك والمطالبة بمعاقبة المخالفين:
- إنشاء هيئة وطنية حكومية ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء يرأسها مسؤول على مستوى عال ويناط بها كل ما يتعلق بحقوق الإنسان من قضايا.
- إنشاء اقسام تعنى بحقوق الإنسان في الجهات الحكومية ذات العلاقة بما فيها وزارة العدل ووزارة الداخلية ووزارة الخارجية ووزارة العمل للتأكيد على اهمية وضرورة تطبيق الانظمة والقواعد المتعلقة بحقوق الإنسان.
- اعتماد النظام الجديد للمحاماة والاستشارات القانونية,.
هل يمكن ان يسلط سموكم مزيدا من الأضواء على هذه الاجراءات؟
تأتي تلك الاجراءات في نطاق اهتمام المملكة بحقوق الانسان وتمشيا مع التوجيهات السديدة لمولاي خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وسمو ولي عهده الأمين والمتابعة المباشرة من صاحب السمو الملكي وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي وزير الخارجية واصحاب المعالي الوزراء المعنيين تمشيا مع ما نصت عليه مواد النظام الاساسي للحكم ومن ضمنها المادة 26 تحمي الدولة حقوق الإنسان,, وفق الشريعة الإسلامية بالاضافة الى ما نصت عليه الانظمة الاخرى في هذا المجال والتي ترجمت بالعديد من الاجراءات ومن بينها اعتماد وانشاء هذه الآلية التي تهدف في مجملها للحفاظ على حقوق الفرد والحفاظ على كرامته والمبادئ التي نؤمن بها والتوعية بالحفاظ على تلك الحقوق والواجبات، ومن خلال تعاونها مع آليات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة.
ولأهمية هذه الاجراءات ولضمان فاعليتها فإنه قد تم تشكيل العديد من اللجان لوضع التصور النهائي لها وسيتم الإعلان عنها في حينه.
* المطلع على المزاعم التي تحدثت عن انتهاكات حقوق الإنسان في المملكة يلاحظ تعرضها للاحكام والتقاضي والقضاء في الإسلام,, فهل تحركت دول إسلامية الى جانب المملكة، لشرح وتوضيح موقف الشريعة الإسلامية في صون حقوق الإنسان؟
كما سبق ان ذكرت فإن الحملة ليست موجهة للمملكة وانما لكونها تطبق احكام الشريعة الإسلامية,, وبخصوص موقف الدول الإسلامية بهذا الشأن، فإن المملكة كعادتها دائما تنسق مع شقيقاتها الدول العربية والإسلامية في جميع الامور,, وقد سبق ان اصدر وزراء خارجية الدول الإسلامية قرارا في الدورة 26 التي عقدت في بوركينا فاسو خلال شهر يوليو 1999 يدعو الى التنسيق بين الدول الاعضاء في مجال حقوق الإنسان، وهناك قرار صادر عن لجنة حقوق الإنسان العام الماضي قدم من المجموعة الإسلامية يدين تشويه صورة الاديان.
كما اشار بيان صدر من مجموعة دول منظمة المؤتمر الإسلامي التي اجتمعت في جنيف مؤخرا الى اعتبار ان الشريعة الإسلامية احد المصادر الهامة والرئيسية للتشريعات الداخلية وان احكام الشريعة الإسلامية تدعو الى المساواة والعدالة بين الجميع.
* يلاحظ ان هناك سوء فهم بحسن نية او بنية سيئة عن حقيقة حقوق الإنسان وعدم تفهم خصوصيات المجتمعات الإسلامية,, من هو المسؤول عن هذا التقصير,, وكيف تتم معالجة مثل هذا القصور؟
انه لمن المؤسف ان هناك صعوبة لدى بعض الجهات في ادراك حقيقة حقوق الإنسان في الإسلام او تفهم خصوصيات المجتمعات الإسلامية,, وربما يتحمل المسلمون تبعة هذا الامر بتقصيرهم في عرض وشرح حقوق الإنسان في الإسلام ناهيك عن ان اغلب الدول الإسلامية والعربية عند البدء بإعداد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان اثر جهود فردية قبل اكثر من خمسين عاما كانت تحت الاستعمار او لم تكن على علم واطلاع بأبعاد صياغة الصكوك الدولية لحقوق الإنسان ولم تدل بدلوها في هذا الموضوع الحيوي والهام، كما ان الإعلام الغربي قد ساهم في ترسيخ الفكرة الخاطئة والتي تتركز على انتهاك حقوق الإنسان في المجتمعات الإسلامية بما يملكه من آلة إعلامية مؤثرة متشعبة ضخمة، هذا بالاضافة الى انه لم تتضح مقاصد واهداف ومعالم ومفهوم حقوق الإنسان إلا مؤخرا.
من جهة اخرى فقد يكون التقصير في ايصال مفهوم حقوق الإنسان في الإسلام في بعض الحالات مرده انعدام او ضعف الحوار بين الثقافات المختلفة، غير ان هذا لا يعطي الحق لأي جهة في تشويه اي مبادئ وقيم تسعى الى الرقي بالإنسان والحفاظ على كرامته وحقوقه، وفي الوقت نفسه نرحب بالحوار البناء بين الحضارات والثقافات المختلفة بهدف الوصول الى حماية للإنسان وحقوقه الأساسية، وتجدر الاشارة هنا الى ان هناك جهودا جيدة تقوم بها بعض الهيئات والمنظمات الإسلامية، مثل رابطة العالم الإسلامي، التي نظمت بفعالية ندوة عن حقوق الإنسان في الإسلام في روما خلال شهر فبراير 2000م، كما ان منظمة المؤتمر الإسلامي تنوي عقد ندوة عن حقوق الإنسان في الإسلام، في جنيف خلال شهر مارس من عام 2001م تتزامن مع الدورة السنوية للجنة حقوق الإنسان,,
تهدف هذه الجهود الى تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الإسلام والتعريف بما تضمنته الشريعة الإسلامية من تميز في الحفاظ على حقوق الإنسان ورعايته بأسلوب موضوعي بعيد عن التعصب، هذا بالاضافة الى ضرورة التعامل بجدية وتعاون مع آليات حقوق الإنسان والسعي نحو استغلال جميع الفرص والمناسبات الهامة لتوضيح ما يشمله الإسلام من مبادئ سامية وقيم اخلاقية عالية ترعى وتهتم بحقوق الانسان واستعمال التقنية المتقدمة لشرح ذلك، وتوحيد الجهود المختلفة والتنسيق والتشاور فيما بين المهتمين بالأمر حتى يمكن الحصول على أكبر عائد ايجابي ممكن.
* سبق ان وجهت المملكة للجنة الدولية لحقوق الإنسان دعوة لزيارة المملكة وارسال مندوب للاطلاع على الاجراءات التي تطبقها المملكة لصيانة حقوق الإنسان,, ماذا تم بهذه الدعوة؟,, وكيف كانت الاستجابة؟
في واقع الأمر فإن الدعوة جاءت استجابة من المملكة لرغبة المقرر الخاص باستقلال القضاة والمحامين السيد بارام كومارسوامي زيارة المملكة التي تعتبر زيارة عادية يقوم بها لكثير من الدول الاعضاء في الامم المتحدة للاجتماع مع المسؤولين فيها وتبادل وجهات النظر.
وقد جاء ترحيب المملكة العربية السعودية بزيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة قبل عدة اشهر من قيام منظمة العفو الدولية بحملتها، ويأتي هذا التجاوب من منطلق حرص ودعم المملكة لكل الجهود الرامية الى الحفاظ على حقوق الإنسان ورعايتها ولتوضيح ما قامت به من اجراءات وخطوات تصب في تعزيز هذا المفهوم.


رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

تربية وتعليم

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved