Monday 10th April,2000 G No.10056الطبعة الاولى الأثنين 5 ,محرم 1421 العدد 10056



في دراسة تخطيطية عن نمط تطورها
النمو العمراني السريع لمدينة الرياض فاق كل توقع

* الرياض - الجزيرة واس:
أكدت دراسة تخطيطية سرعة تطور النمط العمراني لمدينة الرياض خلال الفترة من 1370ه وحتى عام 1405ه وأشارت الى أن المساحة المبنية للمدينة بقيت كما كانت عليه في بداية القرن التاسع عشر الميلادي حتى عام 1370ه 1950م.
وأوضحت الدراسة أنه رغم أن مؤسسة دوكسيادس العالمية أعدت مخططا شاملا للمدينة عام 1352ه وتوقعت توسعها لتبلغ مساحتها 403 كيلو مترات مربعة في نهاية القرن العشرين الا أن النمو السريع للمدينة فاق كل توقع حيث وصلت مساحتها 1400 كيلومتر مربع عام 1405ه 1985م.
وتطرق الباحث الدكتور محمد عبدالرحمن الحصين الاستاذ المشارك بكلية العمارة والتخطيط بجامعة الملك سعود في دراسته/ تطور النمط العمراني بمدينة الرياض في الفترة من 1370 - 1405ه الذي نشرته مجلة رسالة التعمير في عددها الاول الى وصف مختلف الانماط العمرانية والتقليدية للمدينة خاصة مخططها الشامل ونمط المشروعات الجديدةمع القاء الضوء على العوامل التي كونت نمط المدينة العمراني وأثرت فيه.
وتصنف هذه الدراسة نمط المدينة بناء على أسس معينة هي استخدام الاراضي وتقسيمها والحركة ونوعيات المباني وارتفاعها وما يتعلق بها من موضوعات أخرى مؤكدة أن الرياض مع أنها مدينة حديثة ما فتئت تحتفظ ببعض سمات الماضي حيث يشاهد الزائر النمط المعماري النجدي قائما الى جانب المباني الحديثة السامقة الارتفاع وظل نمط المدينة كما هو عليه مع تغيير طفيف حتى ظهرت الحركة العمرانية الجادة في سنوات السبعينيات الهجرية.
ورأت الدراسة أن من مظاهر التغيير الاولى فتح الشوارع ضمن المناطق السكنية التقليدية لتسهيل حركة المرور وتمركز النشاطات التجارية على جنباتها وأقيمت عليها مبان متعددة الطوابق لتضمن النشاطات التجارية المختلفة وبينت أنه صاحب هذه التطورات تمزق في البنية العمرانية للمناطق التقليدية تبعه اخلاء لها بسبب وضعها المتهالك وتوفر الخدمات في الاحياء الجديدة وشجع تدهور حالة المباني التقليدية وارتفاع أسعار الاراضي في المنطقة المركزية على بناء المساكن في المناطق الخارجية المحيطة بالمدينة منذ أن احتل النشاط التجاري مركزها.
وفي المناطق الجديدة حل النمط الشبكى محل النمط التقليدي لسهولة استخدامه في تقسيم الاراضي وفي تطبيق المخططات وسهل على الجهات المعنية عممليات المسح وتسجيل صكوك الملكيات ووفر النمط الجديد قطعا من الاراضي أكبر مساحة مما كان سائدا في السابق.
وأظهرت الدراسة أنه يمكن تصنيف النمط العمراني لمدينة الرياض خلال السنين الخمس والثلاثين المنصرمة الى الفئات التالية مراعية التغيرات الرئيسة في النمط العمراني كمعايير للتصنيف وهي النمط التقليدي والنمط الانتقالي ونمط التخطيط المختلط والنمط الجديد ويتفرع الى نمط شبكي متجانس ونمط استخدام الاراضي المختلط ونمط مخطط مدينة الرياض الشامل.
ويتمثل النمط التقليدي لمدينة الرياض في المناطق المركزية القديمة ويعد فريدا في تكوينه مما جعله يوفر بيئة صالحة وآمنة للسكان لقرون مضت وتبدو المدينة بنمطها القديم على شكل كتلة مستمرة من المباني ومحاطة بسور يبلغ ارتفاعه حوالي 6,7 الى 9 أمتار ويضم السور تسع بوابات تقوم أما الى خارج المدينة أو الى الحقول الزراعية المجاورة.
وأشارت الدراسة الى ان نمط المدينة التقليدي بشكل اشعاعي من مركزها موصلة الى البوابات في الاتجاهات المختلفة وشوارع أصغر سعة تتفرع من الشوارع الرئيسية لتوصل الى الاحياء السكنية وتبلغ عروض الشوارع الرئيسية في هذا النمط مابين عشرة أمتار الى اثنى عشر مترا بينما تقل عروض الشوارع الفرعية الى ثلاثة أو خمسة أمتار.
وقال الباحث ان من مزايا تركيب المدينة العمراني تمركز معظم المنشات التجارية والادارية والدينية بشكل مكثف في المركز حيث يمكن وصول القادمين اليها من خارجها أو من الاحياء السكنية المختلفة داخلها بسهولة.
ويضم مركزالمدينة الجامع الكبير وقصر الحكم والسوق وثلاث ساحات كل منها يختص بوظيفة معينة فأولاها الميدان الرئيسيالصفاة المخصص للاحتفالات العامة ويقع أمام القصر وتتقابل عنده عدة شوارع رئيسية والساحة الثانية تضم السوق الرئيسي ويتكون من شوارع وفسحات تتصل ببعضها البعض وتصطف على جنباتها متاجر صغيرة تحوي بضائع مختلفة أما الساحة الثالثة فهي ميدان المقيبرة الذي يضم أسواق الفاكهة والخضار واللحوم.
وأوضح الحصين أن النمو الانتقالي برز في الفترات المبكرة من نمو المدينة في السبعينيات والثمانينيات الهجرية حيث ظهرت عدة أحياء سكنية أحاطت بالمدينة من مختلف الجهات مثل منفوحة والشميسي وحلة القصمان وقامت البلدية بتقسيم وتخطيط هذه الاحياء لاسكان القادمين الجدد من القرى والمدن المجاورة أو من أقاليم المملكة الاخرى.
وتمثل منفوحة النمط الانتقالي حيث تتصف بعدد من الشوارع الرئيسية تصل عروضها الى عشرين مترا تتعامد معها شوارع فرعية مشكلة قطعا مستطيلة من الاراضيبلوكات تصل أبعادها الى 20 في 100 أو 20 في 200 متر.
ويختلف هذا النمط تماما عن النمط القديم ويشكل بداية التطبيق العملي للنظام الشبكي من قبل ادارة المدينة ويعد الطين المادة الاساسية المستخدمة في مباني هذه الاحياء مع بعض التحوير في التصميم وطرق الانشاء اذا ما قورنت بالمساكن التقليدية.
وأفادت الدراسة أن بالامكان مشاهدة خليط من الانماط التقليدية والانتقالية والحديثة في بعض المناطق الواقعة في أطراف المنطقة القديمة حيث تكون هذا النمط المختلف نتيجة للنمو السريع بغياب التخطيط العمراني بالاضافة الى تخطيط تقسيمات الاراضي والكثافات السكانية المتباينة وتفصل الشوارع الرئيسية في بعض المواقع بين نمط واخر,,, بينما تلتحم الانماط في مواقع أخرى.
وظهر النمط الجديد في فترة مبكرة من الثمانينيات الهجرية في أحياء جديدة مثل الخزان والبديعة والمربع والملز حيث طورت السلطات المحلية هذه الاحياء في وقت كان التخطيط العمراني مقتصرا على تقسيم الاراضي وبعض الانظمة المحدودة وظهرت فيما بعد أحياء جديدة اخرى في الجهة الشمالية من المدينة مثل السليمانية والعليا في فترة السبعينيات متماشية مع مخطط دوكسيادس.
ويغطي النمط الجديد رقعة واسعة من مساحة المدينة ويتصل بالنظام الشبكي المتقاطع للشوارع وحيث أنه قد طبق في فترة متفاوتة من الزمن وعلى نطاق واسع بطرق وسياسات تخطيطية مختلفة فقد ظهرت بعض الفروق على النمط ككل.
ويتضح أن المناطق التي بنيت قبل عام 1390ه 1970م استخدم في تطويرها أنظمة تخطيطية أقل جدية مما نتج عنه بعض التداخلات والخلط بين استخدامات الاراضي التي يعكسها عدم الانتظام في النمط وبتطبيق المخطط الشامل بدأ النمط العمراني ينتظم ويتجانس على شكل خطوط مستقيمة الا أن نمو بعض المناطق خرج عن نطاق المخطط الشامل.
كما ظهرت مناطق جديدة ذات استخدام معين تخضع لانظمة تخطيطية تميزت بأنماط متفردة ومتميزة عن المناطق الاخرى كحى السفارات والعديد من المجمعات السكنية.
وقسم الباحث النمط الجديد الى أنماط هي,, النمط الشبكي/ ويختلف هذا النمط تماما عن النمط التقليدي بتخطيط شوارعه المتجانسة وارتفاع مبانية المحدود والذي يصل الى دورين عدا الشوارع الرئيسية التي يسمح فيها باسخدامات تجارية وسكنية معا ويتصف هذا النمط بشوارع متعامدة ذات عروض متعددة تبدأ من خمسة عشر مترا وتصل الى ستين مترا مع تغير في مساحات الاراضي من حي لاخر حيث تبدأ أبعادها من 20 في 20 مترا حتى تصل الى 100 في 100 متر في مناطق ذوى الدخل العالي.
ونمط استخدام الاراضي المختلط وتتركز استخدامات الاراضي الادارية والتجارية والسكنية المختلطة على طول الشوارع الرئيسية التي تضم على جنباتها المباني العالية حيث تحتل المتاجر الدور الارضي والمكاتب الادوار العليا وبطبيعة موقعها تحجب هذه المباني خلفها مساحات كبيرة من المنازل ويظهر هذا النمط بوضوح على طول شارع المطار الذي يضم عددا كبيرا من المباني الحكومية تقبع خلفها أحياء سكنية كانت تؤوى موظفي الدولة العاملين بها.
النمط الشامل أظهرت الدراسة أن مؤسسة دوكسيادس قد أعلنت عام 1391 ه 1971م مخطط مدينة الرياض الشامل الذي أقره مجلس الوزراء عام 1392ه 1972م اقترح المخطط أن تمتد المدينة طوليا باتجاه الشمال الغربي والجنوب الشرقي على امتداد محور مركزي يضم المنشآت التجارية والمدينة ويتصف نظام الحركة المقترح بالتدرج الهرمي للخطوط الحرة والسريعة والشوارع الرئيسية التي تقسم المدينة الى ستة أجزاء أساسية يضم كل جزء منها ثمانية الى اثنى عشر حيا أبعادها 2 في 2 كم وينقسم كل حي منها الى أربعة أجزاء عمرانية ويضم مركزا رئيسا موحدا.
وأشارت الدراسة الى أنه قد تعثر تطبيق المخطط الشامل في فترة الثمانينات والتسعينات الهجرية بسبب النمو السريع للمدينة وعدم توفر الطرق الفاعلة لتنفيذه وبناء على ذلك كلفت السلطات المحلية مؤسسة ست الدولية 1398ه 1978م بتحديث المخطط القديم وتقديم الوثائق الضرورية لتطبيقه ليتمشى مع النمو السريع للمدينة.
ويمثل نمط المشروعات الجديدة جميع المشروعات والجمعيات السكنية التي طورها القطاعان العام والخاص ويتصف كل مشروع من هذه الفئة بطابعه الخاص والنمط التخطيطي المميز الذي طور بناء على احتياجات الجهة المطورة.
ويعد حي السفارات نموذجا حيا لهذا النمط حيث يتصف بأنه منطقة عمرانية حديثة ذات استخدام خاص وخطط ونفذ هذا الحي بموجب أنظمة تخطيطية خاصة ومختلفة عن ما هو متبع في الاجزاء الاخرى من المدينة مع تشييد تمديدات المرافق العامة في مرحلة مبكرة من عملية التطوير وبالاضافة الى الحي الدبلوماسي أنشئت العديد من المجمعات السكنية لاسكان موظفي الحكومة في مناطق مختلفة من المدينة ويتميز طابعها عن النمط الشبكي المعتاد بنظام المباني المصفوفة أو المجمعة حول الساحات أو ممرات المشاة.
وشرحت الدراسة الفروق بين الانماط المختلفة عند مقارنتها ببعضها مع اعتبار العوامل التي تؤثر على الطابع العمراني مثل النسق واستخدامات الاراضي والكثافة السكنية وارتفاع المباني وعروض الشوارع وأبعاد البلوكات وترتيب القطع داخل البلوكات والانظمة التخطيطية.
وأكدت أن تغيير نمط المدينة المستمر يحدث نتيجة للتغير في الاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية حيث مرت مدينة الرياض بالعديد من التطورات التي أسهمت في تغيير طابعها العمراني وتولى عمليات التخطيط العمراني مهندسون ومساحون أجانب ليس لديهم دراية كافية بالتخطيط العمراني ونتيجة لذلك فتح العديد من الشوارع لتيسير الوصول الى المناطق السكنية القديمة وأدى تبنى النمط التخطيط الشبكي ذي الكثافات السكانية المنخفضة والشوارع الواسعة الى ارتفاع تمديدات المرافق العامة ومن الامور التي أهملت خلال تلك المراحل المكررة من التخطيط النواحي الاجتماعية والبيئية التي لها الاثر الكبير على التخطيط العمراني.
والمح البحث الى أن نمو المدينة السريع الذي نتج عن الهجرة الداخلية وتدفق العمالة الاجنبية قد سبب العديد من المشكلات المحلية كزيادة الطلب على الاسكان والخدمات العامة وازدحام حركة المرور وغيرها ولم يكن أمام المسؤولين في ذلك الوقت سوى اتخاذ قرارات حاسمة لعلاج تلك المشكلات الطارئة التي أحدثت تغييرات جذرية على الطابع العمراني للمدينة.
وصادف تجار العقار خلال فترة الطفرة فرصا مؤاتية وأرباحا طائلة من جراء المضاربة في الاراضي مما سبب ارتفاعا باهظا لاسعارها ودفع نمو الاحياء السكنية خارج نطاق المدينة تجاه أراض أقل تكلفة ونتج عن ذلك بقاء مساحات كبيرة من الاراضي غير المستغلة داخل نطاق المدينة بانتظار ارتفاع أسعارها.
وأدى غياب أنظمة تحديد مناطق الاستخدام الى عدم تجانس المحيط العمراني وأوجد بيئة حضرية لا تفي باحتياجات المجتمع وطموحاته ونتج عن تطبيق الانظمة الحالية التي تقتصر على ارتفاعات المباني وارتداداتها وعروض الشوارع ومناطق الاستخدام التجاري العديد من المشكلات الاجتماعية وارتفاع باهظ في تكاليف تمديدات المرافق والصيانة والنظافة لمختلف مناطق المدينة.
واستخلص البحث عددا من الآراء والنتائج والاقتراحات حيث أشار الى الاوليات التي يجب دراستها وهي أنظمة التخطيط العامة وسياساتها على جميع المستويات الوطنية والاقليمية والمحلية للتحكم بفعالية في تحديد النطاق العمراني للمدن ولحل المشكلات التي قد تؤثر على المستوى الجديد للبيئة العمرانية ولتحقيق ذلك لابد من دراسة المستوطنات وتحليل وظائفها وأنماطها على المستوى الاقليمي ككل آخذين في الاعتبار دور العناصر الحضرية والريفية المهمة ليتم التوازن في توزيع الكثافة السكانية.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved