Monday 10th April,2000 G No.10056الطبعة الاولى الأثنين 5 ,محرم 1421 العدد 10056



رياح التغيير
الخصوصية حقيقة أم خيال
د,عثمان بن إبراهيم السلوم *

رحم الله أبا العتاهية يوم قال:
اذا خلوت الدهر يوما فلاتقل خلوت ولكن قل علي رقيب, فقد كان رحمه الله متفائلا بأن الله وحده هو الرقيب على الانسان اما بقية المخلوقات الاخرى فإنه يمكن بسهولة الاختفاء عنها وعن عيونها وآذانها.
فكيف سيكون لسان حاله لو كان ابو العتاهية يتصفح الانترنت من بيته او يكلم ندماءه بالجوال او كان يشتري بيتزا ببطاقة الائتمان؟ الحقيقة ان الزمن اختلف وصارت الخصوصية و الستر او ما يسمى ب Privacy act قد ولت من غير رجعة مع ابي العتاهية وغيرهم من السابقين, ومبدأ الخصوصية هو مبدأ حضاري كثيرا ما تفتخر المنظمات المتحضرة في الغرب بذكره وبتطبيقه حسب قولهم .
ولكن هل تجتمع التقنية والخصوصية او لنقولها بشكل اعم وهي هل تجتمع التقنية وسرية الحياة؟ اعتقد ان اجتماعهم يعد ضربا من الخيال, ولنأخذ بعض الامثلة القليلة عن مدى فضائح هذه التقنيات الالكترونية في كشف اسرار وعورات بني ادم, فلنبدأ بالبريد الالكتروني, فهو نعمة من الله بها علينا حيث جعل مراسلاتنا تتم بيننا وبين اصدقائنا واقربائنا بيسر وسرعة وبدون تكلفة, وهذه الرسائل في الغالب تحتوي الغث والسمين والعام والخاص والسري والسري جدا وغيره من الرسائل.
وفي الحقيقة ان البريد الالكتروني يمر عبر شبكة طويلة وتقاطعات كثيرة من الاجهزة المخصصة لهذا الغرض nodes وتمر بسرعة مذهلة أمام الكثير من البشر الذين يتحكمون في هذه الاجهزة المخصصة لنقل الرسائل, ولكن المشكلة ان قطاع الطرق او بالأصح قطاع المعلومات كثيرون, وبالاضافة الى ذلك فإنه قد يوجد آخرون هاكرز غير هؤلاء المتخصصين في حماية البريد تمر بهم قوافل البريد فيلتقطون ما يلتقطون من الرسائل ويتركون ما يتركون ولذلك يمكن ان يقال ان البريد الالكتروني ليس وسيلة امينة لقول كل شىء, اما التشفير في البريد فتسمع به خير من ان تراه والدليل هو نسبة المستخدمين الذين يشفرون رسائلهم فتكاد لا تجد احدا.
ولو انتقلنا الى الاتصالات السلكية واللاسلكية لرأينا العجاب والفضائح الصعاب وقد كثر صيادو الاصوات والمكالمات باذن او بدون اذن, ومنها ماسح الراديو السكانر فلم يترك اصحاب الجوالات ولا دوريات ولا اسعاف ولا مرور ولا تمر رسالة عبر الاثير الا كان السكانر لها بالمرصاد, وكذلك مستقبل الراديو رسيفر فلم يترك لا سلكيا سواء سي ناو او سماعات لاسلكية الا وقد استرقها.
واما مستقبل ومرسل الراديو ترانزيفر فحدث ولا حرج اذ لم تقف وقاحته عن السماع فقط بل تعدى للدخول في الحديث, والخافي اعظم في هذا المجال.
اما التصنت بإذن فهو مسموح به في اغلب الدول الغربية والمتقدمة وتكون بالانضمام الى الاندية المتخصصة في الاستماع لمكالمات الشرطة والمرور والاسعاف والمطار وغيرها وتسمى هذه الاندية اماتشور راديو كلبز اذ يستمتعون بالانصات الى المكالمات التي تتم بين غرف العمليات هذه وبين الشرطة والمرور والاسعاف في الميدان وفي الطريق ويستمعون الى مكالمات قائد الطائرة وبرج المراقبة, والغريب ان هذا النوع من التجسس يفيد في بعض الاحيان, واذكر قصة طريفة في هذا الموضوع وهي ان سيارة سرقت في احدى الولايات في امريكا وكان احد الاشخاص من هواة الاستماع لهذه الاجهزة يستمع بواسطة السكانر الى بلاغ غرفة العمليات الى الشرطة عن سرقة هذه السيارة وذكر رقمها وصفاتها واذا بهذا الشخص يراها امام عينيه تمشي في احدى الشوارع, فما كان عليه الا ان اخذ جواله واتصل على غرفة العمليات وقال ان السيارة التي اعلنتم عنها قبل قليل هي في الشارع الفلاني متجهة الى الشارع الفلاني, فتم القبض على السارق, وفي الحقيقة ان حياتنا تقريبا بفضل التقنية اصبحت مكشوفة تماما الى الدرجة التي يصعب معها الكذب او النفاق، والله يستر ما ستر الله.
والى اللقاء في الاسبوع القادم باذن الله لنكمل الموضوع بالتطرق الى بطاقات الائتمان وادلة الهاتف المتوفرة على الانترنت.
* جامعة الملك سعود
الصفحة الالكترونية:http:// i.am/ qmd

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved