Monday 10th April,2000 G No.10056الطبعة الاولى الأثنين 5 ,محرم 1421 العدد 10056



ثلث سكان العالم ضحية لهذا المرض
ثلاثة ملايين مصاب بالدرن يتوفون سنوياً
د, عادل بن فهد العثمان
استشاري الأمراض المعدية والباطنية مستشفى الملك فهد للحرس الوطني

يعتبر الدرن (السل) من أقدم الامراض المعدية حيث ان هناك ما يثبت ان قدماء المصريين (الفراعنة) كانوا يعانون من بعض أنواع الدرن (درن العمود الفقري على سبيل المثال) واستطاع الانسان ان يدرك انه مرض ينتقل عن طريق اقتراب شخص مصاب من شخص سليم والمعروف تاريخيا انه كان هناك مصحتان خاصة لمرضى السل حيث يوضعون في اماكن يكون فيها الهواء الطلق مع إمكانية بقائهم معزولين وممنوعين من الاختلاط بالاصحاء حتى يشفوا تماما، واستمرت هذه الطريقة البدائية في العلاج حتى تم اكتشاف علاجات مقاومة لمرض الدرن في منتصف القرن العشرين، وتوالت بعد هذا الاكتشافات فيما يتعلق بمعرفة الجرثومة بشكل دقيق واستحداث طرق جديدة لتشخيص المرض بالاضافة الى اكتشاف علاجات اخرى مؤثرة ومفيدة في علاج مرض الدرن, ولكن على الرغم من هذا استمرت جرثومة الدرن في التسبب في حدوث حالات جديدة من المرض خاصة في المجتمعات الفقيرة حيث يتوفر عامل الازدحام وسوء التغذية وقلة الوعي الصحي وعدم توفر العلاجات اللازمة للتخلص من هذه الجرثومة.
وحسب تقارير منظمة الصحة العالمية فإنه يوجد حوالي (ثلث سكان العالم) 1,7 مليار شخص تقريبا مصابين بمرض الدرن وأن الدرن يتسبب في وفاة حوالي 3 ملايين نسمة سنويا.
ومع تراكم المعلومات والخبرات فيما يتعلق بمرض الدرن عبر السنين فقد تكون لدينا صورة واضحة الآن عن بكتيريا الدرن: طبيعة واشكال المرض وطرق العلاج والوقاية منه.
والمعروف طبيا ان البكتيريا المسببة للدرن تستطيع ان تنتقل للإنسان عن طريق جهازه التنفسي وان في اغلب الأحوال يستطيع جسم الانسان ان يحتوي الجرثومة ويحاصرها في مكان ما من الرئة حيث تبقى الجرثومة في حالة سكون لفترات طويلة قد تصل الى عدة سنوات,, وتتم هذه العملية بدون ظهور اي اعراض مرضية على الشخص في اكثر من 90% من الحالات ومن المعروف ايضا ان حالات الدرن المرضية تحدث بسبب استعادة البكتيريا لنشاطها مرة اخرى والذي ينتج في العادة بسبب فك الحصار من قبل جهاز الانسان المناعي والذي يحدث لاسباب مختلفة منها ما هو معروف ومنها ما هو غير معروف حاليا.
أشكال الدرن
معظم حالات الدرن تكون على شكل درن رئوي (السل الرئوي) حيث تصل نسبة هذه الحالات الى اكثر من 80% من مجموع حالات الدرن,, وتكون اعراضه في الغالب هي فقدان للشهية مع نقص في الوزن، هزال، ارتفاع في درجة الحرارة خاصة ليلا، سعال قد يكون مصحوبا ببلغم وهذا البلغم قد يحتوي على دم, وفي العادة تكون الاعراض موجودة لعدة اسابيع ويتم تشخيص المرض عن طريق الفحص السريري وعمل اشعة للصدر وفحص مخبري للبلغم للكشف عن البكتيريا.
وفي أقل من 20% من مجموع الحالات يصيب المرض اجزاء مختلفة من الجسم وتشمل درن البطن، درن الجهاز العصبي المركزي، درن الغدد الليمفاوية، درن العظام والمفاصل، بالاضافة الى درن الجلد، وهناك حالات قليلة مما يسمى بالدرن الشامل وهو وضع ينتج عن وصول الجرثومة الى الدم وبالتالي تصل الى جميع اجزاء الجسم وتشترك جميع اشكال الدرن في بعض الاعراض وهي فقدان الشهية، نقص الوزن، هزال، ارتفاع درجة الحرارة مع تعرق ليلي هذا بالاضافة للاعراض الخاصة بالجزء المصاب بالجسم.
طرق علاج الدرن
يتوفر الآن لدينا مجموعة من العلاجات المفيدة في القضاء على جرثومة (الدرن) والتي تتطلب استراتيجية معينة لعلاجها, من المعروف لدينا ان علاج بكتيريا الدرن يتطلب استخدام اكثر من علاج ولفترات قد تصل الى تسعة اشهر حيث انه ثبت من خلال المعاينة السريرية انه اذا ما تم استخدام علاج واحد فقط فإن الجرثومة تستطيع ان تكون مقاومة للعلاج حيث يفقد تأثيره عليها, كما ان من الحقائق التي اكتشفت بخصوص علاج الدرن انه من الضروري استمرار العلاج لفترة تسعة أشهر قبل التأكد انه تم التخلص نهائيا من الجرثومة،
ومن الجدير بالذكر ان الانتظام في العلاج وأخذه في مواعيده من العوامل الضرورية لتحقيق الشفاء من مرض الدرن.
طرق الوقاية من مرض الدرن
من أهم طرق الوقاية والسيطرة على المرض في المجتمع هي التعرف عليه بشكل علمي وسليم وإذا ما تم هذا فإن المريض خاصة مريض الدرن الرئوي سوف يكون أكثر حذرا وجدية في تعامله مع المرض وهذا بدون شك من اهم العوامل المساعدة في السيطرة على المرض في المجتمع ككل فإن توجه الشخص المصاب للطبيب بشكل مبكر ثم تشخيص المرض والبدء في علاجه في مرحلة مبكرة فسينتج عن هذا ليس فقط تقليل حدوث مضاعفات عند المريض نفسه ولكن ايضا تقليل فرص انتشار المرض في افراد اسرته ومجتمعه حيث انه يتوجب على مريض الدرن (السل الرئوي) ان يبقى في العزل لفترة مؤقتة في مرحلة العلاج الأولية وذلك بسبب خطر انتقال الجرثومة الى الاشخاص المحيطين به في تلك الفترة، ويكون العزل في مثل هذه الحالات عن طريق لبس قناع خاص عند مخالطته للآخرين.
ومن طرق الوقاية الهامة جدا اعطاء لقاح ال بي سي جي )BCG( حيث انه ثبت ان اعطاء اللقاح للاطفال يقي بنسبة كبيرة من خطر العدوى بجرثومة الدرن، ولكن الجدير بالذكر ان اللقاح لا يؤثر في الاشخاص البالغين بنفس الدرجة التي يؤثر فيها عند الاطفال.
وفي الختام للإجابة على السؤال المطروح: هل يمكن السيطرة على مرض الدرن؟ فإننا نقول نعم يمكن السيطرة عليه وذلك عن طريق الارتقاء بمستوى الوعي الصحي عند افراد المجتمع كافة بالدرجة الأولى وعندما يتم هذا فإن افراد المجتمع سيتعاملون مع مرض الدرن بجدية من حيث طرق الوقاية والتشخيص المبكر والمواظبة على العلاج عند الاصابة بالمرض ومما لا شك فيه ان هذا سيكون له أبلغ الاثر في محاصرة مرض الدرن وتقليص تأثيره على المجتمع بشكل ايجابي.
وقانا الله وإياكم شر مرض الدرن وجميع الامراض الاخرى.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

متابعة

منوعـات

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved