الطب الشعبي بين القبول والرفض

في فترة من الفترات كانت الجمال والبغال هي وسيلة النقل التي لا يستعملها الا المترفون من الناس وكانت مكانة الرجل بقدر مالديه من الدواب ومضت الايام وجاءت الوسائل الحديثة من سيارات وما بعدها من طائرات وقطارات وصارت تلك الدواب للزينة وللذكرى ليس إلا.
وهكذا المجال الطبي كان في السابق من يعمل الكي له شأن عظيم وكذلك الختان,, والمطهِّر وكانت العلاجات عبارات عن وصفات بدائية ليس لها جرعة محددة وكانت تمارس باحتياطات عقيمة كأن تؤخذ على الريق او قبل طلوع الشمس كما ان لها مدد محددة كأربعين يوما وكان لها احتياطات خطيرة مثل عدم الاقتراب من الزوجة وهكذا وكان التشخيص مبدئيا مثل ريح لفحة البرد, ومضغ او بلع الى غير ذلك.
واليوم وفي عصر السيارات والطائرات تطور الطب الحديث بنفس المنوال, وجاءت المعالجة قائمة على أسس تجريبية وتطبيقية وعرفت الكثير من الامراض كما عرفت اسبابها, وقام التشخيص على أسس علمية واضحة لامجال فيها للاجتهاد.
وبنفس التطور تطور علم الاعشاب الى مجالات اوسع وعرفت اسرار النباتات الكيماوية وتم تصنيعها على مجال يكفي لملايين الناس وباسعار في المتناول.
كما تطورت الوسائل الجراحية الى آفاق اقرب الى الخيال فمن خلال فتحة لاتتجاوز طرف السباب تمكن الجراحون من الغوص في اعماق البطن بل وحتى القلب لعلاج واصلاح ما اصابه الخلل واستخراج ما لا فائدة منه من خلال المناظير الجراحية الدقيقة.
كذلك الطب النفسي لم يخل من تطور فلقد عرفت الكثير من الامراض النفسية وعرفت اسبابها ومهيئاتها من العوامل الخارجية وقام فن العلاج النفسي على اسس علمية واضحة.
فهل بعد هذا الفرق الشاسع نجد انه لايزال للوسائل البدائية كل هذه الرغبة وينفق عليها من الاموال كل هذه المبالغ ان في اعتقادي باهمية الطب الشعبي كأساس للطب الحديث لايستدعي ترك الشيء الواضح الميسر والالتجاء الى تلك الاشياء البدائية تماما كمن يترك السيارة وهو ذاهب الى عمله ويركب جملا او غيره من تلك الدواب.
لعل الاهمية للطب الشعبي كمجال بحث ودراسات اكاديمية وتاريخية هي التي يجب الاقتصار عليها وما ثبت جدواه يتم تطويره واختياره ثم يطبق على اساس علمي حضاري حديث، ان حرص الإنسان على صحته هي مسؤوليته وحده.
وعامل الخطر موجود في كل حين وفي كل مجال ولكن في الطب البدائي كبير جدا فلعلنا سمعنا بعض تعليمات من يرتزق في ذلك المجال عند اعطاء وصفة بقوله هذا العلاج اما ان يبرئك او ان يقتلك.