المتحف الإقليمي بالمنطقة الشرقية يجسد تاريخ المنطقة منذ العصر الحجري

* الدمام حسين بالحارث
يعد المتحف الاقليمي بالمنطقة الشرقية واحداً من أهم المتاحف المنتشرة في المملكة المناط بها مهمة حفظ الموروث من الآثار والمقتنيات التي عرفتها البلاد منذ آلاف السنين وقد أنجزت إدارة الآثار والمتاحف ممثلة في هذه المتاحف الكثير من الأعمال من مسح للمواقع الأثرية على مدى العشرين عاماً الماضية وكذلك حماية المواقع الأثرية والقصور والحصون والقلاع التاريخية المهمة وذلك بتسويرها وتعيين الحراس للمحافظة عليها وترميمها, وفي حديث لالجزيرة قال عبدالحميد محمد الحشاش مدير المتحف الاقليمي بالمنطقة الشرقية: ان المتاحف تعتبر مرآة عاكسة لحضارات الأمم والشعوب فهي تحكي بصدق ماضي الأمة وحاضرها في مختلف مجالاته التاريخية والتراثية والفنية وغيرها,واستطرد الحشاش في استهلاله للحديث قائلاً: فلنجعل من ماضينا قنديلاً يضيء الدروب المظلمة في حياتنا ولنجعل حاضرنا امتداداً للماضي ومن هنا لابد ان تكون لهذه المتاحف مكانة خاصة في قلب كل مواطن من أبناء هذا الوطن المعطاءلأنها تحكي قصة مجد الوطن.
فمتحف الدمام الاقليمي المؤقت واحد من هذه المتاحف التي تم افتتاحها تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية في 24/7/1405 ه في مبنى المكتبة العامة بالدمام.
ونحن نحمد الله أن هذا المتحف قد استطاع استقطاب الزوار والباحثين والدارسين وأبنائنا الطلاب في جميع المراحل بمعدل مدرسة إلي مدرستين يومياً.
ومتحف مدينة الدمام قد اهتم بآثار المنطقة الشرقية تلك المنطقة العريقة القدم منذ آلاف السنين حسب ما أثبتته الحفريات والمكتشفات التي أجريت في المنطقة وأثبتت أن هناك اكثر من 400 موقع أثري مهم في مناطق المملكة كالظهران وتاروت والقطيف والجبيل والاحساء والخبر والدمام وثاج ويبرين وبقيق وغيرها فبامكانك أن ترى هذه الآثار داخل قاعات المتحف الخمس موزعة ومرتبة داخل خزائن او فاترينات والقاعات الخمس قاعة ما قبل التاريخ العصر الحجري وقاعة الفترات الانتقالية وقاعة ما بين 350 قبل الميلاد حتي فترة ما قبل الاسلام وقاعة الفترة الاسلامية وقاعة التراث الشعبي.
القاعات الخمس بالمتحف
تحدث الحشاش عن قاعة ما قبل التاريخ فقال:
هذه القاعة تشتمل على ست خزائن عرض وكل خزانة تحتوي على مجموعة من الأدوات الحجرية والصوانية التي كان يستخدمها الانسان في العصر الحجري الحديث وتشمل مكاشط وشفرات ورؤوس سهام ومدقات حجرية علاوة على تزويد القاعة بمنظر طبيعي توضيحي للإنسان القديم وهو يصطاد الحيوانات التي كانت سائدة في الماضي كذلك خريطة توضح مواقع العصور الحجرية بالمنطقة الشرقية من خلال المعثورات الحجرية من مواقع يبرين على مشارف الربع الخالي والهفوف ومواقع المطيوي وعين دار.
قاعة الفترات الانتقالية
وعن قاعة الفترات الانتقالية قال الحشاش:
تمثلها فترة حضارة العبيد منذ الألف الخامس قبل الميلاد وتعرض نماذج من مواقع تلك الفترة ومنها الأدوات الحجرية ورؤوس السهام والمكاشط علاوة على وجود الكسر الفخارية المبكرة كفخار العبيد وغيرها من الأدوات التي تمثل استيطان إنسان العبيد في المنطقة الشرقية كموقع عين قناص في شمال الهفوف والدوسرية جنوب الجبيل ورأس الزور وابو خميس شمال الجبيل وتعرض مواد أثرية تتزامن مع فجر السلالات في بلاد الرافدين كالأواني المصنوعة من الحجر الصابوني وتبين دقة صنع الإنسان لها وصقلها وزخرفتها بزخارف جميلة وخصصت ثلاث خزائن لعرض مواد أثرية ترجع للفترة الدلمونية بمراحلها الثلاث من 2500 5000 قبل الميلاد ومن هذه المواد قطع نحاسية وأساور وخواتم ومكاحل وغيرها وكذلك خرز مختلف الاشكال والاحجام واختام وجرار فخارية ومباخر وسلة من سعف النخيل مطلية بالقار عثر عليها في أحد المدافن توضح دقة صناعة الخوص منذ القدم وترجع للعصر الكاشي وجميع هذه المواد من حفريات جنوب الظهران.
ومن المعروضات الهامة نموذج لمدفن على الطبيعة يمثل أقدم أنماط المدافن بمنطقة الخليج ويعتبر هذا النموذج من أكثر المعروضات جذباً لزائر المتحف ويوضح أقدم طريقة دفن للانسان بشرق الجزيرة العربية وقد وضعت معه المرفقات الجنائزية التي يعثر عليها عادة مع الميت لفترة ما قبل الاسلام وخصصت خزانتان تحتويان على مختارات أثرية من جزيرة تاروت ومدينة تاج وتمثل كسرا من الألباستر والرخام وصحون وأدوات فخارية دقيقة الصنع من الفخار الأحمر وأخرى تحتوى على نماذج من حفرية منجم الملح جنوب ابقيق عام 1975م تمثل أواني فخارية مختلفة الأشكال والاحجام المعاصرة لحضارة أم النار في ابوظبي حيث ترجع للألف الثالث قبل الميلاد.
أما قاعة الفترة ما بين 350 قبل الميلاد حتي فترة ما قبل الاسلام فتعرض المواد الأثرية المنتمية لهذه الفترة في خزانتين تحتويان على أوان فخارية مختلفة الاشكال والاحجام والألوان ومواد أثرية أخرى كالعملات والخواتم كما يوجد مجسم لمدفن عين جاوان ويمثل أحد المقابر التي تم الكشف عنها في المنطقة وعثر بداخلها على اشياء ثمينة معروضة الآن بالمتحف الوطني بالرياض.
قاعة المأثورات الإسلامية
تم عرج الحشاش على قاعة المأثورات الإسلامية فقال: تحتوي على صور توضيحية للأماكن المقدسة في المملكة وخرائط توضح التوسع الإسلامي وانتشاره منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عهد الخلفاء الراشدين كما تحتوي على خمس خزائن عرض تضم نماذج مختلفة من الفخار من دارين والجبيل ورأس الزور والعقير وتمثل كسرا واواني فخارية جيدة وجرارا كبيرة استخدمت للتخزين وكذلك أحجار رملية مثقوبة استخدمت في أعمال الصيد كنشاط اقتصادي بالمنطقة الشرقية بالاضافة إلى الكسر والقوارير الزجاجية المختلفة والمكاحل والمغازل وأدوات ربما تكون مباضع طبية ومجموعة من الأواني الفخارية من موقع العقير تحت الماء وتعود للقرن العاشر الهجري.
وتم عرض العملات والمسكوكات حسب الترتيب الزمني وتمثل العملات المحلية التي استخدمت في شرق الجزيرة وأماكن متفرقة منها في ثاج وتاروت وكذلك العملات اليونانية والبيزنطية والرومانية والساسانية ثم يليها العملات الأموية والعباسية ونماذج من العملات الإسلامية في العهد الفاطمي والمملوكي والايوبي والغزنوي، والدولة العثمانية والدولة الهاشمية إلي أن نصل إلى العهد السعودي، كما يوجد في هذه القاعة شواهد قبور ومعلم واحد كتب بالخط الكوفي القديم والبسيط ونقش حجري بالخط الكوفي في اعلى درجات تطوره في العصر العثماني مدون عليه تاريخ بناء أحد المساجد في القطيف واسم السلطان في تلك الفترة واسم الشخص الذي بناه.
اما عن قاعة التراث الشعبي فقال الحشاش:
تحوي الأبواب الخشبية وبعضها ذات نقوش كتابية آيات قرآنية والأخرى ذات ألوان زاهية، كذلك أدوات الضيافة: خصصت لها زاوية رتبت بها هذه الأدوات وهي تمثل الدلال والمنافخ والمحماس والصواني والمبخرة والمرش والنجر وحاوي القهوة والابريق.
أدوات الركوب: وضعت في جهة بالقرب من أدوات الضيافة ونظمت بشكل جيد ودعمت بالصور التوضيحية لأدوات الركوب وتمثل هذه الأدوات الشداد والقتب والسرج والخرج.
كذلك العملات المعدنية والورقية السعودية وتوضح نوعية العملات التي كانت سائدة ومنتشرة الاستعمال في الجزيرة العربية قبل الدولة السعودية وبالأخص في بلاد الحجاز علاوة على لوحة لاعطاء فكرة موجزة عن تطور النقد السعودي ووضعت في خزانتين أحداهما خاصة بالعملة المعدنية والأخرى بالعملة الورقية وتمثل هذه العملات مسكوكات معدنية من عهد الملك عبد العزيز وعهد الملك سعود بن عبد العزيز وعهد الملك فيصل بن عبد العزيز وأقدمها سك الحجاز للبارة التركية سنة 1327ه وقد رتبت حسب سنة السك بدءاًمن 1327ه وحتى آخر مسكوكات السعودية سنة 1392ه .
أما العملات الورقية فهي مرتبة ومنظمة حسب سنة الإصدار من عهد الملك عبد العزيز آل سعود سنة 1372ه وعهد الملك سعود بن عبد العزيز وعهد الملك فيصل بن عبد العزيز وعهد الملك خالد بن عبد العزيز إلى عهد الملك فهد بن عبد العزيز خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله
قاعة الأمير محمد بن فهد الإضافة الهامة
وأخيراً حدثنا مدير المتحف الاقليمي بالمنطقة الشرقية عن قاعة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية التي افتتحها سموه مؤخراً واسباب تأسيسها فقال: نظراً لاهتمام صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز بالمأثورات الشعبية فقد تم شراء مقتنيات من المأثور بموافقة سموه من تركة أحد رجال القطيف المثقفين الذين اهتموا بالتراث وجمع وثائقه المادية ومن المؤرخين وجامعي المخطوطات الشيخ محمد بن فارس رحمه الله واصبحت تلك المقتنيات بداية لمقتنيات قاعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز بمتحف الدمام الاقليمي.
وصدرت موافقة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز على إنشاء قاعة للأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز للتراث بتاريخ 7/1/1414ه بعد طلب من مدير عام التعليم بالمنطقة الشرقية الدكتور سعيد عطية أبو عالي.
وتمثل مقتنيات القاعة بوضعها الحالي موروثات شعبية ووثائق تاريخية ستبقى ان شاء الله شاهداً من شواهد العطاء السخي الذي يبذله سموه في المجالات العلمية والثقافية.
وتضم القاعة المجموعات الآتية:
مجموعة من المسكوكات يصل عددها إلى اكثر من ألف قطعة من عصور ما قبل الإسلام وحتى عصر الدولة السعودية.
مجموعة من الأبواب القديمة تبلغ عشرين باباً مختلفة الأحجام منها أبواب داخلية وأبواب خارجية ومنها أبواب مؤرخة وعليها نقوش وزخارف وكتابات لآيات قرآنية وبعضها يعود إلى ما يقارب ثلاثة قرون من الزمن ومن بينها ماهو مؤرخ في ذي الحجة عام 1117ه.
مجموعة من الزخارف الجصية التي تعتبر من عناصر العمارة التقليدية بمنطقة الخليج عامة والمنطقة الشرقية بشكل خاص حيث استخدمت لتزيين الواجهات والنوافذ والرواشن وعناصرها زخارف إسلامية قوامها زخارف نباتية وهندسية وتبلغ مجموعة الزخارف أكثر من 75 قطعة جصية مختلفة الأحجام ,, وهذه الزخارف تعد في حكم النادر بمنطقة الخليج وسوف تكون إن شاء الله مجال دراسات معمارية وفنية مختلفة.
مجموعة من الاسلحة القديمة والمتنوعة منها خمس غدارات وطبنجتان وتسع بندقيات منها مسدسان قديمان وخنجر عربي ثمين.
مجموعة من جرار التخزين الفخارية وأنواع من أدوات الشرب والأزيرة والجحال الفخارية وجرار مزججة جميلة ونادرة وجميعها ذات نمط محلي.
مجموعة من قوارير زجاجية كبيرة تسمى محلياً القربيات وكانت تستخدم لتخزين ماء الورد والماء المقطر.
مجموعة من الخزفيات وصندوق المبوت من خشب السيسم,
مجموعة من الخرز وأدوات الزينة.
ويعرض في القاعة جانب من تاريخنا الحديث ليسجل مواقف رجال بلادنا الذين بنوا تاريخه الشامخ فالمقتنيات تضم ما يلي:
سك تذكاري لمؤسس المملكة العربية السعودية المغفور له إن شاء الله الملك عبدالعزيز آل سعود 1293 1373ه ,
سك تذكاري لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود سك بمناسبة توسعة الحرم النبوي الشريف.
سك تذكاري بمناسبة افتتاح جسر الملك فهد جسر السعودية البحرين 1406 1986م,
واختتم الحشاش حديثه مؤكداً:
إن قاعة الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز ستكون بمشئية الله نواة لمركز الوثائق التاريخية حيث إن المقتنيات شملت عدداً من المخطوطات والوثائق منها:
نسخة مخطوطة للمصحف الشريف خطت سنة 1258ه .
مخطوط شرح كتاب المخلص في علم الهيئة.
مصحف مطبوع طباعة حجرية وبداية سورة مخطوطة يعود تاريخ طباعته إلى اكثر من مائة عام.
مخطوط كنز الدقائق في علم الفقه الحنفي المؤلف ابو البركات عبدالله بن أحمد بن محمود النسخي تاريخ النسخ 1258ه,
مخطوط منبهات ابن حجر الاستعداد ليوم الميعاد القرن التاسع الهجري.
مخطوط شرح الشمسية تاريخ النسخ 18/9/1262ه,
كتاب النهاية في غريب الحديث، المؤلف مجد الدين أبو سعادات بن محمد بن محمد بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير رحمه الله تعالى الناسخ سليمان بن أحمد بن عيد العارضي، 23 جمادى الآخرة 1269ه.
مخطوط درة سنية ومدحة بهية يعود للقرن الحادي عشر الهجري .
مجموعة كتب قديمة مطبوعة لها اكثر من مائة عام.
كتاب إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العباس.
ديوان علي بن المقرب العيوني، تاريخ الطبع 1311ه.
كتاب نكت وفكاهة 1308ه.
مخطوط ثماني رسائل في المعاني والبيان، نسخ سنة 1838م,
مخطوط في تفسير القرآن الكريم وأيضاً بعض سور من القرآن وأدعيته.
مخطوط في علم المنطق.
مخطوط أحمد بن مالك الألفية.
مخطوط اجزاء بلغت نصف القرآن وتعد هذه المخطوطة من النوادر في علم المخطوطات.
مخطوط هداية العباد,
مخطوط الأنوار العمانية بتاريخ 1275ه سنة التأليف 1089ه,ومن خلال هذا العرض تبين أن هذه القاعة تعد بحق رافداً من روافد الثقافة بهذه المنطقة وتمثل ركيزة قوية لمعروضات المتحف الاقليمي بالدمام ولها نكهة خاصة تحمل طابع المنطقة وتسجل تاريخاً مشرفاً لعطاءات ثقافية وهدية رائعة يقدمها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية لأبناء المنطقة والمقيمين وللباحثين والدارسين إيماناً من سموه بأهميتها ليس في المنطقة فحسب بل في كافة أرجاء المملكة.