دور الجمعيات الأهلية في الرعاية اللاحقة مندل عبدالله القباع |
تعد الرعاية اللاحقة التي تنهض بها وزارة العمل والشئون الاجتماعية للموقوفين بالسجون السعودية نشاطا إنسانيا مهما، فلايكاد يخلو مجتمع من المجتمعات الإنسانية الحالية من شكل من اشكال الرعاية اللاحقة بغض النظر عن تقدم اوتخلف هذا المجتمع.
ويقصد بالرعاية اللاحقة انها تلك الرعاية التي توجه الى المحكوم عليه الذي امضىمدة الجزاء الجنائي السالب للحرية بهدف الأخذ بيده ومساعدته على أن يشارك أفراد المجتمع وأن يتحدد له مكان شريف محدد بينهم، بحيث يتحقق له الاستقرار لحياته المتوترة القلقة التي يصادفها فور الإفراج عنه بعد انقضاء مدة العقوبة التي سبق أن حكم عليه بها.
وهكذا قارئي العزيز يشير مفهوم الرعاية اللاحقة بصفة عامة الى الاهتمام والمساعدة التي تقدم للشخص الذي يفرج عنه من مؤسسة عقابية وذلك بهدف معاونته في جهوده التي يبذلها من أجل التكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه،ومن أجل التخفيف من حدة القلق الذي يواجهه عند انتهاء مدة العقوبة ويقدم خلالها مجموعة من المساعدات والخدمات المادية والمعنوية والاجتماعية والنفسية والإرشادات والتوجيهات التي تبذل للمفرج عنهم بقصد إصلاحهم وإعادة توافقهم مع المجتمع وأنساقه ونظمه.
وبناء عليه حددت الاجهزة المعنية بوزارة العمل والشئون الاجتماعية في المملكة أن الرعاية اللاحقة التي نعنيها تتمثل في الجهود الوقائية والعلاجية والتأهيلية، المكملة لجهود التهذيب والإصلاح التي بذلت للمفرج عنه اثناء قضائه فترة العقوبة السالبة للحرية داخل اسوار المؤسسة العقابية،وتهدف الى مساعدته على تجاوز أزمة الإفراج.
فالمفرج عنه عندما يعود الى حياة الحرية التي سلبت منه مدة قد تكون طويلة الى حد ما يصادف ظروفا اعتاد خلال فترة تنفيذ العقوبة مواجهتها فهو يفاجأ عند خروجه من أبواب المؤسسة العقابية بالحرية التامة التي سبق ان حرم منها لفترة طويلة, وكذا يواجه بمسئوليات كان قد تخلى عنها فترة إيداعه بالسجن,,وربما لا يستطيع تحملها، ويواجه بمطالب للحياة قهرية كان خالي الوفاض منها، وقد يضل الطريق لتحقيقها.
هذه هي الناحية الاجتماعية لأزمة الإفراج, أما الناحية النفسية فالمحكوم عليه يخرج عند انتهاء مدة العقوبة وهو يشعر بالخجل حيث وصم بوصمة الجريمة، ويعمق هذا الشعور لديه إذا صادف تجاهل أفراد المجتمع له وعدم موالاته أو الاهتمام به وتدبير أمره والأخذ بيده,, خاصة من قبل أهله وأبنائه وعشيرته,, ففي مثل هذه الظروف إذا لم يلق المفرج عنه رعاية ومعونة على مواجهة متطلبات الحياة فربما تنتكس الحالة ويعود مرة أخرى الى المسلكيات الانحرافية والحيدة عن خط السواء.
والمفرج عنه عقب خروجه من المؤسسة العقابية يواجه العديد من المشكلات التي يعود جزء منها الى المؤسسة العقابية ذاتها، وبعد انقضاء العقوبة وتنفيذها وخروجه الى المجتمع ومن هذه المشكلات مشكلة البطالة التي قد تضطره للعوز المادي ومشكلة التفكك الاسري ومشكلة التكيف مع الواقع الاجتماعي,وإذا لم نضع أو نوجد الحل المناسب لهذه المشكلات فقد تنعكس على الحاق الضرر بالمجتمع نفسه.
ونتيجة لهذه المشكلات نتوجه للجمعيات الأهلية التي يغلب عليها نشاط الرعاية الاجتماعية ان تضع ضمن اغراضها رعاية المفرج عنهم وتقديم كل عون ومساعدة ممكنة لهم, وان تضع هذه الجمعيات في حسبانها أوتتعاون مع الاجهزة الحكومية في هذا الصدد واضعة في اعتبارها أن قيامها بالرعاية اللاحقة للمفرج عنهم امرحيوي اذ انها استكمال للبرنامج العلاجي الذي بدأ منذ دخول السجين المؤسسة العقابية اوتخصيص جمعية خاصة تكون مهمتها القيام بهذه الرعاية.
ويتحدد دور الجمعيات الأهلية في الرعاية اللاحقة في ثلاثة مناح رئيسية قد تبدت لنا من خلال الخبرة العملية في هذا المجال وهي:
اولاً: إيجاد المأوى المناسب الذي يأوي اليه المفرج عنه اذا كان يعوزه المأوى وقد يخرج من المؤسسة العقابية دون ان يجد من يرحب بإيوائه من اقاربه أو معارفه، فإذا تعرض المفرج عنه لهذا الموقف وهو ما زال في بداية طريقه للحرية فإنه غالبا ما يعود للجريمة مرة ثانية.
ثانياً: مساعدة المفرج عنه بمبلغ من المال يعينه على مواجهة مطالب الحياة الضرورية في الفترة اللاحقة مباشرة علىخروجه من المؤسسة العقابية وذلك لدرء مخاطر عودة المفرج عنه الى دائرة الجريمة .
ثالثا: معونة المفرج عنه على الالتحاق بعمل ليكون مصدرا للرزق المشروع ومكانا لشغل الفراغ وسبيلا لاستعادة ثقته بنفسه، وبذلك يكون انجع وسيلة لإبعاده عن طريق الجريمة.
هكذا يكون دور الجمعيات الأهلية بما يحقق مصلحة المجتمع كله.
|
|
|