Wednesday 12th April,2000 G No.10058الطبعة الاولى الاربعاء 7 ,محرم 1421 العدد 10058



شمسٌ في ليلِ النَّفق,.
إبراهيم عبد الرحمن التركي

(1)
* إن جميع الناس متساوون، ومايُفرِّقهم عن بعضهم هو العقل والفضائل والعلوم,,.
نابليون بونابرت
* * *
* الوطنية لا تستدعي فقط أن يطلب الإنسان حقوقه الواجبة له على الوطن، بل يجب عليه أيضاً أن يؤدي الحقوق التي للوطن عليه,,.
رفاعة الطهطاوي
* * *
* نحن أصحاب ثقافة عريضة وحضارة عريقة، فلماذا لايمكن لنا الإسهام في عالم اليوم والغد.
جورج طرابيشي
* * *
(2)
** غابَ لونُ الشفق
عن تجلي الأُفقِ,.
ومضى ركبُ الهوى
م ُدلجاً في النّفقِ,.
وتوارى صبحُهم
في أنينِ الحُرَقِ,.
مالت الريحُ بهم
عن فضاءٍ أَلِقِ
وطووا راياتِهم
فوق قاعٍ الغَسقِ
ظنّ وهماً جمعُهم
السُّرى في الرمقِ
فإذا النورُ دجى
وإذا الرائي شقي,.
* * *
(3)
** كثيراً ما يبحث الإنسانُ تحت قدميه، ولايتطلعُ إلى ما فوق رأسه ليجد ذهنَه وقلبه وجوارحه مشغولةً بالهم اليومي فيؤرقه البحثُ عن وظيفة ، أو الركضُ خلف ترقية ، أو المنافسةُ في دوائر العملِ ، والعاطفة وهمومِ الذات المنطلقة من الحاجة المنتهية إلى إشباعها ,,!
** تنتهي مشكلتُه الخاصة فيظُن أن لا مشكلة تستحقُّ الالتفات، ومادام قد اطمأن فلا معنى للقلق ,, وما أجمل الحياة ,,!
** هنا يختفي الهمّ الجمعيُّ العام، أو يتأخر إلى الدرجة الثانية والثالثة والأخيرة ربما وقراءةُ المشكلة النائية بالعرف الشخصي المرتبط بقضاياه المباشرة تحتاجُ إلى تأسيس ثقافي مختلف يضعُ الجماعة قبل الفرد ، ومصالح الأمة مقدمة على مصلحة الأشخاص,,!
* * *
(4/1)
** في كتابه (عاشقٌ لعار التاريخ) اختتم عبد الله القصيمي (1903 1995م) رؤاهُ بلغةٍ واقعية تختلف قليلاً عن إنشائيته أو صوتيته التي أنزلته من موقع المفكر إلى موقع الثائر ، وفيما يبقى الأول على مرّ الأزمنة ، يتوارى الآخر بمجرد تجاوز الحدث الذي قاد إلى التغيير ، وربما نال انتقاداً ِممَّن صفقوا له أو ورثوا التصفيق عن مجايليه ,.
** الحكمُ هنا يتجاوزُ شخص القصيمي الذي كان بإمكانه أن يكون، ثم توارى داخل دوائرِ الرفضِ التي مثلت علامة فارقة لثقافة الخمسينيات والستينيات دون أن ترتقي لتقدِّم نماذجَ بديلةً قادرة على التأثير ,,!
* * *
4/2
* ليس هذا مجال قولنا فلنعد إلى كلمات القصيمي الموجعة، حيث رأى:
* أن كلَّ كائنٍ في هذا العالم لَيغضبُه جوع البرغوث الذي يعنيه دون جوع الشمس الذي لايعنيه,.
وأن انتحار الشمس التي لانتعامل معها لن يصنع لنا شيئاً من الانزعاج الذي يصنعُه لنا انتحار الشمعة التي نتعامل معها .
** وقد وصل إلى هذه النتيجة بعد مقدمات وجد نفسه في نهايتها منفياً إلى اليقظة وفيها شاهد كُلَّ من في العالم مشغولاً بممارسته لتفاهاته ومسراتِه، ومشغولاً بالتحديق الى وجهه عن النظر إلى الآلام والعار في وجوه الأشياء وفي أخلاقها، ومشغولاً بمشكلاته، بممارسته لذنوبه، عن الغضب لكرامته، وبهمومه ذات المستوى البرغوثي عن هموم النجوم ذات المستوى الكوني ,,,, .
ص 251 252
** لن نقف معه في هذه الجزئية فإنما مثّل واقعاً عاشه القَبل ويعيشُه البَعد ، ويظلُّ مساراً يعبُره الخلف بعد السلف ، مؤمنين بشعار: أنا ومن بعدي الطوفان,,, !
** ولو أدركنا لرأينا الطوفان يبدأ بغيرنا ليحتوينا مثلهم، ولو تبصرنا لاتّقينا فتنة لاتصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة,,, !
* * *
(5)
** السؤال الذي لايزالُ يبحثُ عن الإجابة هو أسباب تواري العناية بالمشكلات العامة وتقديم الخاصة ، وهو ماينبطقُ كذلك على الرغبات والحاجات والطموحات ونحوها.
** والسؤال الآخر الأكثر أهمية يتصل بصعود وإن كان مؤقتاً للفئات التي تعنى بهذه المناحي العارضة على حساب الفئات الأخرى التي تصرفُ وقتها وجهدها للتأسيس لمراحل التغيير الدائم التي تمسُّ الجذور وتمتد بالتالي للأغصان والأوراق ,,؟!
** سؤالان مُهمان بالإمكان اختزالُ التفكير حولهما في عناية المرء بما يُباشرُ حياته، ومتابعة الناس لمن يهتمُّ بأشيائهم ، ليظلَّ السّجال مفتوحاً يدلفُ إليه هؤلاءِ وأولئك فينصف الواقع العابرين على الأقدام ، ويحفظ التاريخ حقوق المصلحين والمفكرين ,,!
* * *
(6)
** إيمري موداتش 1823 1864م شاعرٌ مجريٌّ شهير عرف بمسرحيته الدراميّة الشعرية (مأساة الإنسان)، التي نشرت بالمجرية لأول مرة عام 1862م وترجمها إلى اللغة العربية (عيسى الناعوري) وصدرت عام 1969م,!
** تتصل المسرحية بإعطاء بعدٍ جديد في موضوع الحياة والصراع بين الخير والشر من أجل السيطرة على النفس وتوجيهها لخدمة المنتصر ، حيث يختلف العقل مع العاطفة ، والعلم مع الأدب والحقيقة مع الشعر ، والوجود مع الزوال ، والجمال والجلال مع المنفعة والمصلحة، والدائم مع المؤقت ، وتختتم المسرحية بهذا المشهد:
** عظيم أن تختار بمحض إرادتك الخير أو الشر وأن تعلم أن رحمة الله تحمينا.
وأن تعمل ببطولة دون حزن
ولو احتقرك الجموع,.
فلا تكافح لأجل الحمد الذي تكسبه في الدنيا بل ارفع رايتك.
* احترم نفسك
واخجل إذا لم تفعل ذلك
إن الخجل سيشدُّ الأنذال إلى الأرض
ويرفع أقوياء القلوب إلى الفضاء
كافح أيها الإنسان
كافح بإيمان وثقة,,.
* * *
(7)
** أضحت مصطلحات (الصالح العام)، (المصلحة المشتركة)، (خير الأمة)، وما انضوى في دوائرها ، مصطلحاتٍ مكرورةً تُردَّدُ بمناسبة وبدونها، وتحولت إلى لوازم ثابتة،ٍ لا تدلُّ على أكثرَ من سياحة كلاميَّة محفوظة تشير إلى معاني مجرّدة لا تستحقُّ الوقوف أو حتى الانتظار ,,!
** وهنا يؤمن البلاغيون أن للكلمة حركة تشبه حركة الإنسان المتغيرة، مما يتطلب تمييزاً حاسماً بين معانيها في أجوائها المختلفة أي بين ماهو حقيقي ، ووهمي ، وماهو حسيّ أو معنوي وبين الدلالات الوصفيّة والالتزامية ، ونحو ذلك,.
** وكان من رأي عبدالقاهر الجرجاني ان الكلمات كائنات حية تجبر على ما لا تطيق، وتتعرض مثل الإنسان للمرض، وأن لا مناص من ضبط نموّها، فهي معرضةٌ للاختلاط والتشويه والمزايدة.
* * *
(8)
** مُنيت الثقافة العربية بالخطابيّة التي رفعت الصوت والإنشائيّة التي فرّغت المعاني ، والتأويل الذي غيَّر التوجهات ، وكان من ذلك أن غلبت الشكلانيّة على المضامين ، والمبالغة على البلاغة ، وبتنا أمام سيل من المصطلحات الهائمةِ التي نتجولُ عبرها في الآفاق الإصلاحيّة دون أن نحطّ بها على الأرض ,,!
** ولعلَّ من يفصل الكلمة عن مدلولاتها مراجعٌ اقتناعاته، فالسياق مهم، والمباشرةُ أهم، والكلمة هي التي تدل على الخير أو الشر وتهدي إلى الحقِّ أو الزّيغ ، وتعلو بالأمة أو تضعها.
** وإذن فهو مثلث متساوي الأضلاع تشغل فيه الكلمة مدار الوساطة بين صالح الفرد والأمة ، وقد يتهيأ لها النجاح ، وربما انتهت كما مكوكيات الهرولة إلى هدوءٍ داخل الصَّخب ، وسلامٍ وسط الحرب ، وعدالةٍ بين الظُّلم والظَّلام والإظلام ,,!
* * *
هوامش وصل
** القاصة لميس منصور: المدينة المنورة.
شكراً، وبانتظار صدور مجموعتك الثانية، اما البريد الإلكتروني فهو:
IBRTURKI@ HOTMAIL.COM
** الأخت أديبة: الرياض
أتمنى لك التوفيق.
** الأخت صاحبة (الناسوخات دون اسم): الرياض.
لم أفهم ولا أظنني سأفهم,.
** الشاعر الكريم الأستاذ محمد العود: الإمارات.
شكراً لتحيتك، وتجد البريد الإلكتروني مع هذه الردود، دمت موفقاً.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

تحسين وضع وتعيين 5759 معلمة

منوعـات

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved