لاوقت للصمت المطبوعة غير مسؤولة فوزيه الجار الله |
في بداية سنواتي الأولى في الكتابة تقدم لي أحد الصحفيين ببعض الأسئلة لإجابتها وكان صحفياً مستجداً في عالم الصحافة والكتابة .
وبعد أن قدّم أسئلته سألني سؤالاً جانبياً على هامش الحوار: هل يبدِّل رئيس التحرير فيما تكتبين شيئاً بالحذف أو الإضافة؟!
أجبته بأن ذلك كان في خطواتي الأولى من باب التوجيه.
قال مندهشاً: المقال بأكمله من إعدادك أنت فقط!
أجبت: نعم!
ولا يضع رئيس التحرير العنوان,.
لا,, أنا أكتب العنوان,.
أجاب بسرعة: إذن ماذا يفعل رئيس التحرير؟!
وهأنذا الآن أجيب بعد مرور سنوات أخرى من ممارستي للكتابة بأن الوضع الأفضل والمطلوب ألا يفعل رئيس التحرير شيئاً عدا التوجيه من بعيد وترك الحرية للكاتب الذي أصبح ممتهناً للكتابة ومحترفاً لها ومدركاً إلى أبعد مدى أبوابها الأمامية والخلفية.
ويبدو لي أن من أنجح المطبوعات تلك التي تكتب ملاحظة في المقدمة تقول فيها:
المقالات المنشورة في هذه المطبوعة (صحيفة أو مجلة) تمثل رأي صاحبها ولا تمثل رأي المطبوعة بالضرورة!
بالمناسبة، كم مطبوعة لدينا تتبنى هذا الرأي؟!
***
إذا كان ثمة حسنة للتوقف المؤقت عن الكتابة فهو القراءة العميقة والتأمل والتفكر بأناة فيما حولك، والقدرة على لملمة الأفكار والانتقاء من خضم الموج الهائل الذي تطرحه وسائل الإعلام يومياً دون أن تكون طرفاً فيها، بل متفرجاً خارج الحلبة إن صح لنا تسميتها كذلك .
وقد كانت لي فرصة للتمتع بمثل ذلك في الأيام الماضية لكنني كنت أتقلب بين نارين: نار التأمل ونار الشوق للورق والكتابة,, كنت أتأمل ما حولي خاصة وسائلنا الاعلامية عن كثب,, وأحاول قدر الإمكان تشكيل صورة لما يحدث,.
وربما لا أقر جديداً حين أشير إلى أي مدى تبدو أهمية وخطورة الإعلام في تكريس الوعي لدى المجتمع وفي حلِّ مشكلاتنا في كافة الجهات الحكومية,, وفي الإشارة إلى أخطائنا,, والحوار المفتوح حولها بكل حب وتفهم,, وهذا يتطلب تفاعلاً مستمراً ما بين الكتَّاب والقراء من جهة,, وما بين المسؤولين في الجهات الحكومية من جهة أخرى؛ بمعنى ألا يجد الكاتب نفسه يوماً يصرخ في وادٍ اصم,, أو يكتب لمن لا يملكون وقتاً للقراءة,, بمعنى أنه يكتب لنفسه فتلك والله كارثة,, وأي كارثة!!
|
|
|