في ظل المماطلة وعدم الالتزام بالسداد السلفة في طريقها للانقراض |
* بريدة محمد الحنايا
يظل الإنسان وبحكم طبيعته وتركيبته فقيراً بنفسه غنيا بغيره، الأمر الذي فرض معه آلية اجتماعية تتجلى نوعية صورها عطفاً على الثوابت الحقيقية للمجتمع والمنطلقات الأساسية له.
ولعل المجتمع السعودي يعد انموذجاً متفرداً من حيث المثالية انطلاقاً من الرواسخ الجوهرية التي ترعرع عليها.
من هنا فإن جملة من المعطيات تأتي في السياق الايجابي للمجتمع مجسدة واقعاً حضارياً لمعنى التناغم والترابط.
ومن ضمن الأشياء التي ربما تتربع على قمة التعاملات بين أقطاب المجتمع السعودي السلفة وهي بحد ذاتها سلوك متميز وتوجه رائع يحمل معاني سامية ومدلولات صادقة تسهم في مواجهة الأزمات وتقوية أواصر المحبة والتقارب.
بيد أن ذلك ليس على اطلاقه فقد تسهم السلفة بنقيض اهدافها الحقيقية,,
اسقاطات متعددة وحيثيات متفرقة حول هذا الموضوع.
* الأستاذ محمد اليحيى موظف يقول: إن القرض الحسن أو السلفة لا يكاد يخلو منه أي من المجتمعات الانسانية بيد أن ذلك بتفاوت ملحوظ.
وبما أن مجتمعنا السعودي ولله الحمد يتميز بكونه يستمد منهجه من معايير شرعية ربانية ذات منطلقات وثوابت تسعى لخير البشرية فان من الواضح التكاتف، والتعاون، والتناغم بين فئاته.
من هنا فإن انتشار السلفة وتعاطيها فيه أمر طبيعي جداً أكد عليه الشارع الحكيم وربما ساهم في فرضية ظروف عارضة وانا شخصياً أدرك يقيناً ان هناك من لا يقدر ولا يثمن هذا التفاعل الايجابي من خلال التخلف عن السداد والمماطلة فيه ولكن هذا لا يجب ان يكون سبباً في اختفاء القرض الحسن لأن تقديمه أصلاً من باب المعروف الذي يجعلنا حقيقة قد نتغاضى عن أسوأ الاحتمالات التي قد تقع.
كما أن التعميم في الأحكام يكون جائراً في كثير من الأحيان.
وبالتالي فإن أفراد المجتمع بحاجة الى بعضهم البعض فالانسان فقير بنفسه مهما وصل ومهما بلغ.
هذا اضافة إلى الاجر العظيم لصاحب القرض الحسن.
* فهد العجلان معلم يضيف قائلاً:
في تصوري ان السلفة انتشرت أكثر مما ينبغي وخاصة لدى فئة الشباب، وأعتقد جازماً انه يمكن الترشيد منها لأن دواعيها وأسبابها غالباً ما تكون لكماليات لا ضرورة لها.
ثم إن الوفاء في هذا الوقت ثقيل جداً وقد يكون سبباً في اختفائها وهو ما لا نريده لأن هناك من هو محتاج فعلاً ويبحث عن من يفرج له ويساعده في التغلب على ظروفه.
ومن هنا فإنني أهيب بكل من استفاد من السلفة ان يكون تجاوبه في السداد مماثلا لحرصه على الرغبة في الحصول على المبلغ لأن ذلك يأتي في اطار الوفاء والحفاظ على متانة المجتمع وتفاعل فئاته بصورة تسهم في تميزه.
* مبيريك الخراز موظف قال:
ان الهدف من تقديم السلفة لمن يحتاجها هو المعروف، ومد جسور التواصل والتعاون تحقيقاً لأسمى الغايات التي أقرها الشرع بنصوص كثيرة.
ولكن الهدف قد يكون للأسف الشديد عكس ذلك تماماً فيحل التنافر والتباغض بين المقرض والمقترض والسبب هو المماطلة وتأخير السداد والتهرب منه رغم زوال الظروف.
أيضاً نجد ذلك ساهم والى حد كبير في الخلط بين من يعاني من الظروف فعلاً، وبين من ينوي ابتزاز الآخرين وهو أسلوب ممجوج يؤدي إلى اتساع الهوة بين أفراد المجتمع، ويعتم الصورة ويفسد التعاملات القائمة على المصداقية وقد يكون له نتائج سلبية أخرى كغلبة الدين اذا ضاق الانسان ذرعاً ولم يجد من يقرضه قرضاً حسناً في ظل تخوف الناس واحجامهم عن تقديم السلفة.
* أحمد فريح الحارثي أضاف قائلاً:
ان السلفة قد تكون في طريقها إلى الزوال لسببن: أولهما: عدم وفاء المستفيدين وثانيهما: نشوب بعض المشاكل المترتبة على السلفة بسبب التهرب من السداد.
وأنا هنا أود أن أنبه إلى قضية هي في غاية الأهمية ألا وهي العادة في استمراء السلفة فإن الانسان يتعود على ذلك ولا يستطيع التخلص منه وبالتالي فانه يستمر وتتراكم عليه الالتزامات المالية التي قد يصعب التخلص منها أو حتى تقليصها بسهولة.
أما اذا نظم وضعه ورتب أموره فانه بتوفيق الله لن يحتاج إلى أحد.
وكم بودنا ان يقتصر أمر السلفة على المحتاجين لها فعلاً.
وكم نتطلع إلى أن تكون السلفة سبباً في تكاتف وتعاون المجتمع بدلاً من تنافره وتباغضه.
* ويقول الشاب فايز الحربي استغرب تماماً استشراء السلفة حتى بين صغار السن والنساء.
ولسنا ضدها إذا كانت في مسارها الصحيح بيد أننا ضد أن تكون سبباً في البغضاء وعدم الثقة، وتعميم الأحكام، وتضرر المحتاجين إليها بالفعل.
وأنصح الشباب بعدم المبالغة فيها لأنه قد يعتادها الانسان ومن ثم لا يستطيع التخلص منها.
كما انني في الوقت ذاته أدعو الجميع إلى عدم منح المبالغ المالية إلا لمن هو في حاجتها فعلاً.
وان تكون المصداقية عنوان التعامل لنحافظ على ثوابت المجتمع السعودي الذي يستمد منهجه من القرآن الكريم والسنة المطهرة.
|
|
|