انتقل إلى رحمة الله الأستاذ الدكتور بدوي بن أحمد طبانة، وكان رحيله فاجعة لطلابه ومحبيه وزملائه، فرحيل العلماء ليس موتاً جسدياً بل هو موت لعلم حملوا أمانته إبان حياتهم، ولن يبقى منه بعد موتهم إلا ما سطروه في كتاب أو علموه لطلاب، وقد جمع د, بدوي طبانة بين ذلك فترك على رفوف المكتبة كتباً نفيسه، وخلف طلاباً في كثير من دول العالم العربي.
ولد الدكتور طبانة بمدينة الشهداء بمحافظة المنوفية بمصر في الثامن من سبتمبر 1914م وتوفي في شهر فبراير عام 2000م وقد عرفت بوفاته من أصدقائه ولم أعرف اليوم،وقد حفظ القرآن الكريم وأتم دراسته الابتدائية في مسقط رأسه ثم رحل إلى القاهرة، وأتم دراسته بها حتى تخرج في كلية دار العلوم في اللغة العربية وآدابها سنة 1938م، فهو دَر عمي وكان الدرعميون مميزين في ذلك الجيل لما تميزت به تلك الكلية آنذاك، ثم حصل على الماجستير سنة 1951م من جامعة القاهرة في النقد الأدبي والبلاغة وكان موضوع الدراسة أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية أما الدكتوراه فكانت في عام 1953م بعنوان قدامة بن جعفر والنقد الأدبي .
عمل مدرساً بعد تخرجه من دار العلوم بوزارة المعارف المصرية ثم انتقل إلى التدريس الجامعي مدرساً فاستاذاً مساعداً، فأستاذاً، فاستاذ كرسي ورئيساً لقسم البلاغة والنقد في دار العلوم، وعمل استاذاً للنقد الأدبي في جامعات بغداد وطرابلس ثم عمل سنوات طويلة في آخر حياته أستاذاً للنقد الأدبي في كلية اللغة العربية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وخلال عمره العلمي أشرف على عدد كبير قارب السبعين من حملة الماجستير والدكتوراه في الجامعات التي درس فيها، ومنهم كثير في جامعة الإمام بالرياض يضاف إلى ذلك مشاركته في عدد من المؤتمرات الأدبية ومؤتمرات الأدباء العرب.
عرفت الدكتور طبانة أثناء اقامته في الرياض من خلال الجامعة، ومن خلال إعداده لبرنامج أدبي لاذاعة الرياض، وقد قدمت ذلك وأظن اسمه إن لم تخني الذاكرة ,, من قضايا النقد وكان يقدم فيه دراسات نقدية لدواوين شعراء معاصرين كما أعد للاذاعة أحاديث ثقافية إذاعية.
وكان الدكتور بدوي من رواد ندوة الرفاعي في الرياض التي تعقد ليلة الجمعة لا يكاد يتخلف عن حضورها، وقد ألقى فيها كثيراً من شعره، فهو شاعر مقل، وقد سمعت منه أنه انصرف عن الشعر لأنه أراد ان يعرف بالعلم لا بالشعر، ويدل على انصرافه للعلم كتبه التي سأذكرها فيما بعد، وكان يتسم بالتواضع وحسن التعامل واللطف والنكتة فبالرغم من أن عمره قد جاوز الستين حينما كان بالرياض إلا أن اجابته اذا سئل عن ذلك كانت اعرف انني جاوزت الأربعين فقط .
لقد عمر الدكتور طبانة 86 عاماً كانت حافلة بالعطاء العلمي وأغنى مكتبة النقد الأدبي بنفائس تصنف إلى جانب مؤلفات النقاد الكبار في سالف الزمن وحاضره، ومما تركه من آثاره:
1 التيارات المعاصرة في النقد الأدبي.
2 دراسات في نقد الأدب العربي، وهو عن نشأة النقد وآثار النقاد ومناهجهم حتى القرن الرابع الهجري.
3 قدامة بن جعفر والنقد الأدبي، وهو تحقيق لحياته وآثاره ومنهجه في النقد.
4 أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية والنقدية.
5 قضايا النقد الأدبي الوحدة والالتزام والوضوح والاطار والمضمون .
6 النقد الأدبي عند اليونان، وهو دراسة للنقد قبل أرسطو ثم لأراء ارسطو في الشعر والخطابة وأثر الفكرة اليونانية في النقد العربي.
7 السرقات الأدبية، وهو دراسة في ابتكار الأعمال الأدبية وتقليدها.
8 نظرات في أصول الأدب والنقد، وهو دراسة في بنية الأدب واتجاهات النقد.
9 معلقات العرب، وهو دراسة نقدية تاريخية.
10 البيان العربي، وهو دراسة في تطور الفكرة البلاغية عند العرب ومناهجها ومصادرها الكبرى.
11 علم البيان، وهو دراسة تاريخية فنية.
12 معجم البلاغة العربية، وهوموسوعة في فنون البلاغة وأدواتها ومصطلحاتها مرتبة حسب ترتيب حروف الهجاء.
13 معروف الرصافي.
14 أدب المرأة العراقية.
15 الصاحب بن عبّاد.
16 شاعرية أحمد محرم.
17 المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر لابن الأثير، تحقيق وشرح.
18 الفلك الدائر على المثل السائر لابن أبي الحديد، شرح وتحقيق.
19 مقدمة في التصوف، وهو دراسة تحليلية لشخصية الغزالي وفلسفته في كتاب احياء علوم الدين.
20 شعراء الصحوة في المملكة العربية السعودية.
21 البلاغة العربية، تخطيط لمنهج جديد في البحث البلاغي.
22 معاني الكلام الفكرة والصورة في الفن الأدبي .
23 فرسان الحلبة في الشعر العراقي الحديث وهو دراسة لخمسة شعراء ربطته بهم صداقة عند تدريسه هناك.
24 فريدة القصر وجريدة العصر للعماء الأصفهاني، تحقيق للقسم المصري منها ولا أدري ان كان قد أخرجها أم لم يخرجها بعد طباعة د, شوقي ضيف لها فقد سمعت منه كلاماً حولها صار بينه وبين د, ضيف.
25 خواطر وذكريات,, على هامش الحياة الأدبية.
26 طلائع النهضة في الشعر السعودي الحديث، وهو دراسة تحليلية نقدية لطائفة من شعرائه المتقدمين وقد يكون هو ما سبق برقم 20 حيث لم أطلع عليهما لكنه نشر الاسمين ضمن قائمة مؤلفاته .
27 بقايا الحصاد، وهو دراسة نقدية في مصنفات وبحوث أدبية حديثة.
28 قدامى ومحدثون من أدباء العربية وشعرائها، وهو دراسة لطائفة من أعلام الأدب,هذا ما أعرفه عن مؤلفاته وقد يكون لدى طلابه ما لم أعرفه، وهي مؤلفات خلدت صاحبها وبقي حياً بها، وقد اطلعت على بعضها وبعضها الآخر لم أره، واعتمدت على ما ذيل به المؤلف المطبوع منها، وبخاصة آخر كتاب أصدره ووصلني منه باهداء مكتوب عام 1412ه, رحم الله د, بدوي فقد ترك فراغاً مثل غيره من العلماء الذين يحس الناس بموتهم، ولكن حسبنا ان الطريق مسلوك، والآخر سيدرك الأول، ونسأل الله حسن الختام.
د, عائض الردادي