رأي الجزيرة القمة الأولى لدول الجنوب في العالم |
لأول مرة في تاريخها الحديث والمعاصر، تعقد دول الجنوب الفقير في العالم قمتها الجاذبة للاهتمام الدولي في العاصمة الكوبية هافانا .
وعبّرت مشاركة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في هذه القمة عن الاهتمام الدولي بما قد تسفر عنه من قرارات لصالح دولها وشعوبها التي عانت على مدى قرون طويلة وما زالت تعاني من الفقر والجهل والمرض.
وجاء انعقاد قمة هافانا اليوم بعد يومين فقط من انتهاء مؤتمر هام لوزراء خارجية دول حركة عدم الانحياز الذي عقد في غرب جمهورية كولومبيا وأصدر توصيات سترفع لقمة الحركة القادمة، وهي التوصيات لا تختلف القضايا التي تعالجها عن ذات القضايا التي يتعين على قمة دول الجنوب معالجتها: الفقر والجهل والمرض، والحقوق في التنمية الاقتصادية، والتخلص من النزاعات المسلحة في دولها والتصدي لمحاولات القوى الكبرى الغنية تهميش دول الجنوب في النظام العالمي الجديد الذي يقوم على فلسفة العولمة السياسية والاقتصادية والإعلامية، والاتصالات بمختلف وسائلها وأهدافها.
وبمناسبة مشاركة المملكة في أعمال هذه القمة بوفدٍ رسمي يرأسه معالي مساعد وزير الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني، نستعيد من ذاكرة التاريخ ,, شهادة دولية ذاع صيتها على مستوى العالم صدرت من منظمة الدولية الاشتراكية التي كانت قد شاركت في أول مؤتمر قمة جمع بين زعماء دول الشمال الغني والجنوب الفقير في منتجع كانكون بجمهورية المكسيك وذلك في شهر اكتوبر عام 1981م.
فقد شهدت تلك المنظمة في تقرير قدمته لتلك القمة بأن المملكة العربية السعودية تأتي في مقدمة دول العالم المانحة للمساعدات الاقتصادية بشقيها: المالي والعيني، وأنها المملكة خصصت نسبة 6% من إجمالي ناتجها الوطني للمساعدات والقروض والهبات الانسانية للمحتاجين في العالم، وأنها بهذه النسبة تتفوق على أغنى دولة في العالم وهي الولايات المتحدة الأمريكية التي بلغت نسبة ما تخصصه للمساعدات الدولية 5,5% من جملة ناتجها الوطني، مع الفارق الكبير بين الناتجين الأمريكي والسعودي.
وتلي الولايات المتحدة دولة الكويت التي تخصص نسبة 5% من ناتجها الوطني لمساعدة الدول والشعوب المحتاجة.
ومشاركة المملكة في القمة الأولى لدول الجنوب الفقير، تتيح فرصة لالتزام الموضوعية والواقعية في طروحات القمة وقراراتها المنتظرة خصوصاً وأن المملكة محسوبة على دول الشمال الغني بحكم قوة ومتانة اقتصادها الوطني وتزايد معدلات نموه، واتساع علاقاتها الدولية، وعضويتها البارزة والمؤثرة في مؤسسات التمويل الدولية كصندوق النقد والبنك الدوليين ومؤسسة التنمية الدولية، عدا المؤسسات المالية العربية، ومؤسساتها التمويلية الخاصة.
وتستطيع المملكة أن تلعب دوراً استراتيجياً في خدمة أهداف هذه القمة، وفي الدفاع عن حقوق دول الجنوب وشعوبها في الحرية والكرامة وكامل الحقوق الإنسانية والوطنية ومنها التنمية والرخاء والرفاهية والأمن والسلام والاستقرار.
وإذا كانت قمة هافانا اليوم مطالبة بأولوية ما من بين أهدافها، فيتعين أن تكون هذه الأولوية هي تصفية كافة أشكال النزاعات المسلحة في العديد من الدول الأعضاء فيها وأن تحاصر كل تجار السلاح الذين يغذُّون تلك النزاعات بالأسلحة والذخيرة.
وأن تتجه بعد ذلك إلى دول الشمال الغني بإرادة واحدة وأن تتحدث معها بصوت واحد، حتى تحتل دول الجنوب موقعاً مؤثراً ومشاركاً بقوة في صنع القرار الدولي في ظل النظام العالمي الجديد والعولمة بمختلف أشكالها ومجالاتها وأهدافها.
|
|
|