Wednesday 12th April,2000 G No.10058الطبعة الاولى الاربعاء 7 ,محرم 1421 العدد 10058



لما هو آتٍ
د,خيرية إبراهيم السقاف
زمنُكَ,, أنتَ,,.

الوقت,,.
زمن يمرق تدريه، ولا تدريه,,.
ربما تلمسه,,, وتُحدد لحظاته، وتُلوِّن ثوانيه,,, عندما يمرُّ بكَ فِرحاً,,, لديكَ معه أمر,,, موعدكَ فيه مع القرار، أو موعدكَ فيه مع الأمل,,,، أو موعدكَ فيه مع,,, ومع,,, مما يشكِّل لكَ أهمية، يضيف إليكَ، ويغيِّر عندكَ، ويحقق لكَ أو عنكَ,,.
لذا لا تنمحي من ذاكرتكَ وقفته معكَ حين يمر بكَ تاليه، المماثل له، في القادم منه فتسترجع: في مثل هذا الزمن من,,, ومن,, كان,,, وحدث,,, وصار,,, وبات,,.
والزمن يمرق بكَ,,, تهرب منه,,, لا يعنيك الوقوف عند بواباته، ولا الولوج منها، ولا تُلوِّنَه ولا تحَدَدَه، بل تهرب من لحظة وقوفكَ به، فكيف بخروجكَ من بواباته,,.
ذلك حين يأتيكَ بما لاتحب، يسلبك أو يُبدِّلك أو يُفقدك,,, أو لا يأتيك فيه ما تريد,,, فلا يكون موعدكَ، ولا تحمل فيه أملاً,,, ولا تنتظر فيه موعداً,,, وتهرب من تذكره، وتطمس على ما في ذاكرتكَ عنه,,.
أنت إنسان,,.
والإنسان يحسب أنه حتى الزمن يمكن أن يحرِّكه بين إصبعيه,,.
وحين يدركُ عجزه التام عن ذلك,,, فله معه شأن وشؤون,,.
كثيرون يُحمِّلون مراكب الزمن كلَّ الذي يُثقل على صدورهم، أو يُجهدهم التفكير فيه,,.
كثيرون يوسِمون الزمن بأخطائهم، ولكنَّهم لا يصفونه بصوابهم,,.
الإنسان أنتَ، تَعَوَّد أن يسند إليه ما يريد، ويتخلّص مما لا يريد,.
والزمن مشجبه الذي يعلِّق فوق فروعه وغصونه كافة لمحاته وخطراته وأفعاله وأفكاره، فهو زمن التضجُّر في كلِّ شيء، وهو زمن الحزن لكلِّ شيء، وهو زمن المادية الساحقة لكلِّ القيم، وهو زمن,,, وهو زمن,,,؟
من الذي يقول إن الزمن يتحمل أسفاراً وأسفاراً من البشر,,.
وهو لا يفعل ما تفعله الدواب,,.
هو ليس حماراً، وهو ليس بقرة,,, ولا هو أيضاً طائرة أو سفينة أو قطاراً، ولا هو ريحاً ولا خيالاً، ولا سحاباً ولا سراباً,,.
الزمن كُنهٌ: ملموسٌ غير ملموسٍ، ظاهرٌ خفيٌ، مرئيٌ لا مرئيٌ,,,، ناطقٌ غير ناطقٍ، سطحيٌ عميقٌ، عابرٌ باقٍ، قديمٌ جديدٌ، ماضٍ ثابتٌ، مخيفٌ مطمئِنٌ، فسيحٌ ضيقٌ، طويلٌ قصيرٌ، الزمن: ذلك الذي يجلس لكَ، يتربَّصكَ من حيث لا تراه، يسجِّل عليك دون وعيكَ بذلك، لا يخدعكَ، بل يصدُقكَ، صورتكَ التي لا تراها، وحقيقتكَ التي تجهلها، وصوتكَ الذي ترسله وتنساه، وعملكَ الذي تفعله ولا تعود إليه، وقولكَ الذي تُرسله ولا تحفظه,,, هو نُطقكَ، ونظركَ، ولونكَ، ورائحتكَ، وحركتكَ، وسكنتكَ، هو خطوتكَ، ولمستكَ،,,, وهو في النهاية بَصمتكَ، هو أنت,,.
زمنكَ أنت,,.
فكيف أنت؟!
تُرى لو رأيت الزمن وهو يجلس لكَ عند بابكَ، ونافذتكَ، وفوَّهة فمكَ، وطرف جفنكَ، وأرنبة أنفكَ، ومدخل أذنكَ,,, في كلِّ حركتكَ نائماً ويقظاً، فرحاً وحزيناً، صغيراً وكبيراً، متحدثاً أو فاعلاً,,, ماذا ستقول له؟!
هل ستشعر بأنكَ أمامه صغيرٌ صغيرٌ؟!
فيما هو يحصدكَ كلَّك قولاً وفعلاً وحركةً وتفكيراً، أنتَ تتجاهله وتنساه، وحين لا يروق لكَ مما حولكَ شيء، توسمه به؟!
أيمكنكَ اللحظة أن تفكر في اللحظة من عمر الزمن الذي لا يهدر شيئاً لكَ أو عنكَ كي تعمل معه على أن يسجل لكَ ما يحصيه عنكَ مما تعيه عندما تعرف دور الزمن في مراحل بقائكَ على الأرض؟!
فشمِّروا عنكم غفلتكم,,.
واحتفوا بضيافة الزمن في حياتكم,,.

رجوعأعلى الصفحة

الاولــى

محليــات

مقـالات

المجتمـع

الفنيــة

الثقافية

الاقتصادية

القرية الالكترونية

تحسين وضع وتعيين 5759 معلمة

منوعـات

تقارير

عزيزتـي الجزيرة

الريـاضيـة

مدارات شعبية

وطن ومواطن

العالم اليوم

الاخيــرة

الكاريكاتير


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]

أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved